Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور مركز دبي المالي العالمي كلمة رئيس مجلس الإدارة

 

الصفحـــة الرئيسيــة

كلمة رئيس مجلس الإدارة

مركز دبي المالي العالمي

 العراق للعراقيين هو الحل...د

دعــــــــــاة أرمجــيــــــــــــدون

العـــــــــــرب و اليـهــــــــــــود

فيليبــي ... قـاهر الربع الخالي

المـــتـــنـــبـــــي

قصــــــــر الحمــــــــــــراء ...ي

امـــــــــــراة متمــيـــــــزة ... ل

فــــــــــراشــات الإمـــــــارات

دبي على عتبة عالم الموضة

الـدوحة تتأهب للحدث الأكبر

الحبتور للمشاريع الهندسية

أخبـــــــــــــار الحبتــــــــــــور

مـــــــن نحــــــــن

الأعــداد المـاضيـة

اتصلـوا بنــا


عندما ولدت ماري الياس زيادة، لم يكن أحد يتوقع لها، ربما باستثناء والديها، أن تطبق شهرتها الآفاق، وأن يرتبط اسمها بكبار مشاهير عصرها في مجالات الفكر والكتابة والسياسة. ولا شك أن نشأتها في بيئة متعددة الثقافات كان له أبلغ الأثر في ترسيخ مجموعة من الحوافز الداخلية في نفسها. وماري فلسطينية المولد، حيث ولدت في مدينة الناصرة سنة 1886م، ونشأت في لأسرة ذات علم وثقافة، الأب فيها لبناني الأصل، كان مدرساً في أحد المعاهد الحكومية، أما والدتها، فسورية الأصل مثقفة عرف عنها الهدوء وحب القراءة. وهي التي اقترحت على ابنتها أن تنحت من اسمها "ماري" اسماً أدبياً جديداً منحوتاً من أول حرف وآخر حرف فيه، وهما الحرفان: م، ي، فأصبحت تعرف بهذا الاسم العربي: "مي".
كانت وحيدة لأبويها، ولذا بذل الاثنان معاً كل ما بوسعهما لتثقيفها، وتفجير مكامن مواهبها، ولم يبخلا عليها في سبيل تحقيق ذلك بوقت أو بمال. بل سمكن القول أنهما كرَّسا حياتهما لابنتهما. وقد تلقت تعليمها الأولي في مدرسة الراهبات اليوسفيات في الناصرة، وفي هذه المدرسة تعلمت اللغتين العربية والفرنسية، ثم انتقلت مع أسرتها، وهي في سن الرابعة عشرة، إلى لبنان، حيث دخلت مدرسة الراهبات الأجنبيات في دير عين طورة، وهناك تمكنت من إتقان اللغة العربية، وعدد آخر من اللغات الأجنبية، مثل اللاتينية، والفرنسية، والإنجليزية، فضلاً عن بروزها أيضاً في الموسيقى والغناء.
وفي سنة 1904، انتقلت مع أسرتها إلى مصر. وقبل مرور وقت طويل على استقرار الأسرة في القاهرة، كان الأب قد تعرف على العديد من الشخصيات الأدبية والفكرية. ففي ذلك الوقت، كانت القاهرة تمثل محور الحياة الفكرية العربية، حيث كانت مقصد كل من ضاقت به بلاده الخاضعة آنذاك للحكم العثماني. وكان فيها الكثير من الشخصيات اللبنانية والسورية والعراقية والفلسطينية. وما لبث والدها أ ن تولى إدارة تحرير مجلة "المحروسة"، وهي من المطبوعات المعروفة برزانتها ورصانتها. وفي أرض الكنانة، واصلت مي الدراسة ، والتحقت بالجامعة المصرية، كما اتصلت بكبار أهل العلم والاستشراق، وعكفت على دراسة التاريخ واللغة والفلسفة، وغيرها من العلوم العصرية، وتمكنت، في هذه الفترة من إتقان اللغات الأسبانية والإيطالية، والألمانية، بالإضافة إلى اللغات الأجنبية السابقة.

وفي تلك المرحلة، بدأت مي تكتب وتنشر ما تكتبه من نثر وشعر تحت أكثر من اسم أدبي، أشهرها إيزيس كوبيا. وفي عام 1911 نشرت مجموعتها الشعرية الأولى باللغة الفرنسية تحت عنوان "أزهار حلم". وخاضت مجادلات طويلة دفاعاً عما أسمته الشعر المنثور، وهو المجال الذي كانت فيه سباقة لا ينازعها أحد. وخلال فترة وجيزة فتحت أمامها صفحات أهم الصحف والدوريات المصرية بعد أن كانت تقتصر في كتاباتها على "المحروسة"، فأخذت تنشر في الهلال والأهرام والمقتطف والزهور والمكشوف، بل وحتى تكتب افتتاحيات الأهرام عندما تدعو الحاجة للدفاع عن حقوق العرب وعن حرية الصحافة وحرية التعبير.

وقد أحدثت كتاباتها الصحفية، والأدبية، وخطبها التي كانت تلقيها في المناسبات المتعددة، وترجماتها المختلفة، ولا سيما عن اللغة الفرنسية - دوياً كبيراً لدى جميع الأوساط الفكرية والثقافية في العالم العربي، بل وتجاوزت شهرتها حدود المنطقة، فلمع نجمها في سماء الغرب، وبدأت مقالاتها، وكتبها، وترجماتها تنتشر بسرعة في كل مكان، وأصبح اسمها يتردد على كل شفة.

أنشأت، وهي في مصر، منتدى أدبياً (أو صالوناً أدبياً، كما كان يعرف في تلك الأيام)، وكانت مجالسه تعقد يوم الثلاثاء من كل أسبوع. وكان الأدباء، والمفكرون، والشعراء، ورجال السياسة يترددون على هذا المنتدى، يسمعون ويُسمعون، ويستمتعون بما كان يجري فيه من مناقشات، وحوارات فكرية، وثقافية متنوعة. وكان من أعلام رواد هذا المنتدى، عباس محمود العقاد وأحمد شوقي وأحمد لطفي السيد، وطه حسين، وخليل مطران، ويعقوب صروف، وإسماعيل صبري، ومصطفى صادق الرافعي، وولي الدين يكن، وأنطوان الجميل، وحافظ إبراهيم وغيرهم. وفي مجلسها يقول إسماعيل صبري باشا:

                "إن لم أمتع بمّي ناظري غداً--أنكرت صبحك يا يوم الثلاثاء". 

ولعل أهم أحداث حياتها خلال تلك الآونة، ارتباطها الفكري والروحي بالأديب الكبير جبران خليل جبران (مؤلف كتاب النبي). وتعتبر مجمعة الرسائل المتبادلة بينهما حتى الآن مرجعاً هاماً لحياة الأديبين وللحياة الأدبية السائدة في تلك العقود.
 
 

ولكن الرياح، تجري في الغالب على عكس ما تشتهي السفن. فعلى الرغم من المجد والشهرة اللذين حققتهما مي لنفسها في العالم العربي، بفضل كتاباتها، فقد حرمت من نعمة السعادة وراحة البال التي ينشدها الإنسان في رحلة عمره. فتوالت عليها المحن والمصائب من غير توقف، وأخذت تتعرض لاختبارات يصعب على المرء مهما كان قوي الشكيمة والإرادة أن يقف بوجهها.

ففي عام 1929 توفي والدها، وبعد ذلك بسنة، أي سنة 1930، لحقت به أمها. ثم كانت الفاجعة الكبرى عندما توفي جبران خليل جبران سنة 1931م، فحرمت بموته من ذلك النبع الذي كان يرفدها، عن بعد، بعواطف روحية سامية، ثم تعاقبت عليها، بعد ذلك، الصدمات النفسية، فمن موت إلى موت، ومن ظلم الأقارب إلى تخلي الأصدقاء. 

وكانت قمة المصائب أن تكالب عليها أقاربها طمعاً بثروة والدها عقب وفاته، وما لبثوا أن حاكوا ضدها مؤامرة أثمرت عن إيداعها مستشفى العصفورية الخاص بالمجانين في لبنان بعد أن زعموا أنها فقدت صوابها. لكن حفنة من الأصدقاء المخلصين، على رأسهم المفكر الكبير أمين الريحاني، وقفوا إلى جانبها وأثبتوا بما لا يقبل مجالاً للشك طبيعة المؤامرة التي حيكت ضدها، فخرجت من المستشفى مباشرة إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، حيث ألقت محاضرة مطولة أمام مئات الحضور، فدحضت بذلك مقولات المغرضين الجشعين.

وحاولت بعدئذ معالجة وضعها المتدهور، ومداواة نفسها الحزينة، بالأسفار إلى أقطار أوربا المختلفة تارة، ومطالعة الكتب القديمة. ثم عادت في نهاية المطاف إلى مصر عام 1939هزيلة الجسم، والروح، والنفس، وقضت ما تبقى لها من أيام وحيدة، منعزلة، غارقة في بحار الألم والحزن، وبقيت هناك حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.

وعندما انتشر خبر وفاتها، فجع العالم العربي وهزه المصاب ، فانطلقت أقلام الكتاب والمفكرين للحديث عنها، عن مي زيادة الأديبة، والكاتبة، والصحفية، والخطيبة، وأبنها الكثيرون، وكان من أبدع ما قيل في رثائها قصيدة الشاعر خليل مطران في الحفل الذي أقيم لتأبينها:
نعمةٌ ما سخا بها الدهــرُ حتى آب كالعهدِ سالباً وضَنيـنا
أيُّـهذا الثرى ظَفِرْتَ بحسـنٍ كان بالطُّهْرِ والعفافِ مصونا
لَهْفَ نفسي على حجىً عبقري كان ذُخْراً فصارَ كَنزاً دفيناً
فعليكِ السلامُ ذكراكِ تحـيا وبرغـمِ البِعـادِ لا تبعــدينا

والحقيقة أن مي زيادة لم تكن مجرد أديبة تكتب الشعر والنثر، بل إنها كرست حياتها وأدبها لخدمة قضايا أمتها العامة، وخصت منها قضايا المرأة، وأهمها التحرر. وكانت في تلك الفترة، هي والعديد من السيدات المصريات والعربيات يخضن معركة اتسمت بالحدة والتطرف في كثير من الأحيان من أجل الحصول على الحقوق المشروعة للمرأة. وقد انضمت مي إلى الحركة النسائية التي كانت ترأسها هدى شعراوي، وكذلك اشتركت في الاجتماعات التي كانت تعقدها في الجامعة المصرية القديمة. وكتبت عن شهيرات النساء في عصرها من الداعيات إلى تحرر المرأة وإنصافها مثل باحثة البادية وعائشة التيمورية.

ولعل أجمل تعريف بمي، ما قالته هي في وصف نفسها في رسالة بعثتها إلى جوليا طعمة دمشقيّة:

"أصحيح أنك لم تهتدي بعد إلى صورتي؟ فهاكِهَا: استحضري فتاة سمراء كالبنّ أو كالتّمر الهنديّ، كما يقول الشعراء، أو كالمِسك كما يقول متّيم العامريّة، وضعي عليها طابعاً سديميٍّا من وجد وشوق وذهول وجوع فكريّ لا يكتفي، وعطش روحي لا يرتوي، يرافق ذلك جميعاً استعداد كبير للطرب والسرّور، واستعداد أكبر للشجن والألم- وهذا هو الغالب دوماً- وأطلقي على هذا المجموع ميّ..."

لقد كانت مي ظاهرة غريبة في المجتمع العربي المعاصر‏,‏ حيث عاشت حياتها دون زواج‏، على الرغم من أنها جمعت بين الفن والشباب والجمال والشهرة‏,‏ وكانت محل اعجاب الكثير من ضيوف ندوة الثلاثاء‏، كما‏
وطلبها للزواج شخصيات لها مكانتها الاجتماعية المرموقة، لكنها لم تتزوج أحدا ممن تقدموا إليها‏,‏ وظلت حتى وفاتها دون زواج، مكتفية بنوع غريب من الحب، حب على الورق بينها وبين جبران خليل جبران الرجل الوحيد الذي حقق المعادلة الصعبة‏..‏ استطاع جبران ان يحرك مشاعرها كامرأة‏,‏ بالروعة نفسها والعمق نفسه‏,‏ الذي حرك بهما عقلها المبدع‏,‏ وكانت الرسائل المتبادلة بين مي وجبران منذ عام‏1912‏ حتى عام‏1931‏، عام وفاة جبران هي وسيلة الالتقاء الوحيدة‏.‏
 
كتبت في أثناء رحلة عمرها، عدداً غير قليل من المؤلفات، منها:
- أزهار حلم: وهو ديوان شعر باللغة الفرنسية
- باحثة البادية: ألفته سنة 1920م، وفيه درست شخصية ملك حفني ناصف (الملقبة بباحثة البادية) ونظريتها الاجتماعية، ولقد علّقت على تلك النظرية تعليقات جريئة وصريحة، استقبلت في العالم العربي بترحيب نسائي لا مثيل له وانتقادات كبيرة من جانب الجنس الخشن..
- كلمات وإشارات: وهي مجموعة من الخطب الاجتماعية طبعت سنة 1922م، وفيها عالجت حالة البؤس والشقاء التي يعيش فيها اليتيم والفقير، ودعوات إلى مساعدتهما مساعدة فعالة.
- سوانح فتاة: جمعت في هذا الكتاب، الذي نشر سنة 1922م، بعض النظريات والآراء التي اقترحها عليها الأديب ولي الدين يكن.
- المساواة: وهو كتاب فريد من نوعه في اللغة العربية، درست فيه قضية الطبقية الاجتماعية وكيفية نشوئها، ثم عرضت الكثير من الحلول العملية.
- الصحائف: ظهر هذا الكتاب سنة 1924م، وهو يشتمل على مقدمة قيمة في النقد الأدبي، ثم على قسمين، خصصت أحدهما لصحائف بعض الأشخاص، وخصصت الآخر لرحلات السندباد البحري.
- بين الجزر والمد.
- ظلمة وأشعة.
ويشتمل هذا الكتابان الأخيران على مقالات أدبية، وفنية، وشعرية.
كما قامت بترجمة عدد من المؤلفات الأجنبية إلى اللغة العربية، ومنها:
- ابتسامات ودموع: وهو مترجم عن اللغة الألمانية سنة 1911م.
- الحب في العذاب: وهو مترجم عن اللغة الإنجليزية سنة 1925م.
- رجوع الموجة: وهو مترجم عن اللغة الفرنسية سنة 1925م.

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289