Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور آســيــــــــــــــــــــــة كلمة رئيس مجلس الإدارة

 

الصفـحـة الــرئيسيــة

كلمة رئيـس مجلـــس الإدارة

دعـــــــوة يــقـــظــــــــــــــة...

يهـود لــنـــصــرة فـلـسـطـيــن

نهــو ســـــوق للسنــــــدات...

إعـــــــــمــــــــــــــــــــــــار ...

مـيــــراث الشـيـخ راشـــــد...

الـعـمـــــالـــة الأجـنـبــيــــة...

أحضــــــــارة وادي الــنــيــــل

حـيــنــمــــــا يـــــكـــــــــــــون

أبـــوبــكـــــــر الصــــــديــق...

آســيـــــــــــــــــــــــــــــــــــة...

الــتـــمـــــــويـــه الــتـــقـــــــن

كــــــــــــأس دبــــــــــــــــــــــي

لحبتـــور لـــلـــمــشـــــــاريــع

الــــمســـــــــرحـــيــــــــــــة...

حــــان وقـت رحـيــلـكـــــــم ...

خبــــار الحبتــــور

 

ا

كنت أشاهد فيلما ًوثائقياً جرى تصويره بواسطة كاميرا بالتحكم عن بعد لجبل سمحان في جنوبي عمان. ويقدم المشهد أحد سفوح التلال مع مسار ضيق يلتف حول بعض الجلاميد والصخور، وفجأة صدر صوت زمجرة بدا أنه خارج من إحدى تلك الجلاميد، وراح صداه يتردد في الوادي الواقع أسفل التل. ثم تبين لي أن "الجلمود المزمجر" لم يكن سوى نمر عربي أتقن تمويه نفسه لدرجة أنني لم أستطع اكتشاف وجوده رغم ما سمعته من تحذيرات عن وجود هذا النمر ورغم معرفتي الجيدة بمظهره.

وإذا كانت النمور الأفريقية تتمتع بلون يماثل الألوان البنية والصفراء التي تتميز بها مواطنها التي تحتوي على العشب والأشجار، فإن "نمورنا" أتيح لها تمويه وجودها بطريقة مدهشة لأن موطنها يحتوي على الصخور الرمادية والظلال الداكنة اللون.

يمكن لمعظم الحيوانات البرية أن تمتزج بمحيطها، وهي ميزة لم تتح للبشر. ذلك أن النسيج اللوني العام للحيوانات الثديية هو خليط من الرمادي والسمرة في الأعلى، مع لون بني أفتح قليلاً على الكشح والأبيض القشدي في الأسفل. وقليلة هي الحيوانات البرية التي لها أي لطخات بيضاء من الشعر، ما لم تكن تعيش في القطب الشمالي. والاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو أن بعض الأجناس لها بقعة بيضاء فاتحة في الجانب السفلي من ذيلها، ويطلق على هذا الجزء اسم "الراية". وتظهر هذه البقعة عندما يرتفع الذيل ويمثل هذا دليلاً لصغارها لكي تتبعها. وعندما لا يريد الحيوان أن يكون موضع ملاحظة، فإن الذيل يبقى إلى الأسفل. وفي أجناس أخرى يأخذ رأس الذيل وظيفة الراية ويمكن أن يكون أبيض كما هي الحال في ثعالب الرمال.

تتميز الزواحف التي تعيش قريبة من الأرض بألوان ترابية وأحياناً تكون بشرائط أو بقع سوداء ما يسمح لها أن تختفي في كومة عشب. ولا شك أن معظم الناس قد سمعوا عن أفعى الرمال السامة التي تختفي تحت الرمل بينما تنتظر مرور فريستها. وفي بعض الأحيان يمكنك أن ترى أثر مكان اختفائها إذا كنت خارجاً في الصباح الباكر قبل أن تسفو الريح هذه الآثار في الرمل. وتتميز أفعى الرمال السامة بلون رملي، وقد يكون من الصعب ملاحظة وجودها حتى ولو لم تكن مختفية في الرمال. وقريبتها أفعى السجاجيد تكون ذات لون داكن أكثر مع خطوط سوداء وأحياناً بيضاء، توفر لها إمكانية التمويه عندما تختفي في أجمة أو بين الصخور.

لا تحتاج هذه الأفاعي إلى الاختفاء لتجنب التعرض للقتل، لكنها بحاجة للتمويه بحيث يمكنها أن تصطاد فريستها دون أن تلاحظها الفريسة إلى أن تصبح قريبة بما يكفي لالتقاطها. إلا أن البراعة في التمويه تجدها عند تلك الحيوانات التي تصنف في أسفل قائمة ما يسمى بالسلسلة الغذائية، إذ لا بد لها من امتلاك القدرة على الاختفاء لكي تبقى على قيد الحياة، ما لم تكن قادرة على إثارة الخوف من خلال الإيحاء أنها سامة أو لها مذاق كريه. وهذه القدرة على الإيحاء أقل انتشاراً بين الحيوانات، لكننا نجدها لدى أجناس من الحيوانات في الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال في الفراشة الملكية التي يكون ذكرها أسود مع بعض البياض وبعض البقع القزحية على أجنحته الخلفية، فيما تبدو أنثاه مختلفة تماماً، كأنها بالتحديد نسخة دقيقة من الفراشة التي تسمى "نمر السهول". وبالنسبة للطيور فإن أي طير لديه الفطرة الطبيعية يدرك أن عليه تجنب "نمور السهول" لأن طعمها فظيع. وهكذا تلجأ أنثى الفراش الملكي إلى الظهور بمظهر "نمر السهول" مستفيدة من غريزتها الفطرية

معظم الحشرات لها أسلوب أقل تعقيداً في الحفاظ على حياتها، فنرى هذه الحشرات تختفي أو تحاول الظهور بمظهر شيء آخر. ومن الحشرات التي أعجبتني في هذا المجال يسروع فراشة صغيرة تبني شرنقة تتألف من أغصان صغيرة حول جسمها الحساس. وعندما تتناول طعامها من النباتات (التي تسمى "فاجونيا إس بيه بيه") فإنا تبدو بمظهر كتلة من أشواك الفاجونيا ذات اللون الأصفر البرتقالي، ما يوفر لها الحماية المضمونة ضد الحيوانات المفترسة. وفي الحقيقة فإنني لم أتخيل أن هناك شيئاً حياً كان داخل ذلك الهيكل الصغير عندما عثرت عليه لو لم أكن قد قرأت حول شيء مماثل قبل يوم فقط. وهناك حشرة من فصيلة "بطنيات الأقدام" في البحر لديها استراتيجية مماثلة، إذ أنها تزين صدفتها بحبات الرمل وقطع صغيرة من عشبة البحر وأشياء أخرى تجدها متوفر، بحيث يبدو شكلها مماثلاً لشكل قاع البحر (يتحرك أحياناً).

ومن المظاهر الأخرى التي تلفت الانتباه في قدرة التمويه ما يحدث مع يرقانة فراشة "نمر السهول" التي ذكرناها سابقاً، فعندما تكون هذه الفراشة في بداية حياتها تكون سوداء مع بقعة بيضاء لها شكل غير منتظم في منتصف جسمها. وعندما تحط على نبات أخضر لتناول الطعام، تكون واضحة تماماً. ولعلك تعتقد أن ذلك ليس بالأمر الجيد بالنسبة لكائن صغير مثل هذه الفراشة، لكن ماذا يشبه هذا الكائن الصغير بحركته البطيئة، لا شيء سوى روث طائر صغير، وأي طائر يمكن له أن يفكر في تناول الروث؟ وفي مراحل متقدمة من حياتها، تأخذ اليرقانة ألواناً أكثر تبايناً: أبيض وأسود وأحمر، وهذه الألوان ما يمكن أن تسميه ألواناً تحذيرية، ولسان حالها يقول: "لا تأكلني فلن يعجبك مذاقي".

وإذا تعرضت هذه الفراشة للخطر فإنها تطلق تحذيراً بإخراج عصارات سيئة الطعم من غددها الكائنة خلف رأسها. وتجد هذه اليرقانات في الوديان غالباً على نباتات تؤكل من فصيلة الجزر. وإذا حدث وأغضبت يرقانة ولو قليلاً بورقة عشب على سبيل المثال، فإنها تبخ بعض قطرات من سائل كثيف له رائحة الجزر لا يروق إلا للأرانب.

تستخدم الألوان نفسها الأبيض والأحمر والأسود كألوان تحذيرية من قبل فراشة صغيرة تطير أثناء النهار. ويبدو أنه من غير المحتمل أن البقع السوداء والحمراء على خلفية بيضاء يمكن أن تجعل حشرة طائرة تختفي في عالم من الرمال والأجمات الخضراء الصغيرة، لكني وجدت أنها الطريقة المثلى للتمويه بالنسبة لهذه الفراشة، "يوتيثيسا بولشيلا"، عندما حاولت أن أصورها. وكنت أتبعها بينما كانت تنتقل من شجيرة إلى أخرى، مع الحرص على ملاحظة المكان الذي حطت عليه. ثم أزحف إليها على مهل بكاميرا مهيأة لالتقاط الصورة، ولم يمكن لي أبداً تصويرها بينما تكون في وضع استرخاء. ذلك أن لونها يجعلها تمتزج بالرمل بشكل جيد، بحيث أن الأوقات الوحيدة التي تمكنت فيها من التقاط صورة لها كانت عندما حطت على نباتات خضراء. ذلك جعلني أفكر في مكونات الرمل: حبات برتقالية وسوداء وذات لون قشدي. ولا بد أن هذه الفراشة لها طعم سيء، لأنها تظهر نفس اللونين الأسود والأحمر على خلفية بيضاء فضية تعكس ضوء الشمس.

إن لدى فرس النبي والجندب قدرة جيدة على الاختفاء في محيطها، ومن نفس الفصيلة الحشرات العصوية التي تمثلها عدة أجناس في الإمارات. وهي تطابق اسمها من حيث أنها تبدو كأغصان متشابكة عند تسلقها النباتات الصحراوية ذات الألوان القاتمة.

من الحشرات القريبة من هذه الفصيلة الجنادب ذات الرأس البرجي (تروكساليس بروسيرا). ولقد رأيت إحداها لأول مرة وهي تحط على عشب جاف ما يزال أخضر عند الجذور لكنها تحول إلى الأصفر عند طرفه. وكانت الحشرة مشابهة للعشبة تماماً: الجسم أخضر يتحول إلى بني نحو نهاية الساقين وقرن الاستشعار. وفيما بعد رأيت نفس الحشرة في محيط مختلف، وكانت بنية فاتحة على صخور بنية فاتحة، ورأيت أخرى خضراء غامقة على بقع سوداء في أجمة خضراء غامقة مع ظلال سوداء. لكني لست متأكداً إذا كانت هذه الحشرات جميعاً من نفس الجنس فهي تغير ألوانها مثل الحرباء، أو إن كانت من أجناس مختلفة.

وبينما كنت ألتقط الصور للورود الجميلة ضمن شجيرات تاماريكس، لاحظت وجود فرس النبي جميل المظهر على الشجيرات. وكان في المرحلة الأولى من عمره، وما يزال بطنه بارزاً إلى الأعلى. وكانت ألوانه بالضبط نفس ألوان زهور التاماريكس، وله شكل غير عادي لجسمه يناسب الشكل غير المنتظم لأغصان الزهور بالضبط. وعندما جرى تحميض الفيلم لاحظت أن الحشرة كانت موجودة في الصورة الأولى التي التقطتها للورود،  وكان ذلك قبل فترة طويلة من معرفتي أنها تعيش على هذه الورود، فقد ظننت وقتها أنها إحدى الزهور.

إلا أن أكثر الحيوانات براعة في التمويه فهو عنكبوت وجدته في سهل رملي قبل عدة سنوات. فلو لم أتحرك لما لاحظت وجوده على الإطلاق. لقد التقطت الصورة وعندما جرى تحميضها اعتقدت أنني لم أصوره، لكن بعد أن أمعنت النظر عن قرب استطعت ملاحظة الأعين الثماني السوداء في رأسه والانحناءات الطويلة في ساقيه، ولم أكن لألاحظ ذلك لو لم أكن متيقنة من أنه موجود في الصورة. وكان يجب علي التقاط صورة ثانية بعد وضعها على خلفية سوداء. ومن الحشرات التي تستطيع تمويه نفسها جيداً وتوجد محلياً حشرة صائدة وليست فريسة، وهي شبيهة بالأفاعي التي ذكرناها من قبل، وهي تظل في انتظار الفريسة إلى أن تصبح على مقربة كافية لالتقاطها. وهذه الحشرة ما هي إلا العنكبوت السرطاني (من فصيلة ثوميسيدا) وهو يظل على الأزهار وله نفس لون البتلات، بحيث لا يمكن رؤيته. لقد رأيت هذه الكائنات صفراء على عباد الشمس (يمكن رؤيتها فقط عندما تكون في منتصف عباد الشمس)، وبيضاء على ورود مزهرة، وخضراء على سوق نباتات "كارالوما" التي لها نفس اللون والتي توجد في الصحراء، وحمراء وصفراء مخططة على بتلات "جيلارديا" في حديقتي. وكما حدث لي من قبل مع فرس النبي وزهور تاماريكس، التقطت مرة صورة لنحلة على وردة بيضاء ولم ألاحظ وجود العنكبوت السرطاني الذي كان على وشك القفز حتى رأيت الصورة بعد تحميضها.

طوال الوقت كانت هذه المعجزات الصغيرة وما تزال حولنا، ولا يمكنني أن أفهم مطلقاً لماذا ينفق شخص ما وقته في قراءة الخيال العلمي

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289