Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور مهــــاتيـــــــر محــمـــــــــد كلمة رئيس مجلس الإدارة

الصفحـــة الرئيسيــة

كلمة رئيس مجلس الإدارة

مدينــــة دبـــــي الجامعيـــة

مهـــــــاتــيــــــر محمــــــــد

نـــزاع الشـــرق الأوســـط

عــــــوامــــات علـى النيــل

قصــــة ماســــة كوهينــور

الفـــــــــــــــــارابـــــــــــــي

امــــــــــرأة متمـيـــــــــــزة

تاريـــخ صـنـاعة الســاعات

الطبيعة في عيون عشاقهــا

الــلــــبـــــــــــــــــــــــــــــان

أمــــل الامــارات الأولمبـي

بطولة تحدي الحبتور الدولية للتنس

الحبتور للمشاريع الهندسية

أخبـــــــــــار الحبتــــــــــور

مــــــــــــــن نحـــــــــــــــن

الأعـــداد المـاضيـة

اتصلــــوا بنــــا

حين كان علم المنطق يتدهور في أوروبا، بعد انهيار المدرسة الرِواقية وحتى إرهاصات الثورة الفكرية الأوروبية في القرن الثاني عشر، كان مشهد جديد خصب لعلم المنطق يتطور في ناحية أخرى من العالم وهو الشرق.

كانت حركة التأليف في علم المنطق تتجه شرقاً نحو الممالك والإمارات العربية. وكان اهتمام العرب بالمنطق قد بدأ باكتساب الزخم منذ القرن التاسع للميلاد، حيث أصبحت بغداد مركزاً للفكر. لقد جذبت تلك المدينة الكثير من رجال المعرفة المهتمين بالعلم والفلسفة وتحديداً المنطق. ومن بين أبرز هؤلاء، الباحث المسلم، الفارابي. فإلى جانب إنجازاته اللاحقة، أنتج الفارابي مؤلفات في المنطق كان لها أكبر الأثر في تطوير علم المنطق في العالم العربي.وكان من أكبر المفكرين المسلمين في العصور الوسطى. ونتيجة لهذا أطلق عليه لقب المعلم الثاني، بعد أرسطو الذي كان يعتبر المعلم الأول.

حياة الفارابي

هو محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ الفارابي، وأصبح يعرف لاحقاً بأبي نصر الفارابي، أو باسمه المختصر الشائع، الفارابي. ولد عام 878 للميلاد في بلدة صغيرة اسمها فاراب فيما يعرف اليوم باسم أوترار في تركستان. بشكل عام حياة الفارابي غامضة نوعاً ما، حيث لم يكن هذا العالم مهتماً بتوثيق سيرة حياته، مع أن قدراً طيباً من المعلومات عنه يمكن استخلاصه من مؤلفاته.

ما نعرفه عنه هو أنه كان يتحدث لغات عدة منذ الطفولة. فإلى جانب كونه متحدراً من أصول ثقافية تركية، أصبح الفارابي ضليعاً بالعربية حين أخذه أهله إلى، بغداد مركز القيادة في العالم الإسلامي مثلما كانت مركزاً للعلوم والفلسفة الإغريقية. وكان والد الفارابي الذي يعمل في الحرس الشخصي التركي للخليفة هو الذي أخذه إلى بغداد. ومنذ ذلك اليوم جعل من بغداد موطناً له حيث عاش فيها أكثر من أربعين عاماً، من 901 إلى 941 للميلاد. وفي عام 942 رحل إلى مركز إشعاع آخر في العالم الإسلامي هو مدينة حلب في سوريا ليعيش تحت رعاية أميرها سيف الدولة الحمداني ويمضي فيها السنوات الأخيرة من حياته.

وبصورة عامة، عاش الفارابي حياة شغل فيها نفسه بدراسة علوم شتى. والواضح من مؤلفاته أنه لم يتوفر لديه الكثير من الوقت للنشاطات الاجتماعية. فهناك لدينا الآن 117 كتاباً من الكتب التي ألفها، من بينها 43 كتاباً في العلم الذي أثار اهتمامه أكثر من أي شيء آخر، ألا وهو المنطق. وإلى جانبها هناك 17 كتاباً في الموسيقى و11 في ما وراء الطبيعة و7 في الأخلاق و7 في السياسة و11 في التوثيق معظمها شروحات لأعمال الفلاسفة السابقين.

وأحد أكثر كتبه شعبية في علم الاجتماع يتحدث عن المدينة الفاضلة. عنوان الكتاب هو "آراء أهل المدينة الفاضلة" الذي أصبح لاحقاً واحداً من أهم المراجع في علم الاجتماع. ومن بين كتبه الأخرى ذات التأثير الكبير في علم الفلسفة مؤلف بعنوان "فصوص الحكمة"، أصبح لاحقاً الكتاب المرجعي الرئيسي في علم الفلسفة في الكثير من المراكز العلمية في البلاد العربية. وللفارابي أيضاً كتاب "إحصاء العلوم"، الذي يخوض في موضوع تصنيف القيم الجوهرية للعلم بطريقة مبتكرة. وإلى جانب العلوم الأكثر جدية، كان الفارابي مولعاً بالموسيقى حيث أصبح موسيقياً بارعاً، وهو ما ساعده في وضع كتبه التي تبحث في الموسيقى ومنها "كتاب الموسيقى". وهذا الكتاب لوحده كان له أثر بالغ على تطور الموسيقى في العالم العربي لدرجة أنه أصبح معروفاً وشائعاً بين الناس من أوروبا غرباً إلى الهند شرقاً.

من بين أكثر أوجه عمل الفارابي أهمية هو أنه كان قادراً على أخذ الفكر الفلسفي الهيليني وتكييفه مع العقلية العربية. حيث استطاع أن يجد أجوبة على الأسئلة الفلسفية والاجتماعية التي شغلت أذهان المسلمين ويقدمها لهم. فالفارابي كان يؤكد على أن الفلسفة يمكن لها أن تجد تربة خصبة للإزدهار في الإسلام وأنها كانت تمر في رحلة انحطاط في الغرب. كان الفارابي يعبر صراحة عن تبجيله الشديد للإسلام، الذي كان بالنسبة له، كدين، قادراً على أن يقدم الحقيقة بطريقة رمزية لغير الفلاسفة ممن هم غير قادرين تماماً على رؤية الحقيقة بشكل وجودها المطلق. وفيما يتعلق بهذه الفكرة، كان قدر كبير من مؤلفات الفارابي يعالج مسألة توصيف التنظيم الأمثل للدولة.

وعلى هذا الصعيد، يمكن للمرء أن يلمس تأثيراً أفلاطونياً قوياً. ففي توصيفه، أو بالأحرى وصفته، للدولة الكاملة، يطرح الفارابي عدة نقاط جوهرية لا يساوم عليها. أولاً، يجب أن تكون الدولة ذات نظام إسلامي، ومبرر وجودها هو فتح الأبواب أمام تحقيق الرخاء لكل مواطنيها. والفكرة الجوهرية الثانية هي أن الدولة المثالية يجب أن توجد فيها مؤسسات مختلفة لمساعدة مواطنيها ليكونوا أقرب إلى الخلاص الديني. كما أن من الضروري أن يكون رأس الدولة فيلسوفاً حقيقياً وأن يكون قادراً على إدراك الحقيقة. وفي حال عدم توفر مثل هذا الشخص، يجب على الدولة ألا تخول أي إنسان آخر منفرداً بكل السلطات العليا فيها. بل يجب أن تقود الدولة جمعية من الناس تحكم مجتمعة. غير أن هذه لم تكن الفكرة المفضلة حينها بطبيعة الحال. إن الدولة النموذجية يجب أن تكون محكومة من قبل فيلسوف، لأن في ذلك محاكاة للكون الذي يحكمه الله.

شرح أعمال أفلاطون

إن ما أثار إعجاب العرب بالفارابي هو الفارابي نفسه- الفيلسوف وعالم المنطق. فقد انطلق الفارابي مسلحاً بفهمه الفلسفي المعمق في مشروعه الاستكشافي الضخم  في عالم الفلسفة الكبير. وكانت الثمرة هي تلك الثقة الكبيرة التي وضعها إخوانه المسلمون فيه حين لقبوه بالمعلم الثاني، بعد أرسطو،  كما سبق وذكرنا. ولابد أن الفارابي كان فخوراً جداً بهذا اللقب، باعتبار أنه هو نفسه كان محللاً شارحاً لأعمال وأفكار أرسطو وأفلاطون.

في سياق دراسته للفلسفة الأفلاطونية رأى الفارابي أن الفكر هو نتاج أربع حواس. وأن مقدرة الإنسان الفكرية هي الصلة الأوثق التي تجمعه بالله. أولاً، هناك الحاسة الكامنة في الروح الإنسانية التي تفكر؛ وهذه قوة فكرية كامنة. وحين توظف هذه المقدرة لاستخلاص الأنماط الأفلاطونية الأساسية من الكينونات المادية، فإنها تصبح مقدرة فكرية فعلية. وفي مرحلة تالية، حين تبدأ التفكير في هذه الأنماط الأساسية وبالتالي في ذاتها، تصبح مقدرة فعلية مكتسبة. لكن مثل هذا التحول يتطلب سبباً كافياً، وذلك هو العقل الفعال. وهذا العقل الفعال هو المقدرة العقلية الأدنى الموجودة ذاتياً في الأجرام السماوية ، والمرتبطة بشكل لا حياد عنه وعبر نظرية الفيض بالعقل الأولى، ألا وهو الفعل السماوي السرمدي لإدراك الذات. وبالتالي، مادمنا نرى العقل الفعال على أنه يمثل جوهر العملية الفكرية، والتي عبرها نرسم صورة هذا العالم المؤقت، فإن الإنسان هو النتاج الجوهري لهذه العملية- جسد بلغ ببنيته حد الكمال وروح منطقية في الجانب النفسي.

وقد وسع الفارابي مستخدماً الموروث التراكمي للمدرسة الفلسفية الإغريقية، محيط الحقيقة النظرية في مسعاه لإرساء صيغتها. وكان مهتماً بشكل خاص بالعلاقة التي تجمع بين اللغة والمنطق. فقد كان الفارابي، بشروحاته الغزيرة لأعمال أرسطو في المنطق، أول من استخدم العربية لشرح كامل الاستعارات العلمية وغير العلمية للجدل. وبفضل عمله هذا، استطاع الفارابي أن يرسي مكانة المنطق باعتباره عنصراً أساسياً في التحليل الفلسفي. وبشكل عام، فإن مؤلفات الفارابي في العلوم الطبيعية استعارت من أعمال أرسطو الأولية وأفكاره في الفيزياء ودافعت عنها بتوضيحه بعض الأجزاء غير المكتملة منها.

الدين والفلسفة عند االفارابي

النصوص الضخمة التي وضعها الفارابي عن القضايا الدينية والسياسية ألقت بالضوء أمام عيون الفلاسفة العرب على مسألة التشابه والتباين بين الدين والفلسفة. فقد استعرض الفارابي مجموعة من القضايا المعقدة التي استطاع الفلاسفة اللاحقون أن ينقحوها ويبنوا عليها بأساليب متعددة. غير أن الفارابي كان ثابتاً على مقولاته. إذ يقول في أحد مخطوطاته إن من الصعب جداً تحديد ماهية الله بسبب محدودية مقدرتنا العقلية واتحادها بالمادة. ومثلما يمثل الضوء المبدأ الذي تصبح بفعله الألوان مرئية لنا، فسيكون من المنطقي أن نقول على النحو نفسه إن الضوء الكامل يجب أن يعطينا رؤية كاملة. لكن العكس تماماً هو الذي يحدث. ذلك أن من شأن ضوء كامل أن يبهر أبصارنا. الشيء نفسه ينطبق على الله. إذ أن المعرفة المحدودة المتاحة لدينا عن الله هي نتاج لحقيقة أن الله هو مطلق الكمال. وهذا يفسر كون كماله المطلق يحير عقولنا حين نتفكر به. لكن إذا تأتى لنا أن نجرد طبيعتنا من كل ما يمكن وصفه بأنه ’مادة‘، فمن المؤكد حينها أن إدراكنا لكينونته سيكون كاملاً.

بتأكيد الفارابي على أن الدين يحاكي أو يوازي الفلسفة، فإنه بذلك إنما يفترض أن المشرّع الملهم الحقيقي هو نتاج الطبيعة نفسها للملك الفيلسوف. أضف لذلك أن الدين عند الفارابي هو عامل توحيد لأي مجتمع. ولأن المجتمعات عرضة لأن يصيبها النقصان أو الفساد، فإن هذا ينطبق أيضاً على الأديان، وبالتالي فإن الإثنين يقللان من مستوى المنضوين تحتهما. لهذا يعتبر الدين السليم موازاة لأعلى درجات الفلسفة. وهذا الشيء يمكن اختباره لمن حقق أعلى مراتب الإنسانية الحقة عبر التسامي بالمقدرة الفكرية الناشطة إلى حيث تنتمي حقاً لتكون قناة نقية من المقدرة الفكرية العاملة.

مكانة الفارابي

في حياته التي أمضاها بحثاً لا يكل عن المعرفة، أنتج الفارابي مجموعة، أقل ما يقال فيها بإنصاف إنها رائعة، من المؤلفات في مجموعة رائعة بالقدر نفسه من المواضيع. فبتحليلاته لأعمال أرسطو في المنطق نجح الفارابي في إرساء علم نفس يقوم على العقل. وتجده في أعماله يعيد بنظريته معالجة مقدرات النفس والمقدرة الفكرية وعلاقتها بالجسد.

كما بحث أيضاً مسائل التوحد والواحد، وتفكر في العقل والإدراك، وطور نموذجاً ماوراء طبيعياً للعالم في أفكاره التجريبية عن المادة والزمن والفراغ والقياس والحكمة والمعرفة الإلهيتين. وإضافة لهذا فقد صاغ الفارابي دراسة الأخلاق في منظور جديد وساهم في تطور النظرية الموسيقية ووضع تصنيفاً للعلوم.

أعمال الفارابي في القضايا السياسية والحكم كانت محط الإعجاب بفضل منهجها الإبداعي فعلاً والمنطقي جداً. ومن أفكاره البارزة التي سرعان ما أصبحت شائعة في الفكر الإسلامي، الفرز بين القادة العلماء، وهم الفلاسفة والأنبياء، والعامة القادرين على إدراك الحقيقة فقط حينما تكون مجسدة بالرموز.    

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289