الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح #السيسي مؤخراً إلى أبوظبي والتي استمرت يومَين لإجراء مباحثات مع صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كانت شاهداً على علاقات الأخوّة بين بلدَينا وشعبَينا.
يخصّ قادتنا جميع ضيوفهم بحسن الاستقبال والوفادة، لكن مشاعر الحفاوة والاحترام تجلّت بوضوح شديد بين الرئيس المصري والشيخ محمد بن زايد اللذين تبادلا التحية بطريقة تدلّ على عمق الصداقة بينهما. وقد وصفَ الرئيس #السيسي العلاقة بـ"المميّزة"، وهي كذلك فعلاً.
لقد بدا التأثر واضحاً على ملامح الرئيس لدى استماعه إلى الكلام المفعم بالعواطف والأحاسيس الذي أدلى به اللواء محمد بن سالم كردوس العامري، عضو المجلس الوطني الاماراتي، الذي حضر الاجتماع.
قال العامري: "نحن معكم وسوف نضحّي من أجل #مصر. نحن ننفّذ وصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ونهج صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بالدفاع عن #مصر والتضحية من أجلها وهو واجب قومي اماراتي".
فردّ الرئيس المصري الذي أكّد مراراً وتكراراً أن التهديدات لأمن دول الخليج العربي هي "خط أحمر" بالنسبة إليه: "نحن أيضاً سوف نضحّي من أجلكم".
إلى جانب الروابط الوثيقة التاريخية التي نشأت خلال حكم المغفور له الشيخ زايد، أقامت #مصر والإمارات، منذ الإطاحة بنظام الإخوان المدمِّر من #القاهرة عام 2013، شراكة اقتصادية وديبلوماسية واستراتيجية راسخة ومتينة بالاستناد إلى المصالح الإقليمية والمشاغل والمخاوف الأمنية المشتركة.
تحتل مكافحة الإرهاب والتأثير الخبيث للأيديولوجيات المتطرفة أولوية في جدول أعمال الدولتَين الحليفتين. وكذلك الأمر بالنسبة إلى ردع إيران وحليفتها الجديدة قطر ومنعهما من زعزعة الاستقرار في العالم العربي، والعمل على تسهيل توحيد ليبيا سياسياً، حيث يشكّل الانقسام والفوضى أرضاً خصبة للكيانات الإرهابية الهاربة من سوريا والعراق.
في الأزمنة العصيبة، قدّمت #الإمارات والسعودية والكويت دعماً مادّياً من أجل تعويم الاقتصاد المصري الهش في حين أدارت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ظهرها لمصر.
لقد وضعت الحكومة المصرية ثقتها في المستشارين الاقتصاديين الإماراتيين، وأفادت #مصر من مئات المشاريع في مجالات المواصلات والبنى التحتية والتعليم، والتي أُنجِزت في إطار برنامج إماراتي للمساعدة الإنمائية أُطلِق عام 2014.
اليوم، تتخطّى الاستثمارات الإماراتية في #مصر ستة مليارات دولار أمريكي. يُتيح قانون جديد للمستثمرين الأجانب ترحيل أرباحهم، وتحويل الجنيه المصري إلى عملات أجنبية، والإفادة من الحوافز المعفية من الضرائب، الأمر الذي من شأنه أن يشجّع على زيادة الاستثمارات المباشرة.
حمداً لله، لم يعد الاقتصاد المصري في العناية الفائقة؛ فاحتياطاته الأجنبية التي وصلت إلى حالة من الاستنفاد سابقاً ارتفعت من جديد لتبلغ 36 مليار دولار، وسجّلت عائدات القطاع السياحي زيادة بنسبة 170 في المئة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2017 بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
بعد سنوات من التقنين المتقطع في التيار الكهربائي، سوف تؤمّن #مصر احتياجاتها في مجال الطاقة لسنوات طويلة عندما يبدأ الإنتاج في حقل الغاز العملاق في المياه الإقليمية المصرية في أواخر العام الجاري.
الإصلاحات الاقتصادية التي يطبّقها الرئيس #السيسي ذ تعويم الجنيه المصري، وخفض الدعم الحكومي لبعض السلع، وفرض ضريبة على القيمة المضافة ذتؤتي بثمارها، وقد كانت محط ثناء من المسؤولين في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. أُدركُ أن التضخم يلقي بظلال ثقيلة على بعض الشرائح في المجتمع، ولكنني أودّ أن أشدّد على أنه لا يمكن للمرء أن يحقق المكاسب والربح إذا لم يعرف طعم الألم.
لا يسعني سوى أن أناشد الشعب المصري التحلّي بالصبر. يعمل الرئيس على تلبية احتياجات الأجيال المقبلة وسط التزايد في أعداد السكان التي يُتوقَّع أن تصل إلى 128 مليون نسمة بحلول سنة 2030.
لقد انتقدت بعض الأوساط مشروع العاصمة الإدارية الجديدة للبلاد، معتبرةً أنه يتسبّب بهدر مبالغ طائلة. المنتقدون على خطأ. تواجه البنى التحتية في #القاهرة مشقّة كبيرة في تلبية احتياجات الأعداد الكثيفة من السكان، وتتعطّل الحركة كلياً في أجزاء من المدينة بسبب الإختناقات المرورية التي لا تنتهي. يجب توزيع السكان على مساحات أوسع من أجل تأمين نوعية حياة أفضل للجميع.
بعض القوى الغربية ممتعضة لأن الرئيس المصري يعمل أيضاً على تدعيم دفاعات بلاده بواسطة أسلحة يتم شراؤها من بلدان مختلفة. تزعم حفنة من المشترعين الأمريكيين الذين ضغطوا مؤخراً من أجل تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية إلى #مصر، أن #السيسي يبدّد موارد خزينته.
لقد عمدت #مصر، في الفترة الأخيرة، إلى شراء أربع غواصات ألمانية الصنع، و50 مقاتلة روسية من طراز "ميغ-29"، فضلاً عن 24 طائرة قتالية "رافال" فرنسية الصنع، وفرقاطة بحرية. بطبيعة الحال، لا تستطيع الحكومة المصرية الاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على التجهيزات والمعدّات بعدما أقدمت إدارة أوباما سابقاً على تجميد تسليم مقاتلات "إف-16" ومروحيات "أباتشي" إلى #مصر مع العلم بأن هذه الأخيرة سدّدت ثمنها.
هل يمكن إلقاء الملامة على #السيسي لأنه يعمل على تعزيز الإمكانات العسكرية لبلاده في وقتٍ ينشط فيه تنظيم "الدولة الإسلامية" والمجموعات التابعة له داخل شبه جزيرة سيناء، وتتسلّل تلك التنظيمات إلى #مصر عبر حدودها الشمالية الغربية؟ هل يمكن لومه بعدما شهِد على المصير المأسوي للعراق وسوريا وليبيا، ناهيك عن أن #القاهرة هي بمثابة ضامِنة لسلامة أراضي الدول الخليجية الحليفة؟
في يوليو الماضي، دشّن الرئيس #السيسي القاعدة العسكرية الأكبر في الشرق الأوسط وأفريقيا، بحضور الشيخ محمد بن زايد، وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وأمير مكة خالد الفيصل، ووزير الدفاع الكويتي الشيخ محمد الخالد الحمد الصباح.
أثني عليه لما يتمتّع به من رؤية ثاقبة على ضوء التحدّيات الكثيرة التي تواجهها منطقتنا، وكلّي أملٌ بأن تعمل #مصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين على تشكيل كتلة متماسكة - كيان واحد قوي ونافذ - لا يمكن اختراقها على الجبهات كافة.
يجب أن يُبنى هذا الكيان بواسطة حجارة الثقة، وأن يجري تدعيمه بالشفافية والولاء. الأساسات موجودة. كل ما هو مطلوب قفزة إيمانية نحو الأمام.
ما زلت أتذكّر بحنين أيام العز التي عرفتها #مصر كانت الإسكندرية تنافس المدن في الريفييرا الفرنسية، وكانت #القاهرة المكان الذي يختاره صانعو السيارات الفارهة ودور الأزياء لإطلاق نماذجهم وتصاميمهم الجديدة. #مصر هذه اختفت وراء ضباب الزمن، لكن إذا تكلّلت مساعي الرئيس #السيسي بالنجاح، فإن هذا البلد الذي سرق قطعة من قلبي، سوف يُبهر العالم من جديد بتألّقه وبريقه.