كلمة رئيس مجلس الادارة

العرب يجب ألا ينسوا تقاليدهم!

مونتشي في الحبتور غراند تجربة شرقية على شاطئ دبي

بمنحة تبلغ 10 مليارات دولار أمريكي
سمو الشيخ محمد بن راشد يطلق مبادرة لدعم التنمية البشرية في المنطقة

والنجاحات مستمرة

ما الذي يدفع الدولار نزولاً؟

الشندغة تاريخ وتراث حي وباقٍ في نفوس الأجيال

الغوص السطحي في الإمارات

لماذا الخوف

سفراؤنا إلى بحار العالم

مجموعة الحبتور تفوز بجائزة المجلس البريطاني العالمية للسلامة

الحبتور توقع عقد انشاء أحدث فنادقها في جزيرة النخلة

 





 


العرب
 يجب ألا ينسوا
 تقاليدهم!

بقلم: ليندا هيرد
 

استفاد العرب كثيراً من الغرب على صعيد التقنية والتجارة، ولكن هل تؤدي المؤثرات الغربية إلى تراجع حضور الثقافة والتقاليد العربية التي صمدت أما اختبار مرور الأزمان؟

في زمن سابق على سبيل المثال كان أحد الناس إذا ما وقع في مشكلو وجدت الجميع من قريب أو غريب يهرع للوقوف بجانبه. لكني ذات مرة، كنت أجلس قريباً من مجموعة من الشبان العرب في أحد المقاهي ولم أتمكن من تجنب ملاحظة أن أحدهم تلقى مكالمة هاتفية من الخادمة التي تعمل في بيته لتقول له إن النار شبت في البيت. وما كان من الشاب إلا أن قفز من مكانه ليعتذر من أصحابه ويغادر. أما المفاجأة بالنسبة لي فكانت أنهم قالوا له "لا مشكلة" وتمنوا له "التوفيق" وتابعوا شرب قهوتهم وأحاديثهم. لوهلة أصابني الذهول.

لو كنا في زمان غير هذا لكان كل من يجلس معه قد ترك الطاولة وهرع لمساعدة صديقه في وقت الحاجة هذا دون التفكير في التعب أو العناء. ربما لا يكون مثل هذا السلوك الذي شهدته هو السلوك الشائع. ربما يكون استثناء. ومع ذلك فقد جعلني استعيد ذلك الزمان حين كانت التجارة تبرم بالمصافحة وحين كانت الضيافة تعني استقبال الغريب لخمسة أيام.

باعتباري عشت في أرجاء مختلفة من هذه المنطقة طوال 25 عاماً، فقد رأيت الكثير من التغيرات التي طرأت عليها. ومنذ اليوم الأول الذي وطأت فيه قدمي أرضاً عربية وكان ذلك في الجزائر أوائل السبعينيات، رأيت المباني وهي تصبح أعلى والشوارع أكثر ازدحاماً بالسيارات والأرياف أكثر خضرة.

كل الدول العربية تقريباً كانت شديدة الانفتاح على القرن الواحد والعشرين بكل ما حمله من كمبيوترات محمولة وأيبود وتلك الهواتف المتحركة الراقصة والموسيقية. وتجد الصغار والكبار وهم ينتقون ما يحبون من تشكيلات لا تنتهي من المنتجات الاستهلاكية المعروضة في أعداد لا تحصى من مراكز التسوق الضخمة والمكيفة.

في الدول الأكثر غنى في المنطقة يحصل الفتية على مفاتيح سياراتهم الجديدة حالما يتعلمون سياقتها. أما الأطفال فتأخذهم السيارات إلى المدرسة وغيرها من الأنشطة فيما يتعين على ذويهم في كثير من الأحوال أن يتكبدوا عناء المشي أميالاً مهما كانت حالة الطقس.

المقاهي من الطراز الإيطالي حلت محل المقاهي التقليدية التي كان يجتمع فيها الرجال للعب الطاولة والتأمل في أحوال حياتهم وهم ينفثون دخان الشيشة. كما تراجعت أغاني أم كلثوم العاطفية الآسرة للقلوب أمام تسجيلات نانسي عجرم الراقصة. وأصبحت الأطباق التقليدية اللذيذة تحت تهديد الاختفاء أمام تقدم الوجبات السريعة والأطباق العالمية.

أتخيل ما الذي كان سيقوله المستكشف والمصور والكاتب ألفريد ثيسيغر الذي عبر صحراء الربع الخالي مع اثنين من البدو عام 1946 لو قيد له أن يشاهد هذه التغيرات.

هذا ما يمكن أن نسميه بالتقدم وهو ما لا يمكن وما لا يجدر بأحد أن يحاول وقفه. ربما يكون ثيسيغر قد آنس بعضاً من الرومانسية في تلك الحياة القاسية، ولكن إذا ما أردنا أن نكون موضوعيين لقلنا أن القليل من الناس يفتقدون حقاً تلك الحياة دون مكيفات حين كانت العائلات مضطرة للنوم على أسطح البيوت في ليالي الصيف الحارة.

غير أننا يجب ألا ننسى أيضاً أن تلك الأيام الشديدة جعلت الناس يكونون أكثر شدة رغم احتفاظهم بقدر من حلاوة التواصل الإنساني الذي لا نراه حاضراً بالقدر الكافي هذه الأيام مع قد تكون غائرة في مكان ما داخل النفوس دون أن تتبدى على السطح.

هناك جانب من الجمال الذي يكاد يكون ملموساً في الشخصية العربية الذي تشكل عبر قرون من التقاليد المتوارثة والذي آمل أنه سينجو من عصر السرعة الذي يسيطر عليه الكمبيوتر والاستهلاك.

على سبيل المثال لا أستطيع أن أنسى سائق التاكسي البحريني الذي رأيته وهو يلوح لي بيده في الطريق عام 1975 ليعيد لي كاميرا غالية الثمن كنت قد نسيتها في سيارته قبلها بثلاث شهور. كما لا أنسى أبداً سائق التاكسي المصري الذي تكبد عناء العودة بسيارته من القاهرة إلى الإسكندرية بعدها ببضع سنين حين اكتشف أنني نسيت بسيارته سواراً ذهبياً.

كما سأتذكر ما حييت ذلك الرجل القطري الذي أعارني نعليه حين رأى ألمي وأنا أقف حافية على أرض إسمنتية لأنني بحماقتي تركت حذائي على الشاطئ وسبحت إلى رصيف إسمنتي بعيد. حينها لم يقل الرجل كلمة واحدة حتى حينما عاد بعد بعض الوقت ليأخذ نعله. كل ما فعله هو انه أومأ لي برأسه حين شكرته.

وسأبقى ممتنة طوال عمري لعائلة جزائرية آوتني في بيتها الريفي البسيط في إحدى القرى بعد أن تعرضت لحادث سيارة. كانت ربة البيت قد وضعت وليدها قبل يوم واحد فحسب، لكن ذلك لم يمنعها من تطبيب جروحي وتغطية المائدة بالطعام فيما كان رب البيت يقطر السيارة إلى أقرب بلدة لتصليحها.

خلال 16 عاماً أمضيتها في دبي كنت محط عدد لا يحصى من الأمثلة على كرم الأخلاق التي لا مجال لذكرها هنا. أناس لا أعرفهم ولا يعرفوني نهائياً تجدهم يوجهون لي الدعوة لحضور أعراسهم. ولم يحدث أن ثقب إطار سيارتي مرة إلا وجدت عشرات السيارات التي تقف لتعرض المساعدة.

ذات مرة فرغت سيارتي من البنزين عند إشارة مرورية. فما كان من الشرطي إلا أن دفع سيارتي إلى جانب الطريق وأخرج قنينة ماء فارغة أعطاها لسائق تكسي مع عشرة دراهم ليأتي فيها ببعض البنزين. ثم رافقني إلى دكان قريب وطلب من صاحبه أن يأتي بكرسي وكأس من الشاي وطلب مني الانتظار إلى حين أن تعود التاكسي بالبنزين.

أما حين كنت أصاب بالأنفلونزا أو غيرها من الأمراض كان الجيران يتقاطرون حاملين أطباق الحساء والحلويات والأدوية الشعبية.

وعندما تعرضت الكويت للغزو، فتحت دبي أبوابها وجيوبها للاجئين الكويتيين الذين حصلوا على المسكن والمرتبات الشهرية للإعاشة. والكثير من ملاك الفنادق والشقق وضعوا أملاكهم تحت تصرف الضيوف الكويتيين دون تفكير بمن سيدفع. كانت تلك الأيام نموذجاً عن المحبة الأخوية التي يندر مشاهدتها في أي ركن آخر من العالم.

قبل أيام فقط شاهدت تقريراً على فوكس نيوز عن امرأة أمريكية كانت ملقاة على الأرض وهي تلفظ أنفاسها في ساحة إحدى محطات البترول. وكان واضحاً أن ثلاثة أشخاص قد داسوا عليها، لكن أحداً لم يحاول مد يد العون لها وهي في حالتها تلك. مثل هذا السلوك اللامبالي وغير المكترث بالآخرين لا يمكن أن تصادفه هنا.

إن الدماء تغلي في عروقي نتيجة الجهل الذي يسود في الغرب في هذه الأيام المضطربة وأنا أرى الإعلام الغربي وهو يهاجم بخبث أسلوب حياة العرب.

الغربيون يحبون أن يصوروا المرأة العربية وكأنها تتعرض لسوء المعاملة في حين أن معظم النساء العربيات يعاملن بأقصى درجات الاحترام ويعشن كالملكات في بيوتهن. في أي مكان في العالم ما يزال الرجال يفتحون الباب للنساء ويسحبون الكراسي لهن؟

وغالباً ما نجد الإعلام الغربي وهو يسخر من ’الكرامة‘ العربية في حين أنها كل ما يمكن للرجل أن يملكه بعد أن يفقد كل شيء آخر، ودونها لا يكون الرجل رجلاً.

إنهم يحبون أن يصوروا العرب على أنهم رجعيون في حين أن الغرب يجب أن يكون ممتناً للعرب على ما قدموه له من رياضيات وجبر وعلم وفلك وطب ولغة مكتوبة.

على الأرض العربية عرفت البشرية لأول مرة زراعة القمح وتربية الماشية وبناء المدن. على هذه الأرض العربية ولدت الأديان السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام.

لقد كان الإنسان البدوي هو الذي وضع القانون الأخلاقي الذي صمد أمام الأزمان وما يزال يعيش في عروق كل العرب حتى اليوم. وأولئك الناس الذين كانوا يتحملون كل ذلك القدر من الصعاب وهم يرحلون من واحة لأخرى في تلك الصحاري لعلهم كانوا الأكثر استحقاقاً للاحترام.

هؤلاء كانوا مستعدين للموت من أجل حماية دخيل أتى إلى مضاربهم سواء كان صديقاً أو عدواً. ولو مر غريب عطش بالخيام لهرعت إليه النسوة بحليب النوق حتى ولو لو كان الرجال غياباً. وإذا ما فقد أحدهم متاعاً في الصحراء لكان الذي يعثر عليه سيصونه حتى يظهر صاحبه ويسترده.

أما آخر ما أتمنى أن تمحوه العولمة فهو ما يشتهر به العرب من حب لوالديهم. في وقت مضى كان الأطفال العرب يقبلون أيدي والديهم كل صباح ولم يكن يتجرأ أحدهم على رفع صوته في حضور أمه أو أبيه. هذا الحب قد لا يكون حاضراً مثلما كان، غير أني كنت في منتهى السعادة الأسبوع الماضي وأنا أراقب شاباً مصرياً ووالده وهم يصبغون بيتنا.

وقتها لاحظت أن لابن، الذي سبق وأن عمل لدينا، يضع فرشاته بين الحين والآخر ويغيب قليلاً من الوقت في ركن قصي من الحديقة. وعلمت بعدها أن جولاته خارج البيت كان يقضيها في تدخين السجائر بعيداً عن عيون أبيه وقال لي إنه يحترم والده ولا يستطيع أن يشعل سيجارة أمامه.

وفي بعض أنحاء البلاد العربية ما يزال هذا النوع من الاحترام موجوداً أيضاً للمعلم. والغربيون سيشعرون بالمفاجأة إذا ما رأوا التلاميذ هنا يقفون حين يدخل المعلم غرفة الصف.

إن للعرب كل الحق في أن يعتزوا بتراثهم وأسلوب حياتهم. صحيح أن هناك بعض التقاليد التي تحتاج لتغييرها مسايرة للعالم المعاصر غير أن هناك الكثير من أوجه الحياة الأخرى التي أثبتت صحتها عبر الأزمان وتستحق الحفاظ عليها مهما كان الثمن.

في مارس الماضي حث سمو الشيخ محمد بن زايد أل نهيان، ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مواطنيه على حماية تقاليدهم ونقلها إلى الأجيال الشابة لتساهم في صياغة شخصيتهم.

وفي إبريل الماضي نظمت إمارة الشارقة مهرجان "أيام الشارقة التراثية" على مدى 16 يوماً وهي مناسبة تستعيد التقاليد والعادات التراثية للإمارات وتستعرض تاريخ وتراث البلاد.

وفي 2003 بدأ مركز زايد للتراث والتاريخ حملة وطنية سعياً المواطنين كبار السن ممن تمثل "حياتهم وثائق عن التقاليد والثقافة والمجتمع والحياة اليومية في الأيام التي سبقت تسارع التنمية الاقتصادية."

وكان هدف هذه الحملة حماية وتوثيق تاريخ وثقافة البلاد "لتحقيق التوازن بين الحياة القديمة والمعاصرة."

وهذه المحاولات هي جهود قيمة يقوم بها أناس يحترمون ماضيهم ويحبون جذورهم ويبذلون جهوداً فعلية لضمان أن تعرف الأجيال المقبلة هويتها وتثق بنفسها.

صحيح أن أهالي هذه المنطقة يضعون المستقبل نصب عيونهم، غير أن قلوبهم ما بقيت متعلقة بقيمهم سيبقى الأمل قائماً.

طوال عقود كان هذا الجزء من العالم وطناً لي. غير أن الأبراج والبوتيكات المتألقة ومراكز التسوق الرخامية والفنادق الفارهة ليست هي ما يجذبني إليها فعلاً، بل هو الدفء الذي تكنه قلوب الناس واحترامهم الشديد لقيمهم الموروثة.

إنني أشعر في قرارة نفسي بمحبة كبيرة لتلك السنوات التي أعطتني فرصة أن أشارك الناس هذه القيم وذلك الإحساس العميق بقيمة كرم الضيافة والكرامة والمحبة للإنسانية. أشكرهم جميعاً لأني أعتقد أنهم جعلوا مني إنساناً أفضل مما كنت عليه.


 

 

 

 

أعلى


 

 | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور
الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289