Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور دمشـــــــــق كلمة رئيس مجلس الإدارة

 الصفـحـة الــرئيسيـة

 كلمة رئيـس مجلــس الإدارة

 واجهـــة دبــــي الـبـحــــريـة

 مـصــــداقـيـــة وســــــائـل...

 المشـــكـلات تــبـقــــــــــى...

 كيـف نــخــــــرج مـــــــــن...

 الــطـــــــرح الأولـــــــــــي...

 قــــريـــــة الـمـعـــــــرفـة ...

 دمشـــــــــق

 الــكـنــــــدي

 نســــــــاء خــالــــــــــدات ...

 مـن الـبــــــردي إلــــــــى ...

 الـكـــــافـيــــــــــار

 عــــــــودة الــمـــهـــــــــــــــا

 الـــــمسيحيــون الـعـــرب ...
 مـعسكـــــــــــر التـــدريب ...

 لحبتـــــــــور للـــمشــاريــــع

 اخبـــار الحبتـــور

 مـــــــن نحــــــن

 لأعـداد المـاضيـة

 اتصلـوا بنـا

عودت مجلة الشندغة قراءها على إلقاء الضوء على سيرة حياة وأعمال الفلاسفة العرب البارزين في العالم الإسلامي، وأكثر من مرة سلطت المجلة الضوء على أحد هؤلاء الفلاسفة الذين لعبوا دوراً هاماً في التاريخ الإسلامي، ومن المثير للجدل والدهشة أن جذور العديد من هؤلاء الفلاسفة الذين تركوا بصماتهم في صفحات التاريخ في عرض الأراضي الإسلامية وطولها، لا تعود إلى أصول عربية. وعلى ضوء هذه الحقيقة، فقد ارتأت المجلة في عددها هذا عرض حياة أحد أعظم الفلاسفة من أصول عربية نقية وهو الكندي.

لمحة عن السيرة الذاتية للفيلسوف:

هو يعقوب بن اسحاق المعروف بصباح الكندي أو ببساطة بالكندي، ولقد استحق لقب "فيلسوف العرب" لكونه أحد أعظم الفلاسفة من أصول عربية، والعديد من المصادر التاريخية تؤكد انحداره من أسرة عربية نبيلة، وبالرغم من ذلك فإن بعض المصادر تشير إلى انحداره من أصول فارسية.  

وكما نرى، فإن نسبه ينتهي إلى ملوك قبيلة كندة التي اتجهت نحو شمال شبه الجزيرة العربية قادمة من الجنوب، وتمثل تلك القبيلة اتحاد العديد من القبائل التي شهدت ذروة مجدها في القرن السادس بعد الميلاد. وعلى الرغم من أفول مجدهم بعد وصول الدين الإسلامي، فإن آل كندة حافظوا على مكانة عالية في المجتمع الإسلامي. 

ولد الكندي في عام 800 تقريباً في مدينة الكوفة في العراق، والتي تبعد مسافة 170 كلم جنوب بغداد، وعشرة كيلومترات شمال مدينة النجف، ولقد كانت مدينة مزدهرة احتلتها القوات العربية لأول مرة في العام 638، وبعد أقل من قرن على ذلك حولها العباسيين إلى عاصمة مؤقتة لإمبراطوريتهم ريثما يتم الانتهاء من بناء مدينة بغداد. ولقد احتلت مدينة الكوفة مكانة مرموقة بوصفها منارة ثقافية أتاحت المجال لولادة الخط الكوفي، الذي يعد من أوائل الأبجديات في اللغة العربية. 

وفي ظل تلك النهضة الثقافية الكبيرة ترعرع الكندي ونهل من مناهل المعرفة، ولقد تلقى الدعم من كلا الخليفتين العباسيين المأمون (813-833م) والمعتصم (833-842م) اللذين عرفا بميلهما لتشجيع العلم والعلماء. اشتهر الكندي باهتمامه بشكل أساسي بالفلسفة اليونانية، علاوة على اهتمامه بفروع العلم الأخرى كالطب وعلم الفلك والرياضيات وصناعة الأسلحة الحديدية وغيرها من ضروب المعرفة. وتشير معظم المصادر إلى أن الكندي ألف 241 كتاباً في الفلسفة والمواضيع الأخرى طوال مسيرة حياته التي امتدت زهاء 73 عاماً.

الكندي: حياته وأعماله

شغل والد الكندي منصباً مرموقاً في ديوان الخليفة هارون الرشيد بصفته والياً على الكوفة، وهذا ما ساعد الكندي الشاب في الحصول على المعلومات والإطلاع على المخطوطات التي لم يكن يسمح للعامة بالإطلاع عليها، مما زاد من غنى التحصيل العلمي لديه، ولم يمض وقت طويل حتى كان الكندي مؤهلاً للانتقال إلى بغداد لكسب العلم على أعلى المستويات. ولقد دفعه حماسه وميله إلى دراسة الفلسفة والعلوم إلى الارتقاء وكسب احترام المثقفين ومريدي العلم في بغداد، لدرجة إن صيته وصل إلى الخليفة العباسي المأمون.

في ذلك الوقت، كان المأمون المعروف بولعه بتشجيع التحصيل العلمي يعتزم إنشاء مشروع ضخم في بغداد أطلق عليه اسم "بيت المعرفة"، حيث كان الخليفة العباسي يتطلع إلى بناء ما يشبه الجامعة لترجمة العديد من الأعمال  من مختلف ضروب المعرفة والعلم بما فيها الفلسفة اليونانية والبيزنطية. وبعد مقابلته للكندي، قام المأمون بتعيينه في "بيت المعرفة" بصحبة العديد من أعلام العلم مثل عالم الرياضيات الشهير الخوارزمي والأخوة بنو موسى.

هناك، كرس الكندي جل جهده ووقته لترجمة الأعمال الفلسفية اليونانية والبيزنطية، ولقد كان الفيلسوف العظيم أرسطو مصدر الإلهام الأكبر للكندي، إضافة إلى الفلاسفة الآخرين مثل أفلاطون وبروكلوس، الذين ساهموا في بلورة نظريات وتفسيرات الكندي.

ولم تقتصر مساهمة الكندي على "بيت المعرفة" فقط، بل شارك في العديد من المشاريع الأخرى التي أطلقها المأمون، ومنها على سبيل المثال المراصد الكبرى التي استطاع الكندي من خلالها دراسة النجوم ومقارنة ما رآه مع ما ورد في المخطوطات اليونانية والبيزنطية.

توفي الخليفة المأمون في العام 833 وخلفه أخاه الخليفة المعتصم، الذي قام بتعيين الكندي كمدرس خصوصي لابنه أحمد، عرفاناً لأمانته وعظيم جهده في العلم. ولم يقف المنصب الجديد عائقاً أمام الكندي يمنعه من مواصلة بحثه العلمي في مختلف العلوم، ففي الكيمياء على سبيل المثال، وخلافاً للاعتقاد السائد بين أوساط الكيميائيين، أكدّ الكندي إمكانية الحصول على الذهب من مركبات المعدن الأساسية، ولقد شكل ذلك الاكتشاف قفزة ثورية في عصره حيث لم يكن مكتشفاً بعد إمكانية الاستفادة من التفاعلات الكيميائية من أجل تحويل عنصر إلى عنصر أخر.

كما خاض الكندي مجال الفيزياء وعمل به حيث كان مفتوناً بعلم البصريات الهندسي، إضافة إلى تأثره بالاتجاهات العلمية السائدة في ذلك الوقت. وقد حيرته فكرة الضوء والرؤية، إلا أنه نجح برغم ذلك في صياغة نظرية المتوازيات، حيث عمل على الحصول على أزواج من الخطوط المستقيمة على سطح مستوٍ على أن تكون تلك الخطوط غير متوازية وغير متقاطعة بنفس الوقت.    

علاوة على علم الهندسة وعلم الفلك، كان الكندي مهتماً بعلم الرياضيات أيضاً، وتعد كتبه الأربعة في علم الحساب والهندسة الفراغية ثمرة جهده في هذا المجال، كما تنسب إليه إسهامات كبيرة في نظام الترقيم العربي (الذي قام الخوارزمي بوضع معظم أسسه).

ولم تقتصر مشاركة الكندي على ما سبق، بل أسهم مساهمة كبيرة في مجال الطب، وإليه يعزى الفضل في تطوير ذلك العلم من خلال اكتشافه التصنيف التنظيمي للجرعات الواجب إعطائها للمريض، ولقد حدد بشكل مفصل في إحدى كتبه الجرعة الصحيحة لكل دواء كان يستخدم في عصره، مما ساعد على توحيد تحضير الوصفات الطبية.

ويعد الكندي طالباً من الطراز الأول لعلم الحساب، فهو صاحب العديد من المؤلفات في هذا المضمار، ولقد تناولت بعض تلك المؤلفات تحليل نظام الترقيم الهندي والعلاقة بين المسافة والزمن (حيث أكد على محدوديتها)، إضافة إلى مطابقة المركبات العددية والكميات النسبية وحساب النسب.

وفي الموسيقى، كان للكندي مساهمة هامة في اكتشافه مفهوماً علمياً من خلال شرحه لميزات ترتيب الصوت، فلقد توصل إلى أن الإيقاع يأتي من ترتيب نغمات موسيقية محددة، ولاحظ أن كل نغمة تحمل درجة دقيقة وبأنه من المتعذر الحصول على الإيقاع بزيادة أو إنقاص تلك الدرجة، وعليه يتوجب وضع مخطوطة لشرح كيفية الحصول على النغمة. علاوة على ذلك، ذكر الكندي أن الإيقاع بشكل عام ليس إلا تكراراً للنغمات الموسيقية، ولعل أعظم اكتشاف للكندي في مجال الموسيقى في عصره هو أن السبب وراء سماعنا للأصوات يعود إلى تولد الأمواج الصوتية، حيث لاحظ انتقال تلك الأمواج عبر الأثير كي تصل إلى آذاننا.  

أما بخصوص علم الفلسفة، فإن الكندي كان يؤمن بأن الدين الإسلامي لا يتعارض مع الفلسفة بشكل عام، ولقد طرح في واقع الأمر العديد من المناقشات بغية كشف العلاقة المتطابقة بين الفلسفة والإسلام. إلا أن ذلك أكسب الكندي بعض المناهضين له في الوسط العلمي، ونذكر على وجه التحديد الأخوة بنو موسى والفلكي أبو معشر.

ونأتي على ذكر البحث الفلسفي المعروف باسمه اللاتيني De Intellectu” وهو من الأبحاث الفلسفية الأخرى التي تستحق الذكر، حيث أظهر الكندي تأثير أرسطو في نقاشه حول نوعين لمفهوم العقل، ووصف هذين النوعين بقوله: " هناك العقل المنفعل ويمتلك هذا العقل قدرة حسية، وهناك العقل الفعال وهو قادر على تفصيل الأشياء التي من الممكن معرفتها بشكل عقلاني".

ويمضي الكندي في رسالته في شرح الفكرة العامة للتجريد ومنشأ القضايا الكلية مستلهماً فكر أرسطو وإلى حد ما فكر أفلاطون، من أجل استنباط وتبرير اكتشافاته، وعليه فإنه وصف العقل الفعال "بالذكاء"، أي بمعنى أخر مادة نفسية مستقلة عن الروح، ويؤثر هذا الذكاء على العقل المنفعل ويمنحه القدرة على الانتقال من الحالة الساكنة إلى مرحلة تحقيق المعرفة. إن القضايا الكلية وفق اعتقاد الكندي ليست إلا ثمرة تأثير العقل الفعال أو الذكاء على العقل المنفعل.

إن اجتهاد الكندي الحثيث في طلب العلم أتى بثماره من خلال العديد من المخطوطات المتنوعة في العديد من المواضيع المختلفة بدءاً من آرائه في الخيمياء والأحجار الكريمة وانتهاء بالمسارات الفلكية التي تسير عليها الكواكب، إلا أن معظم هذا الجهد العظيم قد ضاع الآن في غياهب التاريخ، ولا نعرف عن أعمال الكندي إلا من خلال المراجع التي كتب العديد منها باللغة اللاتينية والتي تشير إلى اكتشافاته واختراعاته وملاحظاته التي سبقت عصره، كما أننا لا نعلم على وجه اليقين مدى صحة ترجمات أعماله، ويعتقد العلماء بأنه تم الحفاظ على جوهر نصوص الكندي، ومن المعتقد أن الكندي قد ألف ما يربو إلى 241 كتاب مصنفة على النحو التالي: 32 كتاباً في الهندسة، 22 كتاباً في الطب، 22 كتاباً في الفلسفة، 16 كتاباً في الفلك، 12 كتاباً في الفيزياء، 11 كتاباً في علم الحساب، 7 كتب في الموسيقى، 5 كتب في علم النفس، أما البقية فقد تناولت مواضيع متنوعة. إن أشهر الكتب التي ترجمت إلى اللغة اللاتينية هي: الموسيقى، مد وجزر، رسالة دار التنجيم، اختيارات الأيام، إلهيات أرسطو، وأدوية  مركبة.

فارق الكندي الحياة في عام 873 م، إلا أن لأعماله التأثير الكبير الذي طال الفكر الفلسفي والطرائق العلمية في أرجاء أوروبا وآسيا، ولقد شكلت ترجمات أعماله باللغة اللاتينية المرجع للعديد من طلاب العلم في أوروبا في القرون الوسطى وما تلاه، ليكتسب الكندي بجدارة لقب "فيلسوف العرب".

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289