التعليم العالي في الإمارات

إدارة البحوث والمعلومات في مجموعة الحبتور


أصبحت المؤسسات التعليمية مطالبة بإدراك حقيقة أن المعرفة الأكاديمية والخبرات التقنية بحاجة لأن تتزاوج مع المعايير الإجتماعية والعاطفية والأخلاقية للفرد حتى تتكامل لديه القيم الروحية والثقافية.
حتى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي كان التعليم في الإمارات مقصوراً على تعليم القرآن والقراءة والكتابة. ثم بدأ التعليم النظامي بالظهور في الإمارات أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات بمساعدة من الكويت وقطر ومصر. وحقق قطاع التعليم الحكومي على المستويين الابتدائي والثانوي قفزة كبيرة في السبعينيات مع استقلال البلاد وقيام دولة الاتحاد، حيث انتشرت المدارس الجديدة بسرعة كبيرة في أنحاء الإمارات لتوفير التعليم النوعي واستئصال الأمية بين المواطنين.
ثم شهدت الإمارات تدفقاً كبيراً من الوافدين نتيجة للتنمية الاقتصادية السريعة المتحققة في السبعينيات والثمانينيات، غير أن عدداً محدوداً جداً فقط من المدارس المحلية الابتدائية والثانوية الخاصة كان قادراً على توفير التعليم النوعي الذي يضاهي المستويات العالمية وذلك لأن العملية التربوية كانت موضوعة ومقدمة بالعربية حصراً.
وفي عام 1991 قرر خلف الحبتور، رئيس مجموعة الحبتور، أن يؤسس مدرسة الإمارات الدولية بعد أن لمس أوجه القصور في التعليم الحكومي والخاص في دبي وهو الذي يعرف عنه التزامه بالتطوير النوعي للشباب من المواطنين والمقيمين في الدولة.
تقدم مدرسة الإمارات الدولية منهاجاً دراسياً دولياً وتوفر للطلبة المواطنين والمقيمين شهادة الثانوية العامة البريطانية وشهادة البكالوريا السويسرية الدولية المعترف بهما عالمياً.
ثم أتبع خلف الحبتور تلك الخطوة بافتتاح مدرسة أخرى في 2005 تقدم المنهاج الدراسي نفسه لخدمة العدد المتنامي من السكان في دبي حيث توفر المدرستان حالياً التعليم لأكثر من ثلاثة آلاف طالب.
وقد حققت الإمارات خلال العقود الثلاثة الماضية قفزات تنموية هائلة ليس على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي فحسب بل والتربوي أيضاً. ويركز القطاع التربوي على تنمية رأسمالنا البشري وذلك بتطوير القدرات الشخصية العالية لدى المواطنين لتمكينهم من أن يكونوا فاعلين في هذه البيئة متعددة الجنسيات. ولهذا فإن التربية الناجحة هي التي ترسخ الشعور الوطني لدى الشباب إلى جانب منحهم أرفع المستويات من المعرفة والمهارة.
ومن هذا المنطلق يتعين على الإمارات أن تشرع بعملية إصلاحية مطولة تبدأ بتقييم شامل للنظام التعليمي الحالي لكشف الثغرات والتباينات بين مخرجات العملية التربوية من جهة ومتطلبات بيئة العمل من جهة أخرى. ومن شأن هذه الإصلاحات أن تعزز رأس المال البشري في الدولة ليساير ركب الاقتصاد العالمية الناشئ. كما يجب على مؤسسات التعليم العالي لدينا، وخصوصاً الحكومية منها، أن تزود الشباب بالمعارف والقدرات والمهارات التقنية التي تمكنهم من التطور وامتلاك المؤهلات المطلوبة للتعايش مع اقتصاد العولمة في القرن الواحد والعشرين.
ويتمثل التحدي الأكبر في القرن المقبل بالتكيف مع التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتقني المتواصل والمتسارع. إذ ليس من المنتظر أن تتراجع سرعة التغيير الذي شهدناه في هذا القرن بل المتوقع هو أن تزداد سرعته مما يزيد من حجم الضغوط على الأفراد والمؤسسات. أضف لذلك أن الخبرات والمعارف المطلوبة للتكيف مع هذا الإيقاع السريع للتغير لم تعد ضرورية للنخب والقيادات في المجتمع فحسب بل ولأوسع شريحة ممكنة من السكان أيضاً. كما أن التربية التي تتجاوز المعارف الأكاديمية والفكرية تعتبر عنصراً حاسماً في مواجهة تحدي العصر.
نشأة التعليم العالي في الإمارات
تبلورت رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الهادفة لتوفير التعليم العالي المتميز لبناء الإمارات في أوائل السبعينيات مع تأسيس جامعة الإمارات التي كانت مؤسسة التعليم العالي الأولى في الدولة. وقد أراد المغفور له أن تكون هذه الجامعة مؤسسة اتحادية ذات هوية عربية إسلامية تغطي الميادين الفكرية والثقافية والعلمية.
وقد كان لهذه الجامعة إسهام بالغ الأهمية في تنمية الإمارات لتصبح بلداً عصرياً يستفيد من مقوماته المتمثلة بمواطنيه وتراثه وقيمه وموارده ونظامه الاقتصادي. وعلى مدى ثلاثين عاماً مضت، أصبحت هذه الجامعة مؤسسة إقليمية رائدة في التعليم والبحوث وخدمة المجتمع.
ثم مع بروز الحاجة لتنمية وتعزيز الخبرات والمعارف التقنية اللازمة لتلبية الطلب المتزايد باضطراد على منتجات التعليم العالي قرر المغفور له الشيخ زايد أن يؤسس كليات التقنية العليا عام 1988.
وخلال 18 عاماً انتشرت كليات التقنية العليا لتغطي كافة أرجاء الإمارات من أقصى المنطقة الشرقية وحتى أقصى المنطقة الغربية حيث وصل عددها إلى 14 كلية للطلاب والطالبات. وتوفر هذه الكليات للطلبة المواطنين مجموعة متنوعة من الدراسات والاختصاصات التي تلبي حاجة الدولة للرأسمال البشري. وهذه الاختصاصات هي:
1. شهادة الدبلوم مابعد الثانوية.
2. الدبلوم، ثلاث سنوات ما بعد الثانوية أو سنة مابعد برنامج شهادة الدبلوم.
وقد تم تطوير هذين البرنامجين لخريجي الثانوية بمعدل عام 60% إذا لم تكن لغتهم الإنكليزية في المستوى المطلوب.
3. الدبلوم العالي وهو برنامج يجمع بين الدراسة الأكاديمية والتطبيقية لخريجي الثانوية بمعدل عام 60% ومعرفة جيدة باللغة الإنكليزية. ويعتبر خريجو الدبلوم العالي "تقنيين" بمؤهلات أعلى من المستوى الفني وأقل من المستوى الهندسي.

ويشكل هؤلاء الخريجون العمود الفقري للكوادر الوظيفية "الماهرة" في المجال الصناعي.
ومؤخراً ألغت كليات التقنية شهادة الدبلوم وأبقت فقط على برنامجي الدبلوم والدبلوم العالي. كما بدأت بطرح درجة البكالوريوس التطبيقية في عدة اختصاصات أكاديمية.
ومرة أخرى لمس المغفور له الشيخ زايد حاجة العدد المتنامي من خريجي الثانوية المواطنين، وتحديداً الطالبات، للتعليم العالي فأمر عام 1998 بتأسيس جامعة ثالثة في البلاد هي جامعة الشيخ زايد في كل من أبوظبي ودبي. وتتضمن الخطط المستقبلية للجامعة افتتاح فروع للطلاب.
هذه الجامعات الثلاث كلها هي مؤسسات حكومية تتلقى تمويلها من الحكومية الاتحادية وتوفر التعليم العالي للطلبة المواطنين مجاناً. وتعمل كلها حالياً على طرح برامج دراسية عليا لتلبية الطلب على الدراسات العليا.
التعليم العالي الخاص في الإمارات
شهدت الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية ارتفاعاً كبيراً في الطلب على التعليم العالي. وباعتبار أن مؤسسات التعليم العالي الثلاث هذه تقبل الطلبة المواطنين فقط، نشأت في الدولة عدة مؤسسات تعليمية خاصة مثل المدينة الجامعية في الشارقة والمدينة الجامعية في دبي والمدينة الجامعية في أبوظبي وذلك لمسايرة النمو الاقتصادي والسكاني السريعين في الدولة. ثم حذت إمارات الدولة الأخرى حذوها فأسست مؤسساتها التعليمية العالية الخاصة مستفيدة من الازدهار الاقتصادي الكبير. بل إن مؤسسات التعليم الخاص نفسها أصبحت مساهمة أساسية في إنجاز هذا الازدهار.
الكثير من هذه المؤسسات مرتبطة بمؤسسات تعليمية أجنبية ذات سمعة عالمية عالية على الرغم من أن معظمها يركز في برامجه المقدمة على العلوم الإنسانية والأعمال وتقنية المعلومات. وتعود هذه الظاهرة أساساً إلى النقص في المباني والمنشآت الجامعية المبنية خصيصاً لخدمة التعليم العالي التقني. كما يوجد معظم هذه المؤسسات في المناطق الحرة وبالتالي فهي ليست خاضعة لإشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الإمارات. وجزء كبير من الطلبة هم من مؤسسات خاصة من خارج الإمارات على الرغم من وجود نسبة ما من الطلبة المواطنين.
تعتبر الرسوم الدراسية في المؤسسات التعليمية الخاصة مرتفعة جداً قياساً بالمنشآت وجودة التعليم الذي تقدمه، خصوصاً وأن برامجها الدراسية غير معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي في الإمارات. وعلى المدى الطويل قد يكون هذا المر مضراً بطلبة الإمارات الباحثين عن فرص عمل حين لا تكون مؤهلاتهم العلمية معترفاً بها من قبل وزارة التعليم العالي.
المشكلة الثانية في الأهمية بخصوص هذه المؤسسات التعليمية الخاصة هي العلاقة بين سوق العمل والتعليم العالي. ذلك أن وسيلة الترويج الأكثر أهمية التي تتبعها هذه المؤسسات لاستقطاب الطلبة من شبه القارة الهندية والدول العربية والأوروبية هو فرصة إيجاد فرص تدريب وعمل لهم في الإمارات. كما أن الجانب الأعظم من القطاع الخاص سيعتمد على خريجي هذه الجامعات نتيجة طلب سوق العمل على العمالة الأرخص تكلفة. وهذا الأمر من شأنه أن يزيد حجم العمالة الوافدة في الدولة فيما يقلل من فرص الخريجين الجامعيين.
ولهذا يجب إخضاع التعليم العالي في الإمارات لسيطرة وزارة التعليم العالي إذا ما أردنا ضمان جودة البرامج الدراسية ومؤهلات الكوادر التعليمية ومصداقية الارتباط بالمؤسسات التعليمية الدولية.
 

أعلى
 


أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور
الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289