Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور هل هذه الحرب حقيقية؟ كلمة رئيس مجلس الإدارة


 

الصفحة الرئيسية

  كلمة رئيس مجلس الإدارة

   فرصة سانحة لنكون جيلاً أرقي

 هل هذه الحرب حقيقية؟

شجاعة غير عادية لأناس عاديين

غواصات خاصة

ابن خلدون

امرأة متميزة

أطباء بلا حدود

أهمية النحل في الإمارات

الفخَار بين الماضي و الحاضر

نكهة من بحار الجنوب

أكثر من مجرد لعبة

منزل الأحلام في لبنان

في زمن الضياع العربي

إنجاز آخر للحبتور للمشاريع الهندسية

مجمع الجابـــــــر ـ شانغريـــــــلا

أخبـــــــــار الحبتــــــور

مــــن نحـــــن

الأعــداد المـاضيـة

اتصلـوا بنــا

بقلم: فيسيلا تودوروفا

يستقبل روشان كوماراسامي الزوار بابتسامة ودودة قائلاً لهم: "في المرة التالية التي يمسك فيها أحدكم كأس ماء ليشرب, فليتذكر أن يدعو الله ليساعد أولئك الذين لا يستطيعون الحصول على هذه النعمة." ابتسامة روشان لطيفة على نحو يثير الحيرة بالنظر إلى خطورة الموضوع الذي يتحدث عنه. فهو يشرح لمستمعيه مسألة اللاجئين والجهود المبذولة لإغاثتهم.

تأسست منظمة أطباء بلا حدود عام 1971 في العاصمة الفرنسية باريس على يد مجموعة من الأطباء والصحفيين جمعهم الإيمان بأن الحصول على الرعاية الصحية هو حق عالمي لكل البشر بغض النظر عن تبايناتهم الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية أو الدينية. واليوم, بعد إثنين وثلاثين عاماً على تأسيسها, أصبحت أطباء بلا حدود أضخم منظمة إغاثة طبية دولية مستقلة في العالم توفر المساعدات للتجمعات البشرية في 80 بلداً من بينها فلسطين وأفغانستان وأخيراً العراق.

تقوم أطباء بلا حدود, بمراكز عملياتها الخمسة وفروعها الوطنية الأربعة عشر في العالم, بتقديم العون للناس خلال الأزمات مثل الحروب والمجاعات والأوبئة والكوارث الطبيعية. وفي كل عام يقوم أكثر من ثلاثة آلاف من أفراد أطباء بلا حدود, يدعمهم حوالي 15 ألف من الكوادر المحلية, بتوفير المأوى للاجئين عبر الحدود والنازحين داخل دولهم ومعالجة المصابين في الحروب الأهلية وإطعام الجائعين وتأسيس المستشفيات والعيادات في المناطق التي تفتقر للبنى التحتية الطبية.

وقد بدأت أطباء بلا حدود حضورها في الإمارات العربية المتحدة منذ ثماني سنوات. ويهدف الفرع المحلي لهذه المنظمة الدولية, الذي تأسس برعاية من سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان, لزيادة الوعي العام بمحنة المجتمعات المتضررة جراء كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان إضافة لجمع التبرعات لتمويل مختلف مهمات أطباء بلا حدود حول العالم.

في الشهر الماضي كان شعار أطباء بلا حدود حاضراً في القرية العالمية خلال مهرجان دبي للتسوق. وفي جناح المنظمة في القرية لم تكن هناك منصات للمغنين. إذ في تناقض صارخ مع بهرجة الألوان والأصوات في أنحاء القرية العالمية, كان جناحها هادئاً جداً ولا يتضمن سوى بضع خيام. وطبعاً لم يكن الزوار يغادرونه وهم يحملون أكياس المشتريات المملوءة بغرائب البضائع وإنما بسيماء متأملة حزينة نوعاً ما. كانت مجموعة الخيام البيضاء هذه تمثل نموذجاً لمخيمات اللاجئين التي يقيمها أطباء بلا حدود. وكان منظمو الجناح يجولون بالزوار في أرجائه ويشرحون لهم طريقة تنظيم الحياة في مخيمات الإغاثة في حالات الطوارئ, وذلك لتوعيتهم بمحنة حوالي 37 مليون لاجئ في أنحاء العالم.

يقول روشان لمجموعة الزوار التي يجول بها في الموقع: "لنتخيل من الآن وحتى نهاية الجولة أننا لاجئون." أما الزوار, وهم تلاميذ من الصف الخامس في مدرسة دلتا الإنجليزية في الشارقة, فيصغون لمرشدهم بصمت غير معتاد عند صبيان في هذه السن. وقد بدأ روشان, كما علمت لاحقاً, العمل مع أطباء بلا حدود عام 1994 في موطنه سريلانكا, حيث أمضى معهم هناك أربع سنوات ونصف كموظف لوجستي في العاصمة كولومبو.

يبدأ روشان شرحه للتلاميذ قائلاً "تخيل المشهد التالي: بعد أن تكون قد ذهبت للنوم, تستيقظ في الساعة الواحدة أو الثانية بعد منتصف الليل على صوت ضجيج قوي وتكتشف أن كل ما حولك يتداعى بفعل الانفجارات. تشعر بالذعر وتركض هارباً حتى بدون أن تحمل متاعك. وإذا ماكنت محظوظاً فقد تهرب مع عائلتك. الآلاف من الناس يركضون هاربين من حولك, وتبقى تركض من مكان لآخر طوال شهر أو شهرين أو حتى سنة. أخيراً تصل لمكان تحس فيه بالأمان فتستقر ويصبح بداية لمخيم لاجئين."

حالما يتم اختيار موقع المخيم, تصبح الأولوية الأساسية هي بناء مأوى لهؤلاء اللاجئين. وتبدأ كوادر أطباء بلا حدود بإحصاء الناس الموجودين في هذا المكان الذي سيصبح مخيماً للجوء، وتوفير بطاقة تسجيل لكل منهم. يقول روشان وهو يعرض نماذج عن بطاقات التسجيل للتلاميذ: "من الآن فصاعداً ستصبح هذه البطاقة بمثابة جواز السفر لك. يجب أن تحمل هذه البطاقة معك طوال الوقت وأن تبرزها حين تريد الحصول على الماء والطعام والدواء وأي شيء آخر قد تحتاج إليه."


ب
عدها يقود روشان التلاميذ إلى خيمة متوسطة الحجم يقول إنها في مخيمات اللاجئين تؤدي بين عشرة وخمسة عشر شخصاً. ثم يقول لهم وهو يحثهم على دخولها: "تستطيع أن تعتبر نفسك محظوظاً جداً إذا ما أتيح لك العيش في واحدة من هذه الخيام باعتبارها سكن
اً ذا خمس نجوم." وفيما يلج التلاميذ صامتين, يغلق روشان وراءهم الخيمة قائلاً: "حاولوا أن ترتبوا أماكنكم داخل الخيمة بطريقة ما وبحيث تحصلون على نومة مريحة قدر الإمكان." في المخيم يحق لكل لاجئ الحصول على متاع منزلي مكون من طاسة ألمنيوم وصحن وحلة وبعض العلب المعدنية والبلاستيكية لحفظ الطعام إضافة لمصباح وبساط وبعض الأغطية


بعد الخيمة تقف مجموعة التلاميذ بأكملها أمام نموذج لصنبور مياه, حيث يفترض بكل صنبور مياه من هذا في المخيم أن يوفر إمدادات المياه لكل 250 شخص فيه. ويحق لكل شخص الحصول يومياً على غالون واحد من مياه الشرب, مقارنة بمعدل 100 غالون من المياه يومياً يستهلكها الفرد في دولة الإمارات. الماء في المخيم لا يأتي بدون معاناة, حيث يضطر اللاجئون غالباً الانتظار في الطوابير مدة قد تصل 15 ساعة قبل أن يحصلوا على غالون الماء, كما يقول روشان. والحصول على الطعام والدواء يحتاج أيضاً الانتظار في الطوابير 15 ساعة. غير أن الأمور تكون أحسن حالاً في المخيمات الأكثر استقراراً وتنظيماً. فبعض هذه المخيمات قد مضىعلى إقامتها الآن 20 عاماً وأصبحت تتمتع بخدمات أفضل مثل حمامات الاغتسال التي يتاح للاجئين استخدامها بحرية. ثم يسأل روشان زوار جناحه: "لكن لنواجه السؤال المحزن: لماذا يتعين على الناس أن يعيشوا في مخيم لجوء عشرين عاماً؟"

بعد ذلك تنتقل المجموعة لنموذج عن المركز الطبي في المخيم. فالحرب والاضطهاد يفعلان فعلهما في اللاجئين حيث يضعفان مناعتهم ويجعلانهم أكثر عرضة للإصابة بالكثير من الأمراض. وتظل مرافق الصرف الصحي تحدياً كبيراً للمسؤولين عن مخيمات اللاجئين إذ غالباً ما تعاني من الازدحام وتكون بدون ماء جار مما يجعلها قادرة بسهولة على تحويل حالة مرضية فردية إلى جائحة وبائية. والكوليرا تحديداً هي من الأمراض الرئيسية التي تهدد اللاجئين باعتبارها سريعة الانتشار جداً ولا توجد لقاحات ضدها. يقول روشان: "في يوم ونصف فقط يمكن أن يصاب 35 ألف شخص بالكوليرا." ورغم أن الكوليرا ليست مرضاً لا شفاء منه إلا أنها تقتل 800 ألف إنسان سنوياً لعدم توفر عون طبي أو ماء نظيف لهم.

أخيراً يحين وقت مغادرة التلاميذ فيمضون هادئين وهم ينظرون لروشان نظرة تقدير. وحين آخذ بعين الاعتبار نجاحه مع هؤلاء الصبيان, لا أفاجأ حين أعلم أنه أصبح على وشك التخرج من الولايات المتحدة والحصول على إجازة جامعية في علم النفس. وبعد تخرجه سيعود إلى عمله مع أطباء بلا حدود ليهتم بالأطفال الذين يعانون من أزمات نفسية في مخيمات اللاجئين.

ويشرح روشان قراره باختيار علم النفس ليكون مجال دراسته الجامعية قائلاً إن الجانب النفسي هو الأكثر إيلاماً لكون المرء لاجئاً في مخيم. ففي مخيمات اللجوء يكون الناس خائفين من المستقبل ويحسون بأنهم مجردون من كراماتهم. ويكون الأطفال الأكثر تعرضاً لهذه الآثار النفسية العميقة باعتبارهم يرون مشاهد العنف والدمار في مرحلة مبكرة من العمر. يقول روشان: "لقد شهدت أطفالاً يتم تجنيدهم لتنفيذ عمليات تفجير انتحارية."

ويؤكد فادي جودة, الطبيب الذي انضم لأطباء بلا حدود للعمل معها في زامبيا عام 2001, على أن صعوبة العبء النفسي الذي يتحمله اللاجئ تفوق بكثير صعوبة الإضطرار لتحمل ظروف الحياة المتدنية في المخيم. بالنسبة لفادي, يمثل اللجوء فقداناً للهوية والحقوق الأساسية, حيث هرب والداه من وطنهما فلسطين قبل ولادته وكان على العائلة التنقل بين عدة بلدان قبل الاستقرار. ورغم أنه سمع من والديه الكثير من قصص الملاحقات والاضطهاد, فلا يزال يشعر بالصدمة من حجم معاناة الناس التي شهدها خلال بعثته التي استمرت ستة أشهر. يقول فادي الذي عاش بين اللاجئين طوال البعثة مثل كل أعضاء أطباء بلا حدود الآخرين: "الناس الذين يعيشون في المخيمات لا يشعرون بأن لهم مستقبلاً, لأنهم لايعرفون ما الذي يخبئه لهم, بل حتى الأحلام الشخصية لا تراودهم."

ويضيف فادي أن الإحساس بالخوف والمهانة الذي يعاني منه معظم اللاجئين ليس سوى وجه واحد من المشكلة فيما الوجه الآخر يتمثل بالتحامل والتمييز الذي يتعرضون له من جانب المجتمعات التي تستضيفهم. ويقول: "يعامل اللاجئون على أنهم أناس أقل شأناً من غيرهم, بل يكاد ينظر لهم وكأنهم مرض معد. الناس يجب ألا تظهر الشفقة عليهم وإنما التضامن الإنساني معهم."

قبل أسبوع من انتهاء مشاركة أطباء بلا حدود في القرية العالمية, بلغ عدد الزوار الذين استقبلهم جناحها 2733. ويقول روشان وفادي إنهما يشعران بالرضى عن تفاعل الزوار مع جناحهم. وتؤكد شارلوت بوهوت مديرة الاتصال في فرع أطباء بلا حدود في الإمارات: "الكمية ليست مهمة لنا بقدر أهمية الانطباع الذي نتركه عند الناس." وقد انضمت شارلوت لأطباء بلا حدود عام 1984 وعملت في سبع دول, بينها لبنان الذي كانت رئيسة بعثة المنظمة فيه, قبل أن تنضم لفرعها المحلي هنا.

يتمثل عمل شارلوت أساساً في أطباء بلا حدود الإمارات بالإشراف على الجانب المالي للمشاريع وإبقاء نفقاتها الإدارية في حدودها الأدنى قدر الإمكان. يذكر أن المنظمة عالمياً لا تخصص سوى 7 في المئة من ميزانيتها للنفقات الإدارية فيما تنفق 85 في المئة منها على أعمالها الرئيسية. ومن الطرق المتبعة لخفض النفقات الاستفادة من خدمات المتطوعين, كما تقول شارلوت. في الإمارات تستفيد أطباء بلا حدود من خدمات 150 متطوع حالياً, يساهم كل منهم بما يتراوح بين ساعة ويوم من وقته أسبوعياً, حيث يركزون على مشاريع معينة أو يقدمون المساعدة في المناسبات أو في الأعمال المكتبية.

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289