الخميس، 10 أكتوبر 2024

الدموع وحدها لا تغسل جراح سوريا

بقلم خلف أحمد الحبتور

© Shutterstock

هذه رسالةٌ‭ ‬أوجّهها‭ ‬إلى‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬وجميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬حتّامَ‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعاني‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتخذوا‭ ‬القرار‭ ‬بالتحرك؟‭ ‬حتّام‭ ‬ستستمرون‭ ‬في‭ ‬التفرج‭ ‬على‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمرّ‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬الرقابة‭ ‬في‭ ‬هوليوود؟‭ ‬حتام‭ ‬سنطأطئ‭ ‬رؤوسنا‭ ‬بسبب‭ ‬الشعور‭ ‬بالعار‭ ‬والذنب؟‭ ‬سيحاسبنا‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬صمتنا‭ ‬وتلكّؤنا‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬المناسب‭.‬

أقول‭ ‬إلى‭ ‬إخوتنا‭ ‬وأخواتنا‭ ‬في‭ ‬#حلب‭ ‬إن‭ ‬الكلمات‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬مشاعري،‭ ‬لكنها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقدّمه‭ ‬لكم‭. ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬إنقاذكم،‭ ‬لما‭ ‬توانيت‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬لحظة‭. ‬

نعم،‭ ‬ينفطر‭ ‬قلبنا‭ ‬أمام‭ ‬المعاناة‭ ‬المروّعة‭ ‬التي‭ ‬يتكبّدها‭ ‬المدنيون‭ ‬بقسوة‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬#حلب‭. ‬نعم،‭ ‬يتملّكنا‭ ‬الغضب‭ ‬لمعرفة‭ ‬أن‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬يختبئون‭ ‬وحيدين‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تخطف‭ ‬قنابل‭ ‬النظام‭ ‬حياتهم‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬في‭ ‬ريعان‭ ‬الطفولة‭. ‬لكننا‭ ‬مجرد‭ ‬شهود‭ ‬عاجزين‭ ‬لا‭ ‬حيل‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬يتفرجون‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬الواقع‭ ‬الأكثر‭ ‬تعطشاً‭ ‬للدماء‭ ‬الذي‭ ‬يُعرَض‭ ‬على‭ ‬شاشاتنا‭.‬

نعم،‭ ‬كان‭ ‬إطفاء‭ ‬الأنوار‭ ‬في‭ ‬برج‭ ‬إيفل‭ ‬بادرة‭ ‬تعاطف‭. ‬نقول‭ ‬إننا‭ ‬نتحسّس‭ ‬معاناتهم،‭ ‬لكننا‭ ‬نجلس‭ ‬مرتاحين‭ ‬في‭ ‬مقاعدنا‭ ‬ونحن‭ ‬نمسك‭ ‬بجهاز‭ ‬التحكم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬أو‭ ‬نتبادل‭ ‬أحاديث‭ ‬أكاديمية‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي؛‭ ‬إننا‭ ‬نخدع‭ ‬أنفسنا،‭ ‬ونبذل‭ ‬محاولات‭ ‬بائسة‭ ‬لإراحة‭ ‬ضمائرنا‭.‬

الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يختبروا‭ ‬مـأساة‭ ‬مماثلة‭ ‬عن‭ ‬كثب،‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يُقصَف‭ ‬أحبابهم‭ ‬بالأسلحة‭ ‬الكيميائية‭ ‬أو‭ ‬يُدفَنوا‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض‭ ‬أو‭ ‬تتطاير‭ ‬أجسادهم‭ ‬أشلاء،‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬أن‭ ‬يتعاطفوا‭ ‬مع‭ ‬ضحايا‭ ‬هذه‭ ‬المأساة‭ ‬الإنسانية‭ ‬العالقين‭ ‬بين‭ ‬سندان‭ ‬نظام‭ ‬همجي‭ ‬ومطرقة‭ ‬ميليشيات‭ ‬ليست‭ ‬أياديها‭ ‬نظيفة‭.‬

أما‭ ‬ما‭ ‬يُسمّى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وباستثناء‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تحرّكها‭ ‬مصالح‭ ‬خاصة،‭ ‬فيكتفي‭ ‬بفرك‭ ‬يدَيه‭ ‬والتوعّد‭ ‬بالثأر‭ ‬من‭ ‬المجرمين‭ ‬الذين‭ ‬يحتفلون‭ ‬اليوم‭ ‬بـ‭"‬النصر‭" ‬إدراكاً‭ ‬منهم‭ ‬بأنهم‭ ‬يستطيعون‭ ‬أن‭ ‬يستمروا‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬مع‭ ‬إفلات‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬تتملّص‭ ‬من‭ ‬واجبها‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬عليها‭ ‬شنّ‭ ‬تدخل‭ ‬عسكري‭ ‬إنساني،‭ ‬وما‭ ‬دامت‭ ‬#روسيا‭ ‬تستخدم‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ (‬الفيتو‭) ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭.‬

جهود‭ ‬السلام‭ ‬المتواصلة‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬جون‭ ‬كيري‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬فصولاً‭ ‬تحوّلت‭ ‬إلى‭ ‬أضحوكة؛‭ ‬والمهزلة‭ ‬الأكبر‭ ‬هي‭ ‬سلسلة‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الطارئة‭ ‬التي‭ ‬تعقدها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وعمليات‭ ‬التصويت‭ ‬العقيمة‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬أي‭ ‬حظوظ‭ ‬بإقرارها‭. ‬هل‭ ‬سيعمد‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الدور‭ ‬القيادي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إعجابه‭ ‬بالرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين؟‭ ‬من‭ ‬يدري‭!‬

لقد‭ ‬تأكّد‭ ‬الأمر‭. ‬لم‭ ‬يتعلّم‭ ‬عالمنا‭ ‬دروساً‭ ‬من‭ ‬فظائع‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬أو‭ ‬فيتنام‭ ‬أو‭ ‬غروزني‭. ‬ليست‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬سوى‭ ‬مجرد‭ ‬منظمة‭ ‬عاجزة‭ ‬تكتفي‭ ‬بالأقوال‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أفعال؛‭ ‬يستطيع‭ ‬أمينها‭ ‬العام‭ ‬بان‭ ‬كي‭ ‬مون‭ ‬أن‭ ‬يزبد‭ ‬ويرغي‭ ‬قدر‭ ‬ما‭ ‬يشاء،‭ ‬لكنه‭ ‬مكبَّل‭ ‬تماماً‭ ‬مثل‭ ‬وكالات‭ ‬المساعدات‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭. ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬أكذوبة‭. ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬مشروع‭ ‬فاشل‭.‬

والعبارة‭ ‬التي‭ ‬يردّدها‭ ‬المسؤولون‭ "‬لن‭ ‬نسمح‭ ‬أبداً‭ ‬بأن‭ ‬يتكرر‭ ‬ذلك‭" ‬أصبحت‭ ‬مجرد‭ ‬شعار‭ ‬فارغ‭. ‬ماذا‭ ‬حلّ‭ ‬بجوهر‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ينفك‭ ‬الغرب‭ ‬يلاحقنا‭ ‬بها‭ ‬منذ‭ ‬عقود؟

هل‭ ‬القيم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬بالبرلمان‭ ‬البريطاني‭ ‬إلى‭ ‬التصويت‭ ‬ضد‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬الجوي‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬الهجمات‭ ‬الكيميائية‭ ‬التي‭ ‬يشنّها‭ ‬بشار‭ ‬الأسد؟‭ ‬هل‭ ‬القيم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬بالرئيس‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬إلى‭ ‬شطب‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬وضعها،‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الرأي‭ ‬العام؟‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬كافية‭ ‬كي‭ ‬تعيد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعتقد‭ ‬أنها‭ ‬بأمان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحماية‭ ‬الغربية،‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬موقفها‭ ‬وتفكّر‭ ‬ملياً‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحلّ‭ ‬بها‭. ‬لو‭ ‬وجدنا‭ ‬أنفسنا،‭ ‬معاذ‭ ‬الله،‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬مشابه‭ ‬لما‭ ‬يعاني‭ ‬منه‭ ‬الشعب‭ ‬السوري،‭ ‬هل‭ ‬سيُرمى‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬الذئاب‭ ‬فيما‭ ‬نُرشَق‭ ‬بفتات‭ ‬الأمل‭ ‬من‭ ‬حينٍ‭ ‬لآخر؟

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬شرق‭ ‬#حلب‭ ‬مجرد‭ ‬ظلال‭ ‬محترقة‭ ‬لمدينة‭ ‬عريقة‭ ‬كانت‭ ‬نابضة‭ ‬بالحياة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬مضى‭. ‬إنهم‭ ‬يحتفلون‭ ‬بالنصر‭ ‬وسط‭ ‬الأنقاض‭ ‬وفوق‭ ‬عشرات‭ ‬آلاف‭ ‬الجثث‭. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬النصر،‭ ‬فكيف‭ ‬تكون‭ ‬الهزيمة‭ ‬إذاً؟‭ ‬مَن‭ ‬يكترث‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬خسروا‭ ‬منازلهم‭ ‬وجميع‭ ‬مقتنياتهم؟‭ ‬مَن‭ ‬يموّل‭ ‬إعادة‭ ‬إعمار‭ ‬المدينة،‭ ‬وبناء‭ ‬المساكن‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬والأسواق‭ ‬والطرقات‭ ‬من‭ ‬جديد؟‭ ‬مَن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يمحو‭ ‬مشاهد‭ ‬الموت‭ ‬والدمار‭ ‬المروّعة‭ ‬من‭ ‬أذهان‭ ‬الأطفال‭ ‬أو‭ ‬يعيد‭ ‬إلى‭ ‬المراهقين‭ ‬شبابهم‭ ‬الذي‭ ‬سُرِق‭ ‬منهم؟

إذا‭ ‬كان‭ ‬يُخيَّل‭ ‬إلى‭ ‬الأسد‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬قبضته‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬الخاضعة‭ ‬لسيطرة‭ ‬الثوار‭ ‬أو‭ ‬الإرهابيين،‭ ‬سوف‭ ‬تعود‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬عهدها،‭ ‬فهو‭ ‬واهمٌ‭ ‬حكماً‭. ‬لقد‭ ‬انتصر‭ ‬في‭ ‬المعركة‭ ‬على‭ ‬#حلب،‭ ‬بمساعدة‭ ‬من‭ ‬#روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬و‭"‬حزب‭ ‬الله‭" ‬والميليشيات‭ ‬الشيعية‭ ‬العراقية،‭ ‬لكنه‭ ‬بعيد‭ ‬جداً‭ ‬عن‭ ‬الفوز‭ ‬في‭ ‬الحرب‭. ‬فالملايين‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬أفراداً‭ ‬من‭ ‬عائلاتهم،‭ ‬أو‭ ‬بُتِرت‭ ‬أطرافهم،‭ ‬أو‭ ‬خسروا‭ ‬منازلهم‭ ‬أو‭ ‬وظائفهم،‭ ‬والملايين‭ ‬الذين‭ ‬سُجِنوا‭ ‬أو‭ ‬تعرّضوا‭ ‬لشتّى‭ ‬أنواع‭ ‬التعذيب،‭ ‬أو‭ ‬شُرِّدوا،‭ ‬أو‭ ‬تحوّلوا‭ ‬إلى‭ ‬لاجئين‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬فيهم،‭ ‬لن‭ ‬يسامحوه‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬أو‭ ‬يقبلوا‭ ‬به‭ ‬رئيساً‭ ‬عليهم‭.‬

تتخبط‭ ‬#روسيا‭ ‬في‭ ‬مشكلاتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬وهي‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحمّل‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية،‭ ‬لذلك‭ ‬لن‭ ‬ينقضي‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬للأسد‭ ‬بأن‭ ‬يذهب‭ ‬في‭ ‬سبيله‭. ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬قدّمت‭ ‬المعارضة‭ ‬تضحيات‭ ‬كثيرة‭ ‬ولن‭ ‬تقبل‭ ‬الاستسلام‭ ‬بسهولة‭. ‬سيستمر‭ ‬القتال‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬عقود،‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬القمع‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هدفاً‭ ‬مستعصياً،‭ ‬والوزر‭ ‬الأكبر‭ ‬سوف‭ ‬يتحمّله‭ ‬المدنيون‭.‬

عندما‭ ‬يصبح‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬أبعد‭ ‬منالاً‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬بسبب‭ ‬تعنّت‭ ‬الأسد‭ ‬والواقع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬مفرّ‭ ‬منه‭ ‬بأن‭ ‬المعارضة‭ ‬خسرت‭ ‬معظم‭ ‬أوراق‭ ‬المقايضة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بحوزتها،‭ ‬يُضحي‭ ‬الحل‭ ‬المتاح‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لحمام‭ ‬الدماء‭ ‬شنّ‭ ‬حملة‭ ‬عسكرية‭ ‬حاسمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدفَين‭ ‬اثنين‭: ‬إسقاط‭ ‬النظام‭ ‬وطرد‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭.‬

عندئذٍ‭ ‬فقط‭ ‬يمكن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬#سوريا‭. ‬أنا‭ ‬ضد‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بتقسيم‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬جيوب‭ ‬مذهبية‭ ‬تتنافس‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بينها‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬والموارد‭ ‬الطبيعية‭. ‬انظروا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ولو‭ ‬بحكم‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭! ‬هذا‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬تُظهر‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬السوري،‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬الأكراد،‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬البلاد‭ ‬وحدةً‭ ‬متراصّة‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬التقسيم‭.‬

من‭ ‬الخيارات‭ ‬الممكنة‭ ‬إنشاء‭ ‬مناطق‭ ‬تتمتع‭ ‬بحكم‭ ‬شبه‭ ‬ذاتي‭ ‬وتخضع‭ ‬لحكومة‭ ‬فيدرالية‭ ‬منتخَبة‭ ‬ديمقراطياً،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ينخرط‭ ‬جميع‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬المسامحة‭ ‬والمصالحة‭ ‬بعد‭ ‬طرد‭ ‬الأسد‭ ‬من‭ ‬قصر‭ ‬الرئاسة‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تصمت‭ ‬المدافع‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬بين‭ ‬ليلة‭ ‬وضحاها؛‭ ‬سوف‭ ‬يستغرق‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭. ‬لكن‭ ‬الزمن‭ ‬خير‭ ‬شافٍ،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يشهد‭ ‬عليه‭ ‬أبناء‭ ‬فيتنام‭ ‬وجنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬والشعوب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتألف‭ ‬منها‭ ‬يوغوسلافيا‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬مضى‭. ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬آلاف‭ ‬الأعوام،‭ ‬عاش‭ ‬السوريون‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الطوائف‭ ‬معاً‭ ‬بسلام،‭ ‬ويمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬عندما‭ ‬يُترَكون‭ ‬وشأنهم‭ ‬ليعالجوا‭ ‬ندوبهم‭ ‬بأنفسهم‭.‬

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم