فندق متروبوليتان الذي كان معلماً شهيراً في دبي على مر 33 عاماً أغلق أبوابه نهائياً في 15 مارس 2012.
كان الفندق معلماً مهماً في مدينة دبي التي كانت لا تزال فتيّة وقيد التطوير، ويُعتبَر قديماً بالمقارنة مع المباني الأخرى. وكان أيضاً أول فندق يُشيَّد في شارع الشيخ زايد الذي أصبح الآن المركز المالي للمدينة، وتحوّل طريقاً سريعاً حديثاً جداً وذائع الصيت حول العالم، لكنه لم يكن في ذلك الوقت سوى مجرّد ممر عبر الصحراء.
ولذلك نفهم تماماً المكانة الخاصة التي يحتلّها الفندق في قلوب أبناء دبي والمقيمين فيها على السواء، وكذلك في قلوب الزائرين الكثر الذين تردّدوا إليه مراراً وتكراراً.
صحيح أن من عرفوا الفندق حزنوا عند سماع خبر إغلاقه، لكنهم تنفّسوا الصعداء من جديد لدى إعلان مجموعة الحبتور عن نيّتها بناء مجمّع فندقي وترفيهي تصل كلفته إلى ملايين الدراهم ولم يُشهَد له مثيل من قبل في الشرق الأوسط.
وقد أعرب خلف الحبتور، رئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، عن غصّةٍ لإغلاق فندق متروبوليتان، لكنه أبدى تفاؤله أيضاً بشأن المستقبل وما يحمله المجمّع الجديد قائلاً “على الرغم من حزني على إغلاق متروبوليتان لأنه لا يزال يعبق بالذكريات العزيزة عليّ، أنا متحمّس جداً لمشروع فندق حبتور بالاس وأنا على يقين من أنه سيصبح من أروع المعالم في البلاد”.
وعلّق يوسف شلبي، مدير المشاريع في مجموعة الحبتور الذي كان مسؤولاً عن بناء فندق متروبوليتان “شهدت على عملية بناء الفندق، والآن أشهد على هدمه. لقد مرّ الوقت بسرعة كبيرة”.
وتذكّر كم كانت المدينة مختلفة قبل 33 عاماً، مضيفاً أنه كان زمناً مفعماً بالأمل: “كنّا متحمّسين جداً لأن دبي كانت تشهد الطفرة الكبرى الأولى. لا شك في أن حجمها لا يضاهي الطفرة الثانية التي حصلت بين 2004 و2008، لكنها كانت الطفرة الأولى في منطقة الخليج”.
وأضاف أن موقع الفندق اعتُبِر غير اعتيادي في تلك المرحلة: “كان شارع الشيخ زايد غير متطوّر في ذلك الوقت، ولم يكن هناك وجود لبرج خليفة ومعبر الخليج التجاري.”.
في الواقع، كان هناك عدد قليل من الفنادق في المنطقة. يقول شلبي “كان فندق هيلتون في شارع الشيخ زايد قد أُنجِز للتو. والمهندس المعماري الذي تولّى تنفيذه كان جون هاريس الذي صمّم أيضاً فندقنا، لكن لم تكن هناك فنادق أخرى في المنطقة” ويضيف أن فندق متروبوليتان بني بمحاذاة معسكر القيادة العسكرية المركزية التابعة للقوّة الدفاعية في دبي: “كانت دبي تملك قوة عسكرية وجوية شبه مستقلّة في ذلك الوقت، ومن هنا التسمية ‘دوّار الدفاع’”.
شُيِّد الفندق كاملاً في أقل من عامَين بفضل استخدام تقنيّات بناء متطوّرة في ذلك الوقت، منها استعمال أول مضخّة للإسمنت في دبي. يشرح شلبي “كنّا قد حصلنا قبل عام على مضخّة للإسمنت وأشكال خاصة للأنفاق من متعاقد أمريكي في الشارقة. لم يكن أحد قد استخدم مضخة للإسمنت في هذه المنطقة من العالم”.
ويتابع “قمنا أيضاً بالإستعانة بشركة “توماس سوندرز أند أسوشييتس” البريطانية المتخصِّصة في التصميم الداخلي. وأكثر من ذلك، كانت شركة الحبتور الهندسية تملك أكبر قسم للرخام في البلاد، وكنّا قد أنشأنا للتو مشغلاً للنجارة، وهكذا كنّا نملك المقوّمات الأساسية التي تحتاج إليها شركة إنشاءات حديثة”. ويضيف أن النوايا الطيّبة كانت في أساس بناء الفندق: “شارك عدد كبير من الشركات الحديثة العهد في تنفيذ المشروع، وأصبح عدد كبير منها معروفاً في مجاله”.
عندما فتح الفندق أبوابه، كان يضم خمسة مطاعم وحانات بينها “ريد ليون بار” الذي كان أول حانة بريطانية الطراز في دبي. يقول شلبي “دفعنا 474000 درهم إماراتي لشراء الامتياز من المملكة المتحدة، لكن الحانة لقيت رواجاً كبيراً جداً. في العام نفسه الذي افتتحناها فيه، اضطررنا إلى زيادة القدرة الإستيعابية مرّتين. فقد صُمِّم لتأمين التبريد لنحو 120 شخصاً، وكان 300 إلى 350 شخصاً يرتادون الحانة كل ليلة”.
ويضيف أن جاذبية الفندق كانت تكمن في جزء منها في أجوائه المنزلية. يعلّق شلبي “لم يكن الزائر يشعر بالإرباك عندما يدخل اللوبي خلافاً لما يحصل في كثير من الفنادق الحديثة. ولذلك أحبّ عدد كبير من الناس العاديين الفندق.”
على الرغم من أن شلبي حزين أيضاً لإغلاق الفندق، إلا أنه يدرك أنه لا مفر من التغيير. فهو يقول “قطعة الأرض كبيرة جداً، وقد أُهدِرَت على فندق صغير. من وجهة نظر تجارية، ليس منطقياً الإبقاء على الفندق كما هو.
كما أنه لم يعد ممتعاً للنظر من الناحية المعمارية. يجب أن تسير الأمور نحو الأمام، لا يمكن أن يتحكّم الحنين بحياة المرء. لكنني أقرّ بأنها نهاية الحقبة”.
وبمناسبة إغلاق الفندق، أقيم حفل وداعي في السابع من مارس 2012 استضافه خلف الحبتور وحضره عدد كبير من الضيوف الأوفياء لفندق متروبوليتان.
قال الحبتور للمشاركين في الحفل “افتتح الفندق أبوابه في فبراير 1979. وقد قام سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، أسكنه الله فسيح جنّاته، بتدشين المكان.
أتذكّر جيداً عندما نظر الشيخ راشد من حوله وضحك قائلاً ‘خلف، الفندق مثل حمار مربوط بشجرة في أرض جافة ومالحة’. كان يمزح بالتأكيد. كانت لدى الشيخ راشد رؤية عظيمة لدبي، وكان يعلم ما سيصبح عليه شارع الشيخ زايد، ولذلك أعطاني تلك الأرض”.
وشرح الحبتور أن أعمال بناء الفندق الجديد ستبدأ في أبريل 2012، ومن المتوقّع أن ينتهي بحلول سنة 2016.
وأضاف “سوف يضم الفندق الجديد بعض المرافق التي كانت موجودة في فندق متروبوليتان مثل ريد ليون ودون كورليون، إذاً لن نودّع ضيوفنا. إنه مجرّد انقطاع صغير في علاقة طويلة نأمل في أن تُستأنف في السنوات المقبلة وتستمرّ لوقت طويل”.
وختم قائلاً “صحيح أننا نهدم واحداً من معالم دبي التاريخية، لكنه سيُستبدَل بمعلم أكبر للمستقبل. هذه ليست النهاية؛ بل إنها ولادة جديدة لصرح عظيم”.