Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور

بـرج دبـي قبلــة أنظـار العالـم

كلمة رئيس مجلس الإدارة

الصفحـة الرئيسيـة

كلمة رئيس مجلس الإدارة

 دبـــــــي لانــــــــد

كيف يتحول البشر إلى وحوش

لوائح الشرف

من يخطط أمريكا ، حكومتها أم كاريل؟

الأهوار ....موت معلن و عواقب و خيمة

الماء كنز البشر الثمين الخيص

كونتيننتال جي تي .....هوية جديدة لبنتلي

الخوارزمي .. مؤسس علوم الجبر و اللوغريتمات

نساء خلدهن التاريخ ... خديجه بنت الخويلد

عجائب العالم العربي ... الجزء الثاني

معهد العالم العربي

كيف نستمتع بما هو حولنا

الحبتور للمشاريع الهندسية

رسالة إلى الرئيس بوش

الاخ  الرئيس ياسر عرفات المحترم

أخــبـار الحبتـور

مـــــــن نحــــــن

الأعـداد المـاضيـة

اتصلـوا بنـا

يقول أفراد القوات المسلحة والأجهزة الاستخبارية الأمريكية والمدنيون المتعاقدون معها ممن عذبوا وأهانوا السجناء العراقيين تحت عهدتهم في سجن أبو غريب وانتهكوا حقوقهم إنهم كانوا ينفذون الأوامر. بالفعل، فهناك مزيد من الأدلة تظهر في الأوساط العامة تشير إلى أن الأمر كان كذلك. وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت، في شهادته أمام لجنة قضائية في مجلس الشيوخ، رفض الكشف عن مذكرتين أعدهما اثنان من محامي إدارة بوش حول موضوع التعذيب وتأكيد أو نفي أن يكون الرئيس بوش نفسه قد صادق على ممارسة هذه الوسائل الوحشية.

 

وزير الدفاع دونالد رامسفيلد اعترف بأن سلطة الاحتلال قد اعتقلت سجيناً عراقياً سراً وامتنعت عمداً عن تسجيله لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ومنذ ذلك الوقت ظهرت عدة تقارير عن المزيد من هؤلاء المعتقلين غير المسجلين رسمياً.

 

وتؤكد منظمة "حقوق الإنسان أولاً" ومقرها نيويورك بأن الولايات المتحدة تعتقل آلاف المشتبهين في أكثر من 24 مركز اعتقال سري في العراق وكوبا وأفغانستان وباكستان والأردن وجزيرة سان دييغو البريطانية وعلى سفينتين أمريكيتين وأن أكثر من نصف هذه المعتقلات تعمل سراً. و تضيف أن هذه السرية التي تحيط بعمل السجون تجعل "الاعتقالات غير المنضبطة والانتهاكات غير محتملة فحسب بل وحتمية،" كما يقول آخر تقرير نشرته المنظمة. تقول ديبورا بيرلشتاين مديرة المنظمة: "حكومة الولايات المتحدة تعتقل سجناء في نظام سري من السجون الأجنبية خارج نطاق أي رقابة أو محاسبة أو سلطة قانونية كافية."

 

هذه الانتهاكات ساءت إلى الحد الذي جعل الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي عنان، المتحفظ في كلامه عادة، يحث مجلس الأمن الدولي على وقف حصانته التي يمنحها لـ "حفظة السلام" الأمريكيين من محاكمتهم لارتكاب جرائم حرب وعلى معارضة قرار أمريكي يطالب بمنحهم إعفاء شاملاً من هذه المحاكمات الدولية.

وبتذكر الأحداث السابقة، لا غرابة أن الإدارة الأمريكية رفضت بشدة توقيع معاهدة المحكمة الجنائية الدولية قبل الغزو بشكل يناقض بشدة التأييد الأولي الذي قدمته الولايات المتحدة لتشكيل هذه المحكمة.

 

مع ذلك لا نزال نسأل أين هو غضب الشارع الأمريكي؟ ولماذا يواصل أكثر من 50 في المئة من الأمريكيين تأييدهم لأفعال حكومتهم في العراق؟ بكل تأكيد أصبح هؤلاء يعرفون أن الذرائع التي سيقت للغزو- امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وعلاقاته بأسامة بن لادن- قد ثبت زيفها من قبل ديفيد كيه رئيس مجموعة العراق للتفتيش عن الأسلحة ولجنة 11 سبتمبر على الترتيب.

 

 

في تلك الأيام التي كان ثلثا الأمريكيين يعتقدون أن صدام حسين كان متورطاً مباشرة بهجمات 11 سبتمبر نتيجة البيانات التي لا تعد من جانب بوش ونائبه ديك تشيني التي تتهمه بلا أساس بهذا التورط، ربما كان من الممكن تفهم قناعتهم بضرورة محاسبة العراق. فيوم 11 سبتمبر سُمِع الرئيس بوش وهو يقول إنه لا بد من محاسبة أحدهم على هذا الهجوم، فيما نقل عن رامسفيلد بشكل واسع قوله ذلك اليوم تحديداً: "لا يوجد أي أهداف جيدة في أفغانستان فيما هناك الكثير من هذه الأهداف في العراق." حينها ولدت "الحرب على الإرهاب"، لتكون بديلاً عقائدياً طبيعياً عن "الحرب على الشيوعية" أو "الحرب الباردة".

 

فيما يلي النتيجة: العراق لم يتعرض فقط لغزو بذرائع سافرة في كذبها، بل يتعرض شعبه للسجن وانتهاك الحقوق بدون أن يتمكنوا من الاتصال بعائلاتهم أو محاميهم. وفي الوقت الذي وعدت البلاد بسيادة تامة، تم تعيين إياد علاوي، رجل السي آي أيه وقريب أحمد الجلبي حبيب البنتاغون والمطلوب بتهمة اختلاس مصرف في الأردن والمتهم بالتجسس لإيران، تم تعيينه رئيساً للوزراء فما كان منه إلا أن وجه الدعوة لقوات الاحتلال بالبقاء. أكبر سفارة أمريكية في العالم يجري بناؤها في بغداد وفعل الأمريكيون كل ما بوسعهم للاحتفاظ بقصر صدام مبنى ملحق بسفارتهم. وحين يقاتل العراقيون الرافضون لاحتلال بلادهم قوات الاحتلال يوصفون بأنهم "إرهابيون،" تلك الكلمة المريحة التي تصف كل من يعارض بعمل إرادة بوش ومن حوله من المحافظين الجدد اليمينيين.

 

إذاً لماذا يواصل المعتدون- الولايات المتحدة وبريطانيا- اعتبارهم بأنهم الأفضل وأصحاب المستوى الأخلاقي الأعلى، في الوقت الذي نجد فيه آلاف العراقيين، ممن عانوا عقوداً من الحرب والعقوبات الاقتصادية القاسية والذين يكابدون اليوم لتدبير أمورهم اليومية، نجدهم يتعرضون للقتل والتشويه والسجن والإهانة وانتهاك الحقوق؟

 

إنه السبب نفسه الذي يجعل إسرائيل، القوة العسكرية الثالثة في العالم والقوة الإقليمية النووية الوحيدة والتي تحتل الأراضي الفلسطينية وتنتهك حقوق أمة بأكملها، يجعلها الدولة الطيبة في الولايات المتحدة. فالقوي المسلح بمروحيات الأباتشي الهجومية ومقاتلات إف 16 وناقلات الجند المدرعة والدبابات والصواريخ والقنابل والجرافات الذي يقضي على أرواح الفلسطينيين بمعدل 4 إلى واحد منذ سبتمبر 2000، يعتبر في الولايات المتحدة بشكل عام ضحية هذا الصراع. حين يطلق الإسرائيليون قذائف دباباتهم على الأسواق المحتشدة بالناس أو يطلقون صواريخهم على الأحياء الفلسطينية المكتظة بالسكان، فهم لا يفعلون ذلك إلا دفاعاً عن النفس بكل بساطة. وحين يثأر المجاهدون الفلسطينيون بأي طريقة كانت يصبحون "إرهابيين". كيف تأتى لهذا التفكير المنحرف أن يحدث؟ كم منا ينتهي به الأمر بالاعتقاد تماماً بالذي تريده حكوماتنا؟ أليست لدينا إرادة حرة واستقلالية تفكير؟

 

سيطرة عقلية

الأمر كله يعود إلى الدعاية التي تقوم على الخوف وتستخدم تقنيات السيطرة العقلية الشاملة. إنها التقنيات نفسها التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية. وللكاتبة دوريس ليسنغ وصف جميل لهذه العملية: "حين أعود بذهني إلى الحرب العالمية الثانية، أرى شيئاً لم أستطع ذلك الوقت تجاوز الشك فيه بحزن. كان الاعتقاد بأن كل الناس أصبحوا مجانين. وأنا هنا لا أتحدث عن الاستعداد للقتل، للتدمير، الذي علموه للجند ضمن تدريبهم، بل عن نوع من الجو العام، السم غير المرئي، ينتشر في كل مكان. حينها تجد أن الناس في كل مكان يبدأون التصرف بشكل ما كانوا قادرين عليه وقت السلم.

"بعدها نتطلع للوراء، بدهشة. هل فعلت ذلك حقاً؟ هل هذا معقول؟ أن أسقط بسبب تلك الدعاية الرخيصة؟ هل اعتقدت أن كل أعدائنا كانوا أشراراً؟ أن كل أفعال بلادنا كانت خيرة؟ كيف استطعت أن اتقبل تلك الحالة العقلية، يوماً بعد يوم، شهراً إثر شهر- متحفز دوماً، مثار دوماً بعواطف كان عقلي حينها يرفضها بصمت ويأس؟"

 

جوزيف غوبلز، وزير الدعاية النازي، أصبح أستاذاً في هذه الحرفة. فهو الذي يكتب قائلاً: "... الناس العاديون هم عموماً أكثر بدائية بكثير مما نعتقد. ولهذا يجب للدعاية دوماً أن تكون في جوهرها بسيطة وتكرارية." أما أدولف هتلر فيضع الأمر على النحو التالي: "ما أسعد الحكومات التي لا تفكر الشعوب التي تحكمها."

 

في مين كامب، وضع نظريته "مبدأ الكذبة الكبيرة" فيما يتعلق بقابلية الجماهير لخداعها. يقول: "كلما كانت الكذبة أكبر، كلما كانت أكثر فاعلية لاستخدامها كسلاح." وهكذا أوصى بإطلاق أكبر كذبة وأقلها احتمالاً في صدقها، ومواصلة تكرارها حتى يقتنع الناس في النهاية أنه لا بد من أن تكون حقيقية.

 

وحين سئل عمن يجب توجيه الكذبة له "الأوساط العلمية الفكرية أم الجماهير الجاهلة؟" أجاب: "يجب توجيهها دوماً وحصرياً نحو الجماهير. إن القدرة التعليمية للجماهير الضخمة محدودة جداً وفهمها ضئيل وذاكرتها قصيرة." لقد استثمر هتلر الجهل واللامبالاة، وهو ما يفعله اليوم العديد من قادة الغرب. كما نظم المسيرات والتظاهرات وتلاعب بالشعارات والأوسمة والملابس الرسمية والرايات وألقى الخطب المثيرة. فعل ذلك لإلهاب الروح القومية والوحدة القومية والقضية القومية. الروح الوطنية والنزعة القومية اندمجتا في شيء واحد. الدولة لا يمكن أن ترتكب خطيئة.

 

تقنية إفراغ العدو من الإنسانية استخدمت أيضاً. هينريتش هيملر، رئيس الاستخبارات قال: "لن نكون قساة وعديمي الرحمة حين لا يكون ذلك ضرورياً، هذا واضح. نحن الألمان، الشعب الوحيد في العالم الذي تبنى مواقف نبيلة تجاه الحيوانات، سنتبنى أيضاً مواقف نبيلة تجاه هذه الحيوانات البشرية..."

 

ومدراء الدعاية يوظفون أيضاً تقنية تكرار الكلمات المثيرة للعواطف مثل "العدالة" و"القيم" و"الديمقراطية" و"الحرية" لمتابعة تحقيق أهدافهم ونفوذهم على الرأي العام. كما يستخدمون شعارات مثل "الحرية والمساواة والأخوة" (الثورة الفرنسية) والسلام والخبز والأرض (الثورة الروسية) والله يبارك أمريكا. وقد يوظفون أيضاً أغنية أو راية كنقطة جذب، لتكون رمزاً لنظامهم الاعتقادي الخاص.

 

تجربة ميلغرام

لنعد قليلاً إلى الجنود في سجن أبو غريب الذين كانوا يبتسمون أمام الكاميرات بجانب الجثث و الضحايا العراة ومغطي الرؤوس المجبرين على تشكيل هرم فوق بعضهم أو القيام بأفعال جنسية لالتقاط صور لهم من أجل ألبوماتهم العائلية أو الذين كانوا يضحكون وهم يرون السجناء يحاولون حماية أنفسهم من هجمات الكلاب غير الملجومة. إذا ما نظرنا إليهم كأفراد خارج سياق ما حدث، يبدون هؤلاء شباناً وفتيات لطيفين من أهالي البلدات الوادعة، ذلك النوع من الشبان الذي يمكن أن يدعوه أحدنا إلى بيته لتناول فطيرة التفاح التي أعدتها أمه. ولنفرض أنهم كانوا ينفذون الأمر كما قالوا، فمالذي جعلهم يشاركون في التعذيب بهذه الرغبة، بل وهذا المرح؟

 

وصف دوريس ليسنغ لتجربة ميلغرام قد تفسر لنا الأمر: "تجربة ميليغرام كانت مدفوعة بالفضول لمعرفة كيف يمكن لأناس عاديين ولطفاء مثلي ومثلك، أن يفعلوا أشياء رهيبة حين يؤمرون بفعلها- شأن الأعداد التي لا تحصى من المسؤولين في الحكومة النازية، ممن زعموا إنهم فعلوا ذلك تنفيذاً للأوامر فقط كعذر لهم.

"وضع الباحث في غرفة واحدة مجموعة واحدة اختارها عشوائياً من الناس قيل لهم إنهم كانوا يشاركون في تجربة. وكانت شاشة تقسم الغرفة بشكل يجعلهم يسمعون بعضهم دون أن يروا بعضهم. ثم جلس المتطوعون وهم يستطيعون أن يروا ظاهرياً أنهم موصولين بأسلاك كهربائية إلى آلة تسبب لهم صدمات كهربائية بشدات متزايدة تصل حتى نقطة الموت، مثل الكرسي الكهربائي.

 

"كانت الآلة تشير للجالس على الكرسي الكهربائي كيف يتوجب عليه أن يفتعل الاستجابة للصدمات- أنات ثم آهات ثم صرخات ثم رجاءات بانهاء التجربة. الشخص الموجود في نصف الغرفة الأول كان يعتقد فعلاً إن الشخص الموجود في النصف الثاني كان في الحقيقة موصولاً بالألة. وقيل لهم إن مهمتهم هي توجيه صدمات كهربائية متزايدة في شدتها تبعاً لتعليمات مدير التجربة وأن يتجاهل صرخات وآلام ورجاءات الأشخاص الآخرين على الجانب الآخر من الشاشة.

 

"62 في المئة من الذين خضعوا للتجربة واصلوا توجيه الصدمات حتى مستوى 450 فولت. عند مستوى 285 فولت كان الجالس على الكرسي يطلق صرخة ألم بالغ ثم صمت. أما الذين كانوا يوجهون ما اعتقدوا أنها جرعات كهربائية تسبب آلاماً رهيبة... فقد واصلوا فعل ذلك. بعد التجربة لم يستطيع معظم هؤلاء تصديق أنه كان قادراً على القيام بهذا السلوك. بعضهم قال: "طيب ... كل ما فعلته أني  نفذت التعليمات."

 

الأخلاقيات الجماعية

العقلية الجماعية هي عامل آخر مهم يجب أخذه بعين الاعتبار لمحاولة فهم سبب تصرف السجانين الأمريكيين بهذه الطريقة المقززة. معظمنا عرضة لغريزة القطيع وضعيف أمام ضغط الأنداد. فقد اكتشفت الدراسات أن 10 في المئة من الناس هم قادة وأصحاب قرار، فيما البقية تابعون. أضف لذلك أن معظمنا يسعى جاهداً حتى يكون محبوباً من الآخرين حوله. فإذا ما استطاع سجان مهيمن اقناع الآخرين بأن ما يفعلوه هو الشيء الصحيح، فإن الاحتمال هو أن البقية سيضعون جانباً أخلاقهم مقابل عدم تهديد القارب.

 

كارول ترافيس يكتب في مقالة نشرتها نيويورك تايمز عام 1991 قال فيها: "إن أمتنا، بكل ما تظهره من تمجيد للجوال الوحيد والرائد المستقل، لا تحترم في الحقيقة الفردية- على أقل تقدير حين يتصرف الشخص بشكل فردي ويقف في وجه الجماعة. (إننا نحب المنشقين، لكن فقط حين ينشقوا في روسيا أو الصين)." ومرة بعد مرة تظهر الدراسات التي لا حصر لها أن الناس يفضلون المسايرة بدلاً من المجازفة بالتعرض لإحراج الظهور بمظهر العصاة أو الأفظاظ أو غير الموالين.

في ماي لاي الفيتنامية، قرر جندي أمريكي كسب مؤخراً فقط الاعتراف بأنه كان أحد أبطال حرب فيتنام، أن يقف ضد أخلاقيات الجماعة السائدة وكان قراراً دفع ثمنه شخصياً. هوغ تومبسون، قائد مروحية، كان في مهمة استطلاعية فوق تلك القرية الفيتنامية الصغيرة حين رأى جنوداً أمريكيين يقفون فوق خندق ممتلئ بالجثث، فيما كان جنود أمريكييون آخرون يقومون بإعدام الأسرى. حين قلل من ارتفاعه ليقترب من الأرض رأى امرأة خائفة تحاول الاختباء. زميله قال إن عليها أن تتظاهر بالموت. لكن حين عادوا إلى القرية وجدوا أن رأس المرأة قد مزقه بالرصاص.

 

ساعتها رأى تومبسون مجموعة من الرجال والنساء والأطفال يهربون من الأمريكيين إلى أحد الخنادق. فلم يتردد في الهبوط بمروحيته بين الجنود والمدنيين، بل ومضى حتى توجيه الأوامر إلى رجاله في المروحية بإطلاق النار على الأمريكيين إذا ما أطلقوا النار. وأمر الجنود بإيقاف نيرانهم فيما قرر إنقاذ الفيتناميين. فما كان من أحد الجنود إلا أن صرخ: "نستطيع أن نقضي عليهم كلهم بقنبلة يدوية واحدة." في ذلك اليوم الرهيب من عام 1968 تعرض حوالي 300 مدني فيتنامي للذبح، وبعضهم للاغتصاب، غير أنهم في أمريكا لم يعرفوا بالأمر إلا بعدها بعام حين كشف الصحفي الأمريكي سيمور هيرش عن القصة- وهو الصحفي نفسه الذي كان أول من كشف فظائع أبو غريب.

 

تومبسون استطاع أن ينقذ عدداً آخر من النساء والأطفال في ماي لاي، لكن لدى عودته إلى الولايات المتحدة تعرض للتجاهل في مدينته التي يعيش فيها والتي فضلت أن تعطي استقبال الأبطال أبطال ا تنتأبطال لأولئك الذين ارتكبوا الفظائع. فقد نظر أهل مدينته إليه كإنسان غير وطني، بل وخائن أيضاً. ولم تقرر المؤسسة العسكرية الأمريكية مكافأته على شجاعته وإنسانيته إلا بعد 28 عاماً.

 

حرب فيتنام لطخت سمعة رئيسين أمريكيين وتركت وطأتها الثقيلة على ضمير الكثيرين من الأمريكيين حتى أصبح رونالد ريغان رئيساً واستعاد ثقة أمريكا بنفسها مرة أخرى رغم التدخلات غير الأخلاقية في شؤون دول أمريكا اللاتينية وتعاملاته القذرة مع إيران والعراق وقصفه ليبيا. وبعد تعاقب الرؤساء الأمريكيين، كسبت أمريكا عموماً احتراماً عالمياً. لكن هذا تغير مع وصول جورج بوش الثاني.

 

تقول إليزابيث هولتزمان، عضوة الكونغرس السابقة والنائبة العامة في مدينة نيويورك والتي كانت عضوة في اللجنة القضائية للكونغرس أثناء قضية عزل الرئيس ريتشارد نيكسون: "المعاملة الفظيعة للسجناء العراقيين قد أساءت لسمعة الولايات المتحدة وتهدد جنودنا ومواطنينا. إن الطريقة الأفضل لتخليص بلادنا من ذلك ومعالجة الضرر الذي تعرض له السجناء العراقيون هي ضمان محاسبة كل من له مسؤولية عن هذه الأفعال- بدون استثناء. قد ندفع ثمناً باهظاً إن لم نفعل ذلك."

 

وهي محقة. فالعداء لأمريكا أصبح متفشياً نتيجة سياسات تجارة الحرب التي تقوم بها الإدارة الأمريكية. والكثير من الأمريكيين يسافرون حول العالم اليوم وهم يدعون أنهم كنديون بل وطلب منهم ألا يلوحوا بالأعلام الأمريكية خلال الألعاب الأولمبية في العاصمة اليونانية أثينا.

ويسأل الكاتب كريس فلويد في عمود نشرته موسكوتايمز: "هل أتت حرب بوش بالديمقراطية للعراق؟ هل وجهت ضربة للإرهاب؟ هل جعلت أمريكا أو الشرق الأوسط أو العالم أكثر أمناً؟ لا. غير أن هذه الحرب ما كانت نيتها أصلاً تحقيق أي من هذه الأهداف. كل هذا الدم وهذه الفوضى- هذه الجريمة الجماعية- كان الهدف منها شيء واحد: تعزيز هيمنة حفنة من النخب. هذه المهمة قد أنجزت بالفعل. وليست هناك أي فرصة أبداً بأن يواجه مدبروها العدالة." غير أن فلويد قد يكون مخطئاً في نتيجته الأخيرة ونحن نعيش في عصر الاتصالات السريعة وشبكات التلفزة الفضائية والإنترنت. قد لا يذهب هؤلاء إلى السجن، لكنهم سيعرون على حقيقتهم ويفقدون مصداقيتهم. والأمل هو أن يحدث هذا عاجلاً لا آجلاً!

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289