كل تنظيم مسلّح يحتجز البلاد رهينةً بالوكالة عن دولة أجنبية هو ميليشيا إرهابية خائنة وليس مقاومة، وبالتالي ليس حزباً سياسياً مشروعاً كما يزعم "حزب الله" على الدوام. فمخالبه التي تمتدّ من #طهران، جعلت #لبنان دولة فاشلة، مما يشكّل تهديداً على المنطقة.
مع تضاؤل الآمال بأن يستعيد اللبنانيون الشرفاء السيطرة على بلادهم، وصلت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الى هذه الحقيقة المؤسفة عبر إصدارها إعلاناً رسمياً اعتبرت فيه "حزب الله" منظمة إرهابية بـ"كافة قادته وفصائله والمنظمات التابعة له والمنبثقة عنه" بسبب "الأعمال العدائية" في #سوريا واليمن والعراق، بما في ذلك التحريض على الفتنة، وتهريب السلاح، وتجنيد الإرهابيين.
دعمت غالبية الدول العربية هذه الخطوة، إلا أنه ليس مفاجئاً أن #سوريا والعراق عارضاها، فكلاهما يخضعان، مثل #لبنان، للهيمنة الإيرانية. لكن المستغرَب هو رفض الرئيس التونسي تصنيف "حزب الله" منظمة إرهابية، وكذلك موقف النأي بالنفس الذي تبنّته الجزائر. لقد أعلنت #السعودية أنه من العبث الإستمرار في حكاية التضامن العربي لأنه لا وجود له.
تأتي هذه الخطوة في أعقاب القرار الذي اتّخذته المملكة العربية #السعودية بتجميد مساعدات عسكرية/أمنية بقيمة أربعة مليارات دولار أمريكي كانت مقرّرة إلى الحكومة اللبنانية، وكذلك بعد التحذير الذي وجّهته حكومات مجلس التعاون الخليجي إلى رعاياها بعدم السفر إلى #لبنان حفاظاً على أمنهم وسلامتهم. في الوقت نفسه، تتخذ دول الخليج إجراءات مشدّدة بحق مموّلي "حزب الله" والمتعاطفين معه داخل أراضيها. إنها تدابير طال انتظارها!
المفارقة هي أن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق سارع إلى رفض تصنيف مجلس التعاون الخليجي لـ"حزب الله" في خانة التنظيمات الإرهابية خلال مؤتمر وزراء الداخلية #العرب الذي عُقِد مؤخراً في #تونس، لكنه كان قد أعلن الشهر الفائت، عبر قناة "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، أن خلايا إرهابية تتدرّب في #لبنان تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني.
واقع الحال هو أن أعضاء تلك الخلايا تدرّبوا على أيدي الإيرانيين بالاشتراك مع "حزب الله"، بحسب المعلومات الاستخبارية التي تمكّنّا من الحصول عليها من جواسيس الحزب والمحرّضين التابعين له الذين جرى توقيفهم في الإمارات والسعودية. فهل يُعقَل أن وزير الداخلية لا يعرف ذلك! إما أنه يفتقر بشدّة إلى القدرات اللازمة لجمع الاستخبارات وإما، وهذا هو الاحتمال الأكثر ترجيحاً، يخشى أن يقول ما هو معلوم من جميع السياسيين اللبنانيين.
يخشون جميعهم أن يُضافوا إلى قائمة الأشخاص المستهدَفين من "حزب الله" في عمليات اغتيال. لا تزال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أنشئت للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ومحاكمة المتورطين، تنتظر "حزب الله" كي يسلّمها أربعة من عناصره المتّهمين بالضلوع في الاغتيال من أجل محاكمتهم.
كشف المشنوق أيضاً أنه اعتباراً من العام 2015، تم زرع خلايا نائمة وأخرى ناشطة تابعة للحرس الثوري في كل من #السعودية والإمارات والكويت والبحرين وكينيا ونيجيريا وقبرص وبلغاريا.
الآن بعدما كُتِب بالخط العريض أن "حزب الله" تنظيم إرهابي، من الحكمة أن يعمد قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى التركيز على المتواطئين معه ومن يسترضونه على الساحة السياسية في #لبنان. فعلى سبيل المثال، ندّد المرشح لرئاسة الجمهورية اللبنانية، سليمان فرنجية، المعروف بولائه للنظام السوري، بشدّة بإدراج "حزب الله" على قائمة الإرهاب، وكتب مغرّداً على "تويتر": "حزب الله حركة مقاومة ترفع رأس #لبنان والعرب".
في رأيه، #العرب الأباة هم أولئك الذين يتشاركون العقيدة الإيرانية والذين تنكّروا لجذورهم العربية عبر الارتهان للملالي الفرس. في هذه الحالة، ألا يجب تصنيف فرنجية في خانة داعمي الإرهاب؟
ألا يجب أيضاً أن يُعتبَر رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، الذي يتزعّم حركة "أمل" المتحالفة مع "حزب الله"، متواطئاً؟ سارع المكتب السياسي في حركة "أمل" إلى الدفاع عن "حزب الله" عبر إصدار بيان شنّ فيه هجوماً عنيفاً على الإعلان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي مشدّداً على "مؤهلات" الحزب كحركة مقاومة، في حين أن كل ما يفعله حالياً هو مقاومة انهيار النظام السوري الهمجي، وذلك بناءً على أوامر مباشرة من #طهران. في نظري، تستحق حركة "أمل" المصير نفسه مثل "حزب الله" – على مجلس التعاون الخليجي أن يدرجها هي أيضاً على قائمة الإرهاب.
التيار الوطني الحر ومؤسسه العماد ميشال عون الذي هو مرشّح "حزب الله" لملء الفراغ الرئاسي المستمر منذ نحو عامَين، لديه أيضاً ولاءات مشبوهة. قبل عشرة أعوام، وقّع عون، وهو شخصية مارونية، مذكرة تفاهم سياسية مع عميل إيران في #لبنان، بعد عودته من المنفى حيث أمضى 15 عاماً.
وقد اعتبر عون أن الهدف من الشراكة الجديدة مع "حزب الله" هو بناء ديمقراطية لبنانية توافقية على أساس الشفافية والعدالة والمساواة، وهو يعي تماماً أن الحزب يسعى إلى تحويل #لبنان إلى حكم ولاية الفقيه. وقد أعمى عيناه، منذ ذلك الوقت، عن جرائم "حزب الله".
الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي وصف "حزب الله" قبل بضعة أسابيع بأنه جزء من منظومة إيرانية في #لبنان، رفض أيضاً تصنيف الحزب تنظيماً إرهابياً. جنبلاط من أشدّ المنتقدين لتورّط "حزب الله" في #سوريا، وقد حذّر أمين عام الحزب حسن نصرالله من التداعيات السلبية التي يمكن أن يتكبّدها المغتربون اللبنانيون في دول الخليج بسبب خطبه المعادية للسعودية. لكن عندما حان وقت الحسم، رفض دعم قرار مجلس التعاون الخليجي.
خيبة الأمل الحقيقية كانت من سعد الحريري، زعيم فريق 14 آذار ورئيس "تيار المستقبل"، الذي كان موضع الثقة الأكبر من مجلس التعاون الخليجي بين الساسة اللبنانيين. كنا نعتقد أنه أسدٌ قادر على استعادة السيطرة على وطنه الأم. لقد كان ثابتاً في خطابه المناهض لإيران و"حزب الله" طوال فترة وجوده في المنفى الطوعي.
في ذكرى اغتيال والده في 14 فبراير، قال الحريري أمام أنصاره إن #لبنان لن يتحوّل، في أي ظرف من الظروف، ولاية إيرانية. بيد أن سلوكه الأخير يتعارض مع تعهّده هذا. وقبل بضعة أسابيع، قال في تصريح صادم إنه مستعد لتشارك السلطة مع "حزب الله" قبل أن يلقي بثقله خلف ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة. لدى سؤاله ما الذي يدفعه إلى التعاون مع تنظيم يُعتبَر مسؤولاً عن اغتيال والده، أجاب أنه ملتزم بالمبدأ القائل: "المتهم بريء حتى تثبت إدانته".
على النقيض من معظم السياسيين الآخرين، استهجن الحريري عدم وقوف #لبنان إلى جانب #السعودية في الجامعة العربية في قضية إحراق مقار البعثات الديبلوماسية #السعودية في إيران. ولدى سؤاله لماذا يدعم الآن ترشيح فرنجية، قال إنه يدعم مرشحاً من فريق 8 آذار بهدف ملء الفراغ.
وقد قال في هذا الصدد: "بالنسبة إلي، وجود رئيس ربما لدي بعض المشكلات معه أفضل من الفراغ التام في موقع الرئاسة". بعبارة أخرى، قدّم الحريري #لبنان إلى الفريق الآخر على طبق من فضة. وجود رئيس متواطئ مع حزب الله/إيران/#سوريا ليس أبداً أفضل من الفراغ في موقع الرئاسة! السؤال المطروح هو: هل سيواصل الحريري التفاوض مع "حزب الله" أم ينسحب بعد تصنيف الحزب في خانة المنظمات الإرهابية؟
إذا لم تقبل الحكومة اللبنانية بالقرار الصادر عن مجلس التعاون الخليجي وتشرع في إصدار مذكّرات توقيف بحق قادة "حزب الله" ومموّليه، يجب تصنيفها في خانة المحرّضين على الإرهاب. أدرك أنها غير قادرة على تنفيذ قرار التوقيف، لكن على الأقل سوف يتوضّح موقفها. على قادة دول مجلس التعاون الخليجي والدول الحليفة أن يعتبروا أن الحكومات والأشخاص الذين يعارضون تصنيف "حزب الله" تنظيماً إرهابياً هم شركاؤه في الإرهاب.
لا مجال للعب على الحبلَين أو الوقوف على الحياد. الجيش اللبناني مطلوبٌ منه أيضاً توضيح موقفه. إما أنه يقف ضد التنظيم الإرهابي، وفي هذه الحالة، عليه إصدار بيان علني بهذا الخصوص، وإما أن يعلن تحالفه مع "حزب الله"، وفي هذه الحالة يجب أن يواجه الوصمة نفسها.
ينبغي على قائد الجيش اللبناني، العماد جان قهوجي، وكبار جنرالاته أن يؤكّدوا ولاءهم للدولة وتفضيلها على الميليشيا، وأن يكونوا لمرة واحدة على قدر المهمة الملقاة على عاتقهم بحماية البلاد من السقوط. وإلا ليس لنا سوى الاستنتاج أن الجيش يخدم أهداف "حزب الله"، وفي هذه الحالة، يجب اعتبار القادة العسكريين بأنهم متواطئون مع الإرهاب. والجيش الذي يثبت تورّطه مع العملاء الذين يدينون بالولاء لدولة أجنبية، يجب حلّه.
إنها لحظة مصيرية لصنّاع القرار السياسي والعسكري في #لبنان الذين يقفون عند مفترق طرق أساسي. هل أنتم معنا أم ضدّنا؟ هل تقفون إلى جانب #السعودية والدول الحليفة أم إلى جانب "حزب الله" وإيران؟ ينبغي على مجلس التعاون الخليجي أن يطرح هذه الأسئلة ويطالب بأجوبة عنها قبل أن يبني على الشيء مقتضاه. المسار الذي سيسلكه #لبنان سوف يقرّر مصيره، ليس في المستقبل المنظور وحسب إنما لأجيال وأجيال قادمة.