Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور ابــن بطــوطــة كلمة رئيس مجلس الإدارة

الصفحــة الـرئيسيـة

كلمة رئيس مجلس الإدارة

   الطـريـق مـن العظمــة إلى الغطرسة

 لغـــز 11 سبتمبر لا يــزال
 تحت ستــار الظــلام

حصـــــــاد الغضـــــــب

مـفــــــــــارقــــــــــات

الحرب الوقائية جحيم أيضا

قـلـــب دبـــــي النــابـــــض

امــــــــراة متميــــــــــــزة

ابـــــن بـطـــــــــوطـــــــــة

تاريــــخ أفــــلاج الـــــري

نوافـيـــر الكرات العملاقة

عـــــــــروس البحــــــــــــر

و تستمـــــــــر الحـيــــــــاة

الحبتور للمشاريع الهندسية

أخـبـــــــــار الحــبــتـــــــور

مـــــــــــــن نحــــــــــــــــــن

الأعـــداد المـاضيــة

اتصلـــــوا بنــــا

لو كنت من المؤمنين بنظرية المؤامرة لقلت،  وأنا أنظر خمس سنوات إلى الوراء، إن كل الأحداث التي شهدها عالمنا منذ الإنقلاب العسكري في باكستان كانت خطة وضعها المجمع الصناعي العسكري القوي في أمريكا ليتمكن من الحصول على الاستخدام الحصري لحصة الأسد من الموارد الطبيعية الحيوية مثل النفط والغاز. كما أنها ستمكنه من الحصول على أسواق مضمونة للسلع والخدمات الأمريكية في كل العالم. فقد تعرضت الحكومات الأمريكية لنفوذ خفي عميق من جانب المؤسسة العسكرية القوية التي غيرت، بالتضافر مع المصالح الصناعية القوية، الفكر السائد في السياسة الخارجية الأمريكية على مدى العقد الماضي، وحولته على المستوى العالمي من موقف قريب من الانعزالية إلى الحمائية الفعلية، عبر اللجوء للقوة العسكرية والمقدرات الاقتصادية.

لكن ما الذي يجعلني أختار الانقلاب العسكري في باكستان نقطة البداية لفرضية نظرية المؤامرة هذه؟ إن الاطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً على يد العسكر وإرساء نظام دكتاتوري بقيادة الجنرال برويز مشرف قد وفر لأمريكا إمكانية إقامة قواعد عسكرية في باكستان، تدير منها ’الحرب على الإرهاب‘ التي أعلنتها في أفغانستان.

وفي ضوء الأحداث اللاحقة، يبدو من الممكن أيضاً أن يكون الجنرال مشرف قد حظي بمباركة الأمريكيين حين قرر الانقلاب على الحكومة المنتخبة. بل إني، لو كنت من المشككين العتاة، لقلت إن العلاقات الأمريكية الوثيقة مع المؤسسات العسكرية والاستخبارية الباكستانية، التي أسست أواخر السبعينيات (لدعم الميليشيات الأفغانية في حربها مع الروس)، كانت عاملاً في تمهيد الطريق أمام الجنرال مشرف للاستيلاء على السلطة دون أن يواجه إلا أقل قدر من المصاعب الدولية. إذ ينبغي لنا ألا ننسى أن سي آي أيه كانت تهرب السلاح والمال والمستشارين إلى أفغانستان عبر جهاز المخابرات العسكرية الباكستانية وغيرها من الوحدات العسكرية الأخرى.

من هذه النقطة وصاعداً، تتكثف فرضيتي لنظرية المؤامرة. إذ مباشرة بعد تسلم الجنرال مشرف لزمام السلطة، عرض على شوكت عزيز أن يكون وزير ماليته، وهو الذي كان يترأس حينها الاستثمار العالمي الخاص في مجموعة سيتيكورب، وهي أكبر المجموعات المصرفية في أمريكا. مباشرة مرة أخرى، وفور قبوله المنصب، استطاع عزيز أن يحرر برنامج قروض لباكستان تصل قيمته حتى 1.5 مليار دولار كان قد صندوق النقد الدولي قد وعدها به ثم جمده بسبب الانقلاب.

دعونا الآن ننتقل إلى فبراير 2001 . في ذلك الشهر أدى الرئيس جورج بوش اليمين الدستورية رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في جو من الشكوك أحاطت بانتخابه، حيث يعتقد كثير من الأمريكيين أنه سرق الانتخابات من منافسه الديمقراطي آل غور عبر التحيز في إحصاء أصوات ولاية فلوريدا، بمساعدة أخيه حاكم الولاية جيب بوش. لكن من المثير للاهتمام هنا أيضاً أن بوش، حتى قبل انتخابه، كان لديه تصور مكتمل للهيمنة الأمريكية على العالم. هذا التصور كان مصوغاً في وثيقة أعدها دونالد رامسفيلد وديك تشيني وبول ولفويتز ولويس ليبي وآخرون تحت عنوان: ’’إعادة بناء دفاعات أمريكا: الاستراتيجيات والقوات والموارد لقرن جديد‘‘، وتمت كتابتها في سبتمبر 2000 . وقد كشفت صحيفة ’صنداي هيرالد‘ هذه الحقيقة. وغني عن الذكر أن كل المذكورين أعلاه يحتلون الآن مناصب رفيعة في إدارة الرئيس بوش.

تصف هذه الوثيقة القوات الأمريكية في الخارج باعتبارها الفرسان الذين يحرسون الحدود الأمريكية. كما تقول إن الولايات المتحدة يجب أن تثبط عزم الدول الصناعية المتقدمة الأخرى على تحدي القيادة الأمريكية، أو حتى على أن تطمح لاكتساب دور إقليمي او دولي أكبر. وتحدد الوثيقة الهدف الرئيس للهيمنة الأمريكية بأنه تحقيق قوة مهيمنة على كل الموارد وفتح الأسواق العالمية أمام المنتجات والخدمات الأمريكية.

جدير بنا أن نلاحظ هنا أن الرئيس بوش، في الشهور الأولى لرئاسته، رفض توقيع معاهدة كيوتو للتسخن الأرضي، وجادل بدلاً من ذلك دفاعاً عن استغلال شركات النفط والتعدين الأمريكية للبراري الطبيعية في ألاسكا. بل إنه قضى على معاهدة التسلح النووي مع روسيا وأحيا برنامج ’حرب النجوم‘ الدفاعي الذي بدأه الرئيس الأسبق ريغان. كما قام بتخفيض كبير للضرائب لصالح الفئات الأغنى في أمريكا، مما أفاد  بشكل هائل المؤسسة العسكرية والشركات الأمريكية الكبرى.

ثم، تماماً حينما بدأ المواطنون الأمريكيون العاديون يحسون بالاستياء من رئاسة بوش وتحيزه لمصالح الأغنياء والأقوياء، أتى يوم 11 سبتمبر وتهاوى برجا مركز التجارة العالمي على يد إرهابيين قادوا طائرات مختطفة نحوهما. هذا الهجوم المشين الذي استهدف مدنيين أمريكيين وحد الشعب الأمريكي خلف الرئيس، وأذاب كل الشكوك حول أداء بوش في الحكم.

أصبح معروفاً الآن أن تحذيرات من هجوم إرهابي وشيك داخل الأراضي الأمريكية قد قوبلت بالتجاهل في عدة وكالات اتحادية في البلاد. بل إن البيت الأبيض نفسه قد غض الطرف عن تحذير تلقاه (اعترف متحدث باسم البيت الأبيض، في مايو 2002، أن الإيجازات الاستخبارية اليومية التي تقدم للرئيس بوش قد تضمنت، في الأسابيع السابقة للهجوم، تحذيراً من أن تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن سيحاول اختطاف طائرة مدنية داخل الولايات المتحدة).

أسامة بن لادن، المواطن السعودي المتهم بالتخطيط للهجوم، كان وطالبان يحصل على تمويل وتدريب وعتاد من أمريكا ليقاتل الروس في أفغانستان. ومن المثير للاهتمام، في ضوء العلاقات الوثيقة بين الاستخبارات الأمريكية ونظيرتها الباكستانية، ما أورده تقرير لصحيفة ’تايمز أوف إنديا‘ عن أن لفتنانت جنرال محمود أحمد، رئيس أجهزة الاستخبارات الباكستانية، قد حول 100 ألف دولار لمحمد عطا، قائد منفذي الهجوم.

منذ هجمات 11 سبتمبر تعرضت أفغانستان للغزو وأطيح بنظام طالبان- لتوفيرها مأوى لابن لادن- ضمن سياق حرب أمريكا ضد الإرهاب. غير أن اسمه، رغم كل هذا المجهود الذي بذل لأسره أو قتله، قد غاب عن شاشة رادار الإدارة الأمريكية، وبالكاد نسمع به اليوم، ما لم يأت ذلك ضمن محاولة لإيجاد صلة له بنظام أو حكومة لم تعد أمريكا تحبها. ويكاد يبدو الأمر وكأن أمريكا قد سمحت له من جديد بالتنقل بحرية بعد أن أدى الغرض المطلوب منه وهو تمكين أمريكا من تنصيب حكومة جديدة في أفغانستان. كما يبدو أن هذا كله أيضاً خطة تسمح لأمريكا مستقبلاً باتهامه كلما أرادت أن تتحرك ضد دول ’غير صديقة‘ أو رغبت في وضع يدها على موارد طبيعية بالقوة. ولننظر للمبررات التي قدمتها أمريكا لغزو العراق! المبرر الرئيسي هو تسمية العراق كإحدى دول محور الشر أسوة بكوريا الشمالية وإيران بالتأكيد كانت له علاقات وثيقة بالقاعدة، لكن هل كان من المحتمل أن يعطيها أسلحة نووية وكيماوية لاستخدامها ضد أمريكا وحلفائها؟ إن أياً من هذه المزاعم التي ذكرتها إدارة بوش لم يؤيده أي دليل قويم حتى الآن.

مثلما نعرف جميعاً، النفط مورد طبيعي غير متجدد سينفذ بعد 150 عاماً من الآن تقريباً. ومع تقدمه نحو نقطة النفاذ، فإن الاحتياطيات المتاحة منه ستتناقص باضطراد. هذه الحقيقة دفعت بحكومات العالم للسعي وراء إمدادات كافية من النفط. كما أن على هذه الحكومات أن تضمن أمن وسائل نقل إمداداتها النفطية إليها، إذا ما أرادت ضمان سلامة اقتصادياتها. أعتقد أن هذه الحقيقة هي التي تحرك السياسة الأمريكية الخارجية حالياً. وسنجد الدليل الذي يدعم هذا الرأي في ’التفاهم‘ الذي وقعه، في مايو من العام الماضي، زعماء أفغانستان الجدد مع باكستان وتركمانستان لمد خط أنابيب بتكلفة ملياري دولار من وسط آسيا إلى شبه القارة الهندية، والذي سينفذه على الأغلب ائتلاف من الشركات الأمريكية. هذا المشروع سيوفر لأمريكا منفذاً سهلاً إلى نفط وغاز وسط آسيا، دون الحاجة لشحنه خارج بحر العرب عبر مضيق هرمز. كما أنه سيوفر لها مورداً احتياطياً في حال تعرض إمدادات النفط من الخليج لأي تهديد.

بعد نجاح غزو العراق والإطاحة بصدام حسين، فإن أي حكومة جديدة في العراق ستنظر بعين التفضيل على الأغلب للمطالب الأمريكية بخصوص توزيع الحصص النفطية العراقية، كما ستتعرض للضغط لفتح أسواقها أمام الشركات الأمريكية.

إن أي مقتنع بنظرية المؤامرة يحترم عقله، لن يتمكن من التعامي عن رؤية جدول عمل خفي وراء كل هذه الأحداث. بل سيقول إن الهجمات الشرسة على أمريكا قد سمحت للرئيس بوش أن ينفذ سياسته غير المعلنة القائلة باستخدام القوة العسكرية لاستدامة التفوق الاقتصادي وفتح أسواق جديدة أمام الشركات الأمريكية الكبيرة.

حتى الآن تضم قائمة المنتفعين الرئيسين من مبدأ بوش الجديد هذا شركات النفط والسلاح الكبيرة. فقد ازدهرت أعمال شركات السلاح جداً منذ 11 سبتمبر، مع زيادة الموازنة العسكرية الأمريكية بمقدار 32.6 مليار دولار لتصل 400 مليار تقريباً! والإنفاق الدفاعي سيزداد بشكل كبير أيضاً مرة أخرى مع غزو العراق.

قد يبدو، مما أقول من ملاحظات، أني مناهض لأمريكا؛ لكن لا، لست كذلك. أنا أحب وأحترم أمريكا لحرياتها الديمقراطية، لنظامها القضائي العادل والمساوي بين الناس، لاحترامها حقوق الفرد، لانفتاحها الاقتصادي الذي يضع أقل العراقيل أمام كل من لديه القدرة على النجاح.

غير أني أعتقد أن لنا الحق بالتأكيد، نحن البشر في بقية العالم، في أن نثير أسئلة مشروعة حول بعض الأحداث التي قد أدت بنا لحرب أخرى، خصوصاً إذا كانت حرباً ربما لن توقف الإرهاب العالمي، إنما تعزز القوة الإمبريالية الأمريكية. 

خلف أحمد الحبتور

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289