Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور مـتـــــروبـــوليتـــان دبــــي كلمة رئيس مجلس الإدارة

الصفحـــة الرئيسيــة

كلمة رئيس مجلس الإدارة

فـــرصتـكـــم لشــراء العالم

 الاقتصــــــاد المـــصــــــري

 قضية مواطن جمهوري في مواجهة جورج بوش

ستبقي فلسطبن عبئا على ضمائرنا

المستقبل لم يبد أبداً أكثر إشراقا

لورانس العرب البدوي الانجليزي

امرأة متميزة اسماء بنت ابوبكر

عمــــــــــر الخــيـــــــــــام

الصـــيـــــد بـــا لصــقــــور

دورة دبـــــــــي للتنــــــــس

مـتـــــروبـــوليتـــان دبــــي

جـــــرانــــــد متـــرؤبلكـــس

الحبتور للمشاريع الهندسية

أخــبــار الحبتـــور

مـــــــن نحــــــــن

الأعــداد المـاضيـة

اتصلـوا بنــا

بقلم: مارجيك جونغبلود


الصيد بالصقور، أو التصقر، رياضة قديمة كانت تمارس في كل الشرق الأوسط وأوروبا منذ القرن الثامن للميلاد. وعلى سبيل المثال فإن صيد الحبارى بالصقور في البلاد العربية موصوف بالتفصيل في كتابات أسامة بن منقذ التي وضعها قبل أكثر من 700 عام (ترجمت للإنكليزية عام 1929 من فبل بوتر).

 

  عند العرب كان التصقر وسيلة للحصول على القوت أكثر منه رياضة للتسلية. وكانت أشهر الطرائد من الطيور هي الحبارى (كلاميدوتيس أوندولاتا) والكروان الصحراوي (بورهينوس أويدكينموس). وكانت الحبرية التي تزن عادة بين 2 و3 كيلوغرامات طريدة كبيرة تكفي لإطعام عدة أشخاص. والحبارى تهاجر في الخريف من نصف الكرة الأرضية الشمالي إلى البلاد العربية وإفريقيا لقضاء الشتاء فيها. غير أن الحبارى المهاجرة تأتي للمنطقة بعد وصول الجوارح المهاجرة. ولهذا اعتاد البدو على أسر الصقور، خصوصاً من نوعي الشاهين والحر في طريق عبورها إلى إفريقيا


ولأسر الصقر، ابتكر العرب عدداً كبيراً من التقنيات المتنوعة حسب توفر المواد اللازمة بأيديهم. وربما كانت أكثر التقنيات براعة هي أكثرها بساطة. فإذا ما صادف العربي مع أول خيوط الصباح صقراً جاثماً فوق كثيب، تجده يعود إلى المكان نفسه فجر اليوم التالي مع رفيق له راكبين معاً على البعير نفسه. وحالما يعثرا على الصقر يتحركا بحيث يصبح الصقر موجوداً في الاتجاه الذي تهب منه الريح عليهما ويترجلا بحيث يكون البعير بينهما وبين الصقر الجاثم. وحين يبرك البعير ويختبئا خلفه يدفن أحدهما الآخر في الرمل بحيث لايبقى منه فوق الرمل سوى رأسه وذراعيه والتي يخفيها بدورها ببعض الحشائش مما يتوفر في الصحراء. ثم يقوم الآخر ويركب البعير ويمضي مبتعداً فيما يطلق الآخر المختبئ تحت الرمل حمامة مربوطة بخيط من رجلها إلى يده. وما يكون من الصقر الذي لايدرك أن هناك من اختبئ بانتظاره إلا أن يظن بأن الحمامة قد أخافها البعير الراحل ويستعد للهجوم عليها حالما يبتعد البعير وراكبه عن المكان. ولمهاجمتها ينقض الصقر من الأعلى نزولاً على الحمامة باتجاه هبوب الريح ويقتلها. غير أنه لن يستطيع حملها بعيداً لأنها مربوطة بيد الصياد المختفي، ولهذ يقرر أن يأكلها في مكانها. ولأن الصقور لا تحب أن تعبث الريح بريشها فإن الطير الجارح يدير وجهه نحو الاتجاه الذي تأتي منه الريح وبالتالي يصبح الصياد خلفه والذي يبدأ بجر الحمامة بالخيط بهدوء شديد نحوه والصقر فوقها بحيث يعتقد أن الحمامة لاتزال الروح فيها وأنها هي التي تتحرك وهذا مايدفعه لمواصلة الانشغال بمحاولة قتلها إلى يصبح قريباً من الصياد الذي يسرع بإمساك قدميه ورمي قطعة قماش فوق الطائر.

ومن التقنيات الأخرى لأسر الصقور هناك ما يعتمد مطلقاً على فهم البدو لسلوك هذه الطيور وهو الفهم الذي طوروه نتيجة قدرتهم الكبيرة على الملاحظة. إذ لمعرفة البدوي بأن الصقور طيور انتهازية جداً في سلوكها الغذائي وأنها تلجأ لأي وسيلة ممكنة للحصول على فريسة سهلة، فإن الصياد يستخدم نوعاً صغيراً من الصقور هو العوسق لخداع الصقر الذي يريد الإمساك به. العواسق هي جوارح مستوطنة في الإمارات، وهي أصغر الصقور حجماً وأسهلها أسراً. وحين تبدأ صقور الشاهين والحر بالوصول للمنطقة في الخريف، يقبع الصياد مختبئاً وعوسقه مربوط ورابض على اللأرض. وتربط برجل العوسق حزمة من الريش تثبت عليها أنشوطات صغيرة من خيوط رفيعة جداً. والعوسق ببصره الحاد يستطيع أن يكتشف أي صقر كبير الحجم يقترب من المنطقة قبل أن يراه الصياد الذي حالما يلاحظ الهياج على عوسقه يطلقه في الهواء. وبالطبع فإن الصقر سيلاحظ العوسق ويعتقد أن حزمة الريش طريدة قتلها ويحملها معه فيحاول من فوره سلب الفريسة من العوسق. وللهجوم تجد الصقر يندفع نحو العوسق من ارتفاع منخفض ثم يعلو نحوه وحالما يصله ينقلب على ظهره في الهواء ويحاول غرس مخالبه في حزمة الريش تحت الجارح الطائر. وهذا ما يجعل أصابعه ومخالبه تعلق بالأنشوطات. حينها يصبح الجارحان مثبتان ببعضهما وعاجزان عن الطيران فيهبطان على الأرض مضطربين حيث يكون الصياد بانتظارهما ليرمي قماشته فوقهما.

 

لكن في الإمارات ينصب الصيادون أفخاخاً أكثر تعقيداً حيث يستخدمون شباكاً يرميها رجل مختبئ قريباً منها على الصقر حين هبوطه على الطعم. وهذا ما يتطلب من الصياد أن يقبع بدون حراك بشكل يتطلب الكثير من الصبر لمدة قد تطول أياماً أحياناً.

وحالما يمسك الصياد بطيره الثمين، لن يكون أمامه سوى أسبوعين أو ثلاثة لتدريبه على الصيد قبل أن تبدأ الحبارى المهاجرة بالوفود. يبدأ الصياد التدريب بتقطيب جفن الصقر بخيط هو شعرة من ذيل الخيل لإغلاق عينه ولا يقطب سوى الجفنين السفليين حيث يربطان معاً عبر تمرير الشعرة فوق رأس الصقر. وهكذا تصبح عينا الصقر مغمضتين دوماً ويبقى على هذه الحالة عدة أيام يرافقه الصياد خلالها على مدار اليوم، حيث يحمله أينما ذهب ويمسد جسمه ويتحدث إليه ويدعوه باسمه الذي اختاره له لتهدئة الطائر البري وجعله يعتاد على صوت الصياد ويربض على قفازه (المنقلة). وحين فك الشعرة وفتح الصقر لعينيه فإن أول مايراه هو وجه صاحبه الصياد الذي اعتاد على سماع صوته طوال ثلاثة أيام تقريباً وتعلم أن يثق به خلال أيام عماه المؤقت. كما يعرض الصياد على صقره بعض الطعام من يده لتتوثق عرى الثقة بين الإثنين في فترة قصيرة نسبياً من الزمن.

 

عقب ذلك وفيما لايزال الطائر مثبتاً بخيط طويل إلى المنقلة يرميه الصياد في الهواء ليطير بضعة أمتار نحو طعامه. وتزداد المسافة التي يطلق إليها تدريجياً إلى أن يصل أخيراً إلى مرحلة رميه بدون خيط ليطير حراً. فيما يكون الصقر في غضون ذلك قد جرى تعريفه أيضاً على الطريدة المطلوبة عبر طعم هو عبارة عن جناحي حبارى احتفظ بهما الصياد من موسم الصيد السابق. وبهذه الطريقة يصبح الصقر الذي ربما لم يكن معتاداً على صيد الحبارى في السابق بالضرورة أو يكون قد أتى من أراض لاتوجد فيها الحبارى يعرف الغنيمة التي يريد الصياد منه أن يقتنصها له.

ويمضي الصياد شهور الشتاء وهو يصيد الحبارى مع صقره. حيث يخرج في الفجر باحثاً عن آثار الحبارى في الرمال ويتتبعها لمعرفته بأن الحبرية طائر ليلي وأنها ستمضي نهارها مختبئة تحت شجيرة هنا أو هناك. وحين يعثر على الحبرية ويجبرها على الخروج من مخبئها إلى أرض مفتوحة يطلق الصياد صقره على أمل أن يمسك بها الصقر ويقتلها. وإن نجح في ذلك فإنه يطعمه عادة رأس وعنق الحبرية محتفظاً بالباقي لعائلته. وبحلول الربيع حين تبدأ الحبارى بالقفول مهاجرة إلى أراضي تكاثرها، لاتعود هناك طرائد صغيرة بما يكفي ليتمكن الصقر من الإمساك بها وقتلها وكبيرة بما يكفي لإطعام الصقر والصياد. وبالتالي يكون قد حان وقت الفراق حيث يطلق الصياد صقره ليعود إلى حياة الحرية من جديد بانتظار الخريف المقبل على أمل أسر جوارح جديدة لتدريبها والصيد بها.

على كل حال، فقد تغير الكثير منذ تلك الأيام الخوالي التي كان فيها التصقر وسيلة للحصول على المأكل. فالتصقر اليوم هو هواية للتريض. وبدأ الصقارون يجربون أنواعاً جديدة من الصقور للحصول على الأقوى والأسرع من الشاهين والحر الذين اعتادوا عليهما. وتبين لهؤلاء أن هجيناً من صقر الجير الأبيض الكبير والصقر الحر هو الخيار الأمثل. فصقر الجير  يستوطن أقصى شمال أمريكا الشمالية ولهذا ليس من المفاجئ أن الصقارين واجهوا الكثير من المشكلات في البداية في تربية وإكثار هذا الصقر في البلاد العربية غير أن تكييف الهواء والتهجين ساعدهم في حل بعض من هذه المشكلات. وقد شهدت العقود الثلاث الماضية ظهور عدد من المستشفيات المتخصصة بالصقور لمعالجة الأمراض التي تصيب الطيور المأسورة أو المرباة في الأسر على السواء.

وقد زرت مستشفيي الصقور الموجودين في دبي والآخر الموجود في أبو ظبي. وبدت المستشفيات الثلاثة لي بأنها مشغولة دوماً بلا انقطاع حيث غرف الانتظار مليئة دوماً بالرجال وصقورهم جاثمة على أيديهم. وهناك الكثير من الأطباء البيطريين المتخصصين في علاج امراض الصقور العديدة ومنها "القدم المتعثرة" وذات الرئة وهي الأكثر شيوعاً. في مرض القدم المتعثرة تتعرض المنطقة بين أصابع الطائر بعدوى حادة تلتقطها عادة من المريض التي تقف عليه والذي لا يسمح بدوران الدم على نحو جيد في أنسجة القدم. يعالج المرض إما بالجراحة أو المضادات الحيوية أو كليهما. أما ذات الرئة فهي عدوى فطرية تصيب المجاري التنفسية وخصوصاً الحويصلات الهوائية الموجودة خلف الجزء الاسفنجي من الرئة. أما الكسور في الريش فتعالج بزراعات هي ريشات تثبت على الجزء المتبقي من الريشة المكسورة بصمغ قوي. كما تركب شرائح ذاكرة صغيرة جداً على الطيور لتمكين أصحابها والمتطوعين من التعرف عليها.

ورغم أن التصقر في الإمارات لايزال يمارس بالطرق التقليدية فإن الفاعلية التي توفرها للصيادين وسائل النقل والاتصالات والأسلحة الحديثة قد زادت من الاستنزاف الذي تتعرض له طرائد الصيد. وبالتوازي مع ذلك فإن تراجع الموائل الطبيعية وأراضي التكاثر والصيد غير الشرعي على امتداد دروب هجرتها قد أدى إلى تراجع أعداد الحبارى.

كما يثور التخوف أيضاً على الصقور لكون هذه الطيور غالية الثمن والتجارة غير الشرعية بها مزدهرة في منطقة الشرق الأوسط.

في سبتمبر 1989 تأسس المركز الوطني لبحوث الطيور في أبو ظبي وهدفه إكثار الحبارى والصقور في الأسر لتقليص الضغط الذي تتعرض له هذه الطيور في حياتها البرية. كما يقوم المركز ببحوث بيئية لنشر معارف وخبرات الحفاظ على الطيور وحمايتها. الهدف الجوهري من وراء ذلك هو تحقيق صيد مستدام وتوفير ما يكفي من أعداد الحبارى كمصدر للطرائد للصيادين. فقد شهدت الأعوام الماضية عدة مرات إطلاق صقور ربيت في الأسر أو صقور أسرت لاستخدامها في الصيد إلى الحرية من جديد في باكستان من قبل برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور بالتعاون مع الصندوق الدولي لحماية الطبيعة (باكستان). في عام 1995 أطلق أكثر من مئة صقر وفي 1996 أطلق 85 صقراً بينها 60 حراً و20 شاهيناً انطلقت لحياة الحرية في منطقة غلغيت شمال باكستان. ورغم أن الصقور كانت تطلق عادة نهاية موسم الصيد، إلا أن هذا ما كان يحدث أبداً تحت مراقبة علمية لها. وضمن برنامج المركز القومي لبحوث الطيور، يزود كل طير بحلقة حول قدمه تحمل شريحة رقمية يمكن من خلالها معرفة هوية الطير أينما عثر عليه. كما أن عدداً صغيراً من الطيور زودت بأجهزة بث فضائي صغيرة الحجم لتتبع حركتها أينما ذهبت. وبالفعل فقد جرى تتبع حركة بعضها إلى غرب الصين وجنوب روسيا ثم إلى كازاخستان على طريق هجرتها الجنوبية.

 

إلى جانب الشاهين والحر المستخدمين أساساً للتصقر، هناك أيضاً عدة أنواع من الصقور توجد في الإمارات. أحد هذه الصقور التي تتكاثر هنا أحياناً العوسق الذي ذكرناه مسبقاً. أما الآخر فهو الصقر الوكري الشحري. وعادة ما يؤسر الصقران ويباعان في الأسواق وهو شيء خطر جداً عليهما ويهدد وجودهما في المنطقة. ومن بين الصقور الأخرى التي تأتي للمنطقة في طريق هجرتها بأعداد صغيرة هناك صقر الشويهين الذي يشاهد غالباً في الخريف وصقر الأصخم الذي يتكاثر صيفاً في بعض الجزر الصخرية في الخليج العربي. وكثيراً ما يشاهد صقر الغزال والصقر الوكري الشحري بخيوط لاتزال عالقة في أقدامها مما يشير إلى أنها جوارح هاربة من الأسر. ونادراً ما يأتي طير بري منها إلى المنطقة. ومن بين هذه الصقور كلها، فإن صقر الغزال فقط هو الذي خضع لدراسات علمية موسعة وكان موضوع فيلم وثائقي أخرجه السينمائي الإماراتي يوسف ثاكور الذي صور هذه الطيور على واحدة من الجزر الساحلية في إحدى دول الخليج.


التصقر تجربة فريدة جداً، وقد وصفها صاحب السمو رئيس الدولة سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في بعض قصائده.

ورغم أن زوار الإمارات يندر أن تتاح لهم فرصة مشاهدة هذه التجربة على أرض الواقع، فإن من الممكن رؤية الصيادين وهم يطلقون طيورهم خلال تدريبها. فهناك مواقع عديدة حول مدينة دبي يتم منها إطلاق الصقور يومياً أوائل الشتاء. كما أن هناك عدة وكالات سياحة وفنادق تنظم عروضاً خاصة بالصقور والتي تلقى رواجاً من الشباب والكبار على السواء. وغالباً ما يجري تدريبها بطعم من جناحي حبرية يسمونه التلواح. ويقوم المدرب بتلويح الطعم حوله مع أن المدربين يستخدمون حالياً طائرات ورقية لرفع الطعم في الهواء. ويطلق الصقر ليطير حيث يختار إما الاستقرار على شجرة أو مربض عال أو التحليق عالياً وراءه. المدرب الذي يلوح بالطعم يحاول أن يجعل حركته غير منتظمة بإطالة الحبل وتقصيرهه أو رفع الطعم وخفضه لإحبار الصقر على بذل جهود كبيرة للإمساك به. وغالباً ما يقوم الصقر بعدة إنقضاضات للإمساك بفريسته. وحين يفعل يكافئه مدربه بكلمات حلوة ومضغة لحم. وهذا التفاعل الوثيق بين الصقار والصقر ضروري للحفاظ على الثقة التي تجعل الصقر يعود لصاحبه رغم أنه حر في الطيران بعيداً دون رجعة. كما أن هذا التفاعل بين الصقار والصقر هو الأكثر سحراً بين إنسان ومخلوق بري.

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289