Arabs and Jews

يوجد على مكتبي العدد 1969 من مجلة "سجل مجلس الشيوخ"، وهو مفتوح على الصفحتين 2046-2047. وعلى امتداد 121 صفحة لاحقة توجد أسماء وبلدات31.379 من العسكريين الأمريكيين الذين قتلوا في فيتنام إبان رئاسة الرئيس ليندون جونسون. وقد طلبت نشر أسمائهم لأنني أردت أن يعرف جميع الأمريكيين، وخصوصاً زملائي في الكونجرس، في مبنى كابيتول هيل، التكلفة البشرية الباهظة للحرب. وكان ذلك جزء من جهودي لإعادة الجنود الأمريكيين لوطنهم دون تأخير.

وفي ذلك الوقت لم أكن أعلم أن روبرت مكنمارا، وزير دفاع جونسون وصل لقناعة خاصة بأن الحرب لا يمكن تحقيق الانتصار بها. ورغم رأيه، لم يفعل شيئاً لإنهاء المشاركة الأمريكية فيها. بل على العكس من ذلك، كان يكرر تأكيدات جونسون العلنية بأن هناك ضوء "في نهاية النفق" في فيتنام، رغم أن وزير الدفاع لم يشاهد ضوءاً على الإطلاق. ولم يكشف مكنمارا عن قناعته باستحالة كسب الحرب إلا عندما كتب مذكراته بعد الحرب بسنين.

وعندما خلف ريتشارد نيكسون الرئيس جونسون، رفض الدعوات بالانسحاب الفوري من فيتنام. بل إنه بدلاً من ذلك أعلن عن سياسة الفتنمة، وهي سياسة انسحاب تدريجي عندما يصبح الجنود الفيتناميون الجنوبيون قادرين على ملء الفراغ. وكان ذلك أسلوب نيكسون للانسحاب "بشرف". لكن الحرب استمرت تتصاعد، وكذلك عدد ضحاياها. وعندما استقال نيكسون بعد ست سنوات، كانت التوابيت مازالت تشحن إلى أمريكا.

إن كلاً من مكنمارا ونيكسون يستحقان صفحات سوداء في التاريخ لأنهما تركا الجنود الأمريكيين يموتون بأعداد كبيرة بعد أن تأكد لهما أن الحرب خاسرة. وعندما غادرت القوات الأمريكية فيتنام كان قد أضيف للوائح قتلى الحرب أكثر من 16.000 اسماً جديداً. لقد تمت التضحية بأولئك الشبان وهم في مطلع حياتهم المهنية دونما مبرر. وشكل ذلك خسارة مروعة لمجتمعنا كان بالإمكان تفاديها بواسطة قيادة حكيمة وشجاعة.

أذكر هذه المقدمة التاريخية الكالحة لأن الرئيس بوش يعلن عن نيته مواصلة الحرب التي بدأتها أمريكا في العراق، وهي الحرب التي يدرك كل مراقب واقعي الآن أنه لا أمل في ربحها. إن عليه أن يدرك أن سعي أمريكا للفوز بقلوب وعقول العراقيين، وهو سعي لم يكن ملموساً، قد تلاشى عندما افتضحت صور التعذيب الوحشي الذي مارسه الأمريكيون في السجون العراقية. وقد أججت تلك الصور مشاعر العداء لأمريكا في أرجاء العالم. ففي القاهرة مثلاً، ارتدت سحر صبيح ثياب الحداد، وهي التي كانت أصلاً تعارض الاجتياح الأمريكي للعراق. وهي تقول معبرة عن الرابطة التي تجمع بين 1.2 بليون مسلم "هؤلاء هم إخوتي وأخواتي."

على الرغم مما يقوله بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وغيرهما من كبار المسؤولين الأمريكيين علناً، فإنهم يدركون الآن حتماً أن تلك الحرب لم يعد ممكناً الانتصار فيها. إن عليهم أن يستجمعوا كل الحكمة واللياقة للأمر بإنهاء جميع العمليات القتالية. ومن الآن فصاعداً، يجب أن تكون المهمة الأساسية لجنودنا هي تجنب موت أو جرح أي شخص آخر، سواء كان أمريكياً أم عراقياً. وإن أشرف خطوة يمكن لقواتنا أن تقوم بها هي الانسحاب الكامل بعد أن تتولى حكومة منتخبة زمام الأمور في العراق.

عندما كان أبراهام لينكولن عضواً في الكونغرس، وصف الحرب بأنها " الاستبداد الذي يفوق جميع أشكال الاستبداد الأخرى." ولذا، ومن أجل العراق وأمريكا، يجب إنهاء هذا الاستبداد. لقد جرى شن الحرب على العراق لأسباب خاطئة، وأديرت بأسلوب سيئ. وسيشار إليها في كتب التاريخ بأنها مجرد حماقة هائلة.

إن لائحة القتلى في العراق طويلة للغاية، حتى منذ البداية.

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289