Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور أم عــمـــــــــــــارة كلمة رئيس مجلس الإدارة

 الصفـحـة الــرئيسيـة

 كلمة رئيـس مجلــس الإدارة

 مهـرجان دبي الـسيـنـمــائـي

 الـــمـهــــنــة الـــخـــــطــــرة

 ســـوريـة تــحـت الــحـصــار

 الــــبــتـــراء وتــد مـــــــــــر

 مـنـزل فـريـد عـائـم في دبـي

 معــرض دبـــي لــلــطــيـران

 الإدريـــســــــــــــي

 أم عــمـــــــــــــارة

 جـــبــــــــل حـفـيــت

 رحلة مشــــوقة فـي تــاريخ..

 بـطـولة الـحـبـتــورالـدولـيـة..

  لحبتـــــــــور للـــمشــاريــــع

 اخبـــار الحبتـــور

 مـــــــن نحــــــن

 

 

 اتصلـوا بنـا

حبا الله الإمارات العربيةالمتحدة بالكثير من النعم وإحداها هو هذا التنوع والغنى الجغرافي والطبيعي المحصور داخل حدود بلد صغير نسبياً. فعلى سواحل الخليج العربي نشهد منبسطات السبخات الخفيضة وأحراج القرم الصغيرة التي تحيط بها تلال كلسية. ومع التعمق أكثر في البر نجد الصحاري الرملية التي يكسوها غطاء نباتي خفيف وتشهد تكوينات كيماوية متباينة. ثم يتحول المشهد بعدها إلى سهول حصوية ووديان مع اقترابنا من جبال حجر. ترتفع هذه الجبال 1200 متر داخل الإمارات (غير أن ارتفاعها يصل 2800 متر حين نتقدم نحو الشمال داخل شبه جزيرة مسندم) وتتميز بقممها الصخرية الجرداء التي تقطعها وديان عميقة ومتلوية.  

ولكل من هذه المناطق مناخها المصغر وبيئتها المصغرة المحليتين الخاصة بها وهو ما يؤثر بدوره على تنوع الحياة النباتية والحيوانية فيها. بالتوازي مع جبال حجر على بعد كيلومترات أخرى في عمق البر هناك سلسلة جبال كلسية أخرى أقل ارتفاعاً. وقد كانت هذه السلسلة شواطئ بحر قديم هو بحر تيثيس. وحين ارتفع قاع المحيط وانطوى بفعل نشاط بركاني تحت قاع هذا البحر (مشكلاً جبال حجر) ارتفعت هذه الشطآن وانطوت أيضاً وأصبحت الآن تلالاً تكثر فيها الأحافير وتعود إلى الحقبة الثلثية.ويشكل جبل حفيد الثنية الأكبر من عدة ثنيات ثلثية تنتشر على الجوانب الغربية من جبال حجر. وتقطع هذا الجبل الضخم عدة وديان تنساب على جانبيه الشرقي والغربي. 

يرتفع جبل حفيت 1300 متر فوق سطح البحر ويوجد إلى الجنوب مباشرة من مدينة العين راسماً الحدود بين الإمارات وعمان. وتمكن رؤيته بسهولة من الفضاء. من الأسفل يبدو للناظر مثل "حوت على الشاطئ" مثلما وصفه ويلفريد ثيسجر ذات مرة. وفيما ينحدر سفحه الغربي بزاوية تتراوح بين 25 و30 درجة نجده على الجانب الشرقي أكثر انحداراً بكثير. كما تكثر فيه الصدوع التي تتنوع في أشكالها مثل العادية الممتدة أو الملتوية أو العكسية. ويحظى جبل حفيت باهتمام خاص من دارسي الجيولوجيا لأن قشرته الخارجية متآكلة بحيث تكشف عن كل الطبقات الأرضية المكونة له بسهولة من على السطح. وبلغة الجيولوجيين يقدم جبل حفيت نمطاً محلياً لتشكيلين جيولوجيين رئيسيين: تشكيل حفيت وتشكيل سينا (هناك تشكيل ثالث موجود أيضاً ويسمى الجو). التشكيلان غنيان بمستحاثات البلانكتون الذي يعيش في عمق البحر ويدعى فورانيميرا. وعند سفح الجبل قريباً من المكان الذي يمر به الطريق من فجوة صناعية،  

تمكن مشاهدة أحافير المرجان والمحار والرخويات الأخرى وعلى نحو أقل قنافذ البحر وهدبيات الأرجل وأطراف السرطانات. ومن أنماط الأحافير التي يختص بها الجبل هناك النوموليت. وحين بدأت أعثر عليها لأول مرة كانت تبدو لي مثل رقائق البطاطا حيث تأخذ شكل قطع صخرية رقيقة ومدورة وغالباً ما تكون مقوسة نوعاً ما وحين تكسر تبدو في مقطعها بنية واهية من خطوط مدورة وطولية. وهذا النوموليت هو بقايا عضويات وحيدة الخلية منقرضة حالياً تتباين أحجامها بين 3 و1 ملليمتر.

 أما لغير المختصين بالجيولوجيا مثلي أنا فإن الجبل والمنطقة المحيطة به توفر معالم عديدة أخرى تثير الإهتمام. 

بل إن الجبل يتمتع بخصوصية في الإمارات جعلته موقعاً لدراسات مكثفة عامي 1997-1998 بهدف إعلانه تراثاً وطنياً أو تحويله إلى محمية طبيعية. ويقدم التقرير الذي خلصت إليه الدراسة والتي نظمتها ومولتها مجموعة الإمارات للتاريخ الطبيعي (أبو ظبي) مادة قرائية رائعة لكل من يريد استكشاف الجبل. ولكن وللأسف لم يتم حتى الآن تحويل الجبل إلى محمية بشكل رسمي الأمرالذي كانت له عواقب مؤسفة عديدة. السهل الرملي عند سفح الجبل كان المكان الوحيد في الإمارات الذي تعيش فيه نبتة صفراء جميلة اسمها العلمي (أنفيلا غارسيني). آخر مرة ذهبت فيها للبحث عن النبتة (2003) وجدت أن المنطقة بأكملها قد دمرتها إطارات سيارات الدفع الرباعي بلا تمييز مثلما كان لانحباس المطر على مدى عدة سنوات متوالية أثره أيضاً. لم أتمكن من العثور على نبتة واحدة منها حينها ومن المحتمل جداً الآن أن تكون قد انقرضت في الإمارات. كما رأينا أيضاً السحلية السريعة (أكانثوداكتيلوس أوفيدوروس) وهي مخلوق نادر آخر كان يعدو بين الشجيرات الجافة. يسمى الوادي الذي يخرج من الجبل نزولاً نحو هذا السهل الرملي وادي التربات وهو المكان الذي وجدت فيه مستحاثات الموموليت.  

إلى الأعلى قليلاً في الوادي تعيش أشجار (أكريدوكاربوس أوريانتاليس) الصغيرة الوحيدة التي توجد في الإمارات كما يعيش على ذلك الجبل الماعز العربي الصغير الماهر في التخفي عن الأعين. وكان يعتقد أن الماعز العربي وهو فصيلة صغيرة الحجم من الحافريات تشبه الماعز العادي قد انقرض في الإمارات منذ 1982 حين عثر عثر على جثة أحدها قرب حفرة ماء على الجبل. غير أنه عثر على هذا الحيوان مرة أخرى عام 1995 في الجبل ثم صادفت مجموعة من مراقبي الطيور ذكراً قرب أحد مواقف السيارات على الجبل. ومنذ ذلك الوقت تم تسجيل عدة مشاهدات من قبل عاملين في مجال البيئة. وأثناء الدراسة التي أجرتها مجموعة الإمارات للتاريخ الطبيعي، تم تسجيل وجود الثعلب الجبلي الصغير عام 1995 (فولبس كانا) من قبل كريس وتيلدا ستيوارت وهما باحثان جنوب إفريقيان. كما تم أيضاً تأكيد وجود الثعلب الأحمر (فولبس فولبس). ويبدو أن هذين الحيوانين يستخدمان الجبل كمأوى يخرجان منه للصيد في الصحاري أو المزارع المحيطة به. 

ومن الحيوانات التي دخلت الجبل حديثاً وبر جبلي هارب من مجموعة محلية لأحد هواة جمع الحيوانات. والوبر الجبلي هو من القوارض الصغيرة التي تكثر في إفريقيا وتوجد أيضاً في الأنحاء الجنوبية من الجزيرة العربية حيث يشكل فريسة مفضلة للفهد العربي (بانثيرا باردوس نمر) الذي لا يزال موجوداً بأعداد صغيرة في جبال حجر. والوبر في جبل حفيت لا بد أنه في مأمن من الفهد لأنه لم يعد من المحتمل أبداً وجوده هناك. غير أن السؤال عما إذا كانت تلك المستعمرة الصغيرة من الوبر قد استطاعت النجاة بنفسها من موجة القحط الأخيرة يبقى دون جواب حيث لاتوجد أي بيانات مسجلة حديثاً عن وجوده وقت كتابة هذه الكلمات. 

وتشكلت متاهات متلوية من الكهوف في جبل حفيت نتيجة تسرب كميات ضخمة من المياه إلى الطبقات الصخرية الجوفية عبر صدوع الأرض والصخور الكلسية النفوذة. وتم استكشاف العديد من هذه المتاهات الكهفية حتى عمق 150 إلى 450 قدم. وبعض هذه الكهوف تخفي صواعد ونوازل مدهشة وغيرها من التشكيلات الصخرية المسامية. وهذه الكهوف المستكشفة تسكنها سبع فصائل من الخفافيش وأكثرها عدداً هو خفاش فأر مسقط المذنب (رينوباما مسكاتيلوم). غير أن معظم الكهوف التي يسهل الدخول إليها قد سدتها بلدية العين بهدف السلامة أو نتيجة لتراكم الرواسب.  

ويجد محبو الطيور في جبل حفيت مجموعة من الطيور التي لا توجد في أي منطقة جبلية آخرى في الإمارات.  

حتى وقت قريب، أوائل الثمانينيات، كان النسر الضخم مزنم الوجه (تورشوس تراشيوليوتوس) يعشش في جبل حفيت الذي يشكل أيضاً موئلاً للرخمة المصرية (نيوفرون بيركنوبتيروس). وتعيش هذه الطيور حياة هنيئة وتجد الطعام الوفير في حديقة حيوانات العين الموجودة عند سفح الجبل. وهناك أيضاً فصيلتان من أبوبليق هما (أويناثي ألبانوغير) و(أويناثي موناشي) على السفوح الأخفض إضافة إلى حمام الجبل (كولومبا ليفيا) والصقور (فالكو بيليغرينويدس) والغراب بني العنق (كورفوس روفيكوليس) على القمم. وقد سجل مسح مجموعة الإمارات للتاريخ الطبيعي ما لا يقل عن 119 فصيلة من الطيور تستوطن أو تتردد أو تمر بجبل حفيت.  

كما تعيش في جبل حفيت أعداد أكبر بكثير من فصائل الحشرات مما قد يعتقد المرء. فعلى مدى العقد الماضي قام مايك جيليت بدراسات مكثفة عن الحشرات في الإمارات ووجد أكثر من 200 فصيلة حشرية في جبل حفيت مع أنه نفسه يقول إن قائمته ليست مكتملة بعد وأن هناك فصائل أخرى لا تزال بحاجة للتوثيق. فهناك الفراشات والجنادب والعقارب زغيرها.من الفراشات توجد في حفيت 23 فصيلة أكبرها حجماً الفراشة خطافية الذيل (بابيليو ماشاون).

 كما تعيش فيه أيضاً فراشة القيصوم البيضاء (أنافايس بروسيرا) المهاجرة التي تتغذى على نباتات القيصوم. أما أكثر الجنادب عدداً فهو الجندب ضخم الرأس غريب الشكل (تروكساليس بروسيرا) ومنه الأخضر أو البني الفاتح. العقارب مخلوقات ليلية وليس من السهل مصادفتها. ولا يمكن إخطاء أضخمها وأخطرها وهو (أندروكتونوس كراسيكودا) إذا ما أزعجه أحدهم ومو في مخبأه المظلم. 

وما يثير اهتمام علماء الآثار فهو وجود 317 قبراً تعود إلى 3700-2700 قبل الميلاد على الجوانب الشمالية والشرقية للجبل. وحتى الآن تم التنقيب في 25 قبراً منها عثر فيها على فخاريات وخرزات حجرية وقطع نحاسية دون أي أسلحة تعود إلي ثقافة لا تشبه أي ثقافة أخرى معروفة في الإمارات حتى الآن. وتلك الفخاريات لم تكن محلية الصنع بل مستوردة من بلاد ما بين النهرين وهو ما يوحي بأن هؤلاء كانت لهم علاقات تجارية تلك المنطقة. كما كانت لهم تجارة مع أعالي الخليج مثلما يشير لذلك العثور على ما يسمى بختم "دلمون" الذي يعود إلى أواخر الألفية الثالثة أو أوائل الألفية الثانية قبل الميلاد. يذكر أن شواهد قبور حفيت، وهي على شكل أكوام مخروطية حجرية، توجد في كل أنحاء جنوب شرق الجزيرة العربية من خت قرب رأس الخيمة شمالاً وحتى جزيرة أم النار في أبوظبي غرباً. 

في ثمانينيات القرن الماضي فتح طريق سريع يصل حتى قمة الجبل. على جوانب الوادي وعند قمة الجبل أقبمت مواقف كبيرة للسيارات توفر للناظرين منها مشاهد رائعة لمدينة العين نحو الشمال والكثبان الرملية على حواف الربع الخالي نحو الغرب. وفي وقت أحدث عهداً، أقيمت قصور وفندق فاخر. على الجانب الغربي من سفح الجبل توجد بعض الينابيع الحارة ومنطقة للتنزه فيها نافورة ضخمة تتوسط حديقة جميلة.  

يكفي المرء أن يمشي بسيارته على الطريق الاسفلتي حتى يأخذ فكرة مصغرة عن التنوع الطبيعي الذي يتميز به الجبل. حيث تمكن رؤية نباتات غريبة مثل (إيفيونا سكاربا) و(كليوم برونوسا) على جوانب الطريق كما تمكن مشاهدة الأحجار الصوانية والكلسية المتبلورة والخامات الطينية الكلسية والجصية. وبمقدور الزائر أن يشاهد السحالي الصغيرة (فرينوسيفالوس أرابيكوس) وهي تتشمس على الصخور. بعض الجروف الصخرية تكثر فيها نباتات القيصوم بأزهارها البيضاء الكبيرة التي لا تتفتح إلا في صباحات الصيف الباكرة. أما في الخريف فتنضج ثمارها الحمراء القانية. وهناك نباتات أخرى ليست كبيرة كالقيصوم مثل (إيشيوشيلون ثيسيغيري) ذات الأزهار الصغيرة متعددة الألوان و(تيفروسيا أبولينيا) ذات الأزهار الحمراء الصغيرة و(بيريبلوكا أفيلا) النادرة ذات الأزهار الغريبة العنابية بيضاء الحواف. وقد توصل مسح مجموعة الإمارات للتاريخ الطبيعي إلى توثيق أكثر من 200 فصيلة نباتية دائمة أو موسمية في جبل حفيت. 

من آخر موقف سيارات على الطريق، يشاهد الناظر وادياً يمر في قلب الجبل. ذات مرة وصلت المنطقة تسلقاً قبل فتح الطريق بوقت طويل. كان الجبل حينها "خاوياً" بالفعل (وحفيت تعني الخاوي) لكن من الناس فقط. ووجود ثلاثة متسلقي جبال فقط حينها لم يكن يعني شيئاً في ذلك الصمت الثقيل الذي يلف الجبل عند تلك القمة الضخمة. كنا نقاطاً على صفحة الجرف. 

يومها جلست لاستمتع بذلك الصمت والمشهد. واحدة من دراج الجبل أخذت تصدح عند شجيرة قريبة. بعد لحضات طارت وحامت ثم توجهت نحوي لتهبط بخفة على رأسي دقيقة قبل أن تتابع طيرانها.

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289