رايس تستطيع قلب المعادلة، ولكن؟

بقلم بول فيندلي

أبدت كوندوليزا رايس، وزيرة خارجية الولايات المتحدة، منذ أيام عقب خروجها من اللقاء العربي الإسرائيلي الأخير الذي لم يسفر عن أي نتائج استغرابها من معارضة الحكومة الإسرائيلية لخطة السلام العربية، وهو العرض الأكثر ترحيباً به لإيجاد تسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي. وأردفت رايس، ممتعظة من هذا الرفض، بقولها: "بكل بساطة لم أفهم سبب هذا الرفض."


كان هذا الاجتماع يمثل آخر جهودها الرامية إلى إقناع الطرفين بهذه الخطة. وخلال السنتين المتبقيتين من رئاسة جورج دبليو بوش، يمكنها إنقاذ رئيسها من التركة القاتمة التي سيخلفها وراءه كرئيس فاشل في الحرب، عبر الفوز بالثناء الدولي عليه باعتباره صانع السلام في الأرض المقدسة فقط إذا ما تخلت عن سياسة الإقناع اللطيف واختارت بدلاً منه كسب محبة الرئيس بالوسائل المتشددة.

بإمكان الرئيس بوش أن يفرض تعاون كافة الأطراف وتحقيق تسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي فقط إذا استطاع أن يواجه بصلابة اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة. ويتعين عليه أيضاً أن يقف بحزم وأن يكرس الإمكانيات الهائلة المتاحة للرئيس على فرض قبول خطة الجامعة العربية. على الرئيس بوش أن يتحلى بالعزم ويستخدم الوارد الهائلة المتاحة لرئيس الولايات المتحدة لفرض القبول بمبادرة السلام العربية، علماً أن هذا العرض المقدم من قبل 23 دولة عربية يتضمن إقامة علاقات سلمية طبيعية إذا ما قبلت إسرائيل العودة إلى حدود ما قبل عام 1967، باستثناء مقايضات الأراضي حول حدود ما قبل 1967 بالاتفاق المشترك.

اليوم، لا بد أن يكون بوش مقتنعاً بما لا يقبل الشك أن الإسرائيليين سوف لن ينعموا أبداً بالسلام الحقيقي ما لم يحصل الفلسطينيون على الأمن داخل حدود دولتهم المستقلة. وربما تدرك رايس، كما أدرك أنا، بأن مثل هذا العرض يشكل صفقة رابحة لإسرائيل يجب اغتنامها. غير أن ما قد لا تدركه بعد هو أن أولمرت يتبع غرائزه الفجة. إذ يتعين دفعه نحو المبادرة العربية بقوى سياسية أكثر تهديداً له من المستوطنين اليهود مثيري الشغب في الأراضي الفلسطينية. وأولمرت اليوم زعيم ضعيف يتعرض لهجمة داخلية قوية نتيجة فشله في غزو لبنان العام الماضي. وفي المقابل يصر على سجن الفلسطينيين خلف جدار يرتفع 20 قدماً على أمل أن يؤدي ذلك إلى كسر إرادتهم.

اعتراف رايس عقب اللقاء الأخير يشير إلى أنها قد غفلت عن حقيقتين أساسيتين. تتعلق الأولى الهدف إسرائيل المؤكد الذي نادراً ما يثار علناً، وهو الضم النهائي لجميع الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967 إلى إسرائيل الكبرى باستثناء سيناء التي أعيدت لمصر منذ فترة بعيدة. والثانية هي الهيمنة المحكمة لإسرائيل على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. قوة إسرائيل هذه صامتة ولكنها شرسة وقادرة على الدفاع بنجاح عن كل عمل تقوم به إسرائيل في وإرهاب كل سياسي أمريكي تقريباً حتى الخضوع.

لكن بمرور الوقت ربما تدرك رايس قريباً هذه الحقيقة وتوقظ الرئيس بوش لاغتنام فرصة نادرة لكسب صفحة بيضاء عنه في التاريخ. وباعتبارها صديقته المقربة ومستشارته الموثوقة، يجب على رايس أن تحاول إقناع الرئيس بوش بإمكانية كسب تلك الصفحة دون إطلاق رصاصة واحدة. كل ما يحتاجه هو أن يهدد بوقف جميع المساعدات الأمريكية لإسرائيل حتى تقبل مبادرة الجامعة العربية. وقد سبق للرئيس بوش أن قام بخطوات في الاتجاه الصحيح، حيث كان أول رئيس يؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وكرر هذا التعهد خلال خطابه عن حال الاتحاد.

وقد حدث مؤخراً تطوران جديدان يجب أن يلفتا انتباه رايس، وكذلك الرئيس، إلى الدور الخطير الذي يلعبه اللوبي الإسرائيلي. الأول، هو السجال الصاخب الذي أثير حول دراسة تتعلق باللوبي الإسرائيلي قام بها اثنان من الأكاديميين المرموقين هما ستيفن والت من جامعة هارفارد وجون ميرشيمر من جامعة شيكاغو. أما الثاني فهو الجدل العريض الجاري حالياً بخصوص كتاب الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر وقفز على قائمة الكتب الأكثر مبيعاً وهو "فلسطين: سلام وليس تفرقة عنصرية."

يتمتع الرئيس بوش بالنفوذ الذي يمكنه من السيطرة على أي هجوم معاكس يمكن أن تشنه إسرائيل واللوبي الداعم لها في الولايات المتحدة. وباعتباري كنت هدفاً للوبي إسرائيل الرئيسي أوائل الثمانينيات، أستطيع أن أفهم موارد قوة هذا اللوبي. غير أن خبرتي الطويلة في الكونغرس تجعلني مقتنعاً بأن أي رئيس أمريكي سيكون قادراً على هزيمة هذا اللوبي عبر أخذ دعواه وطرحها أمام الشعب الأمريكي. وقد سبق للرئيس، جورج بوش الأب أن فعل مثل هذا الأمر وإن لمدة وجيزة أواسط فترة حكمه.

فهل بوش الابن أهل لمثل هذه المهمة؟ وهل سيطالب بتسوية شاملة للنزاع العربي الإسرائيلي فيما تبقى له من فترة حكمه؟ وهل بإمكان وزيرة خارجيته رايس أن تحول اهتمامه من المشهد الكئيب في العراق إلى الأمل البراق الذي تحمله مبادرة الجامعة العربية؟

تشير استطلاعات الرأي إلى أن 40 في المئة من الإسرائيليين يساندون المبادرة العربية بينما تتجاوز دعم لها بين الفلسطينيين 70%. ولو أراد الرئيس أن يتحرك بحسم، وهو الموهبة التي يمتلكها حقاً، فسوف تكون له الغلبة. ومثل هذا الإنجاز سوف يكون من الضخامة بحيث سترحب به البشر ذوي النوايا الطيبة في كل أرجاء العالم وخصوصاً المسلمون، كما سيساعد أمريكا في استعادة مكانتها الأخلاقية إلى الأعلى حيث ينبغي أن تكون. ولأن هذا الأمر سيؤكد التزام بوش بتحقيق العدالة للفلسطينيين العرب، فقد يخفف أيضاً من حدة المقاومة ضد الأمريكان بين العراقيين العرب.

على صعيد السجل الشخصي للرئيس، أنا على يقين من أن هذا الدور في صنع السلام سوف يعوض بشكل كبير عن قراره الخاطئ بشن الحرب.

بول فيندلي عضو مجلس الشيوخ الأمريكي من 1961 وحتى 1983. وبعد تركه الكونغرس، وضع خمسة كتب، من بينها "لا مزيد من الصمت: الناس والمؤسسات في مواجهة اللوبي الإسرائيلي" الذي كان أكثر الكتب مبيعاً على قائمة واشنطن بوست. ويعيش حالياً في مدينة جاكسونفيل في ولاية إلينويز.

 

 

 

 

أعلى


 

 | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور
الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289