السبت، 07 ديسمبر 2024

الإضاءة على الإسلام الحقيقي

بقلم خلف أحمد الحبتور

© Shutterstock

قبل عشرين عاماً، قادتني محنة المسلمين في أمريكا إلى المشاركة في مؤتمر دولي حول الصور الغربية عن #الإسلام. انعقد المؤتمر لمدة أسبوع كامل في مدينة #بينانغ في ماليزيا، في الضفة الأخرى من العالم.

وقد تولّى الدكتور شاندرا مظفر، مؤسس منظمة Just World Trust غير الحكومية في #بينانغ، إدارة المؤتمر. مظفر خطيب لامع وقائد قوي على الرغم من أنه مقعد يتنقل على كرسي متحرك. وُلد في عائلة هندوسية في الهند، واعتنق لاحقاً #الإسلام.

حضر 42 مندوباً المؤتمر، بينهم ستة مندوبين من الولايات المتحدة كان أحدهم البروفسور اليهودي المرموق ريتشارد فولك من جامعة #برينستون، الذي لطالما رفع لواء حقوق الإنسان في العالم العربي. وكان بين المندوبين الستة والثلاثين الآخرين بوذيون ومسيحيون ومسلمون من نحو عشرة بلدان مختلفة.

في كل صباح، كان المندوبون يجتمعون حول طاولة مستديرة. وكان مظفر يناديهم بأسمائهم طوال النهار الذي كانت تتخلّله استراحة لتناول الغداء، كي يدلوا بآرائهم أو يمتنعوا عن ذلك. إلا أنه كان من النادر أن يمتنع أحد عن الإدلاء برأيه. فقد كانت الجلسات كلها حافلة بالنقاشات الحيوية عن مختلف جوانب #الإسلام.

وقد اعتُبِر رهاب #الإسلام أو الإسلاموفوبيا بأنه سرطان ينتشر بسرعة ويهدّد الجميع.

في اليوم الختامي، طُلِب من كل مشارك أن يذكر ماذا سيفعل لدى عودته إلى دياره من أجل مكافحة الانحياز ضد المسلمين. وقد تعهدتُ بوضع بيان موجز يساعد المسلمين الأمريكيين على تعريف محيطهم إلى حقيقة #الإسلام.

لدى عودتي إلى الولايات المتحدة، استعنت بخبراء في المسيحية والإسلام واليهودية لمساعدتي على وضع البيان. وبعد نحو شهر من العمل، توصّلنا إلى وضع رسالة بعنوان "رسالة ودّية من جارك المسلم". كان هدفنا وضع بيان عن #الإسلام يساهم في دحض المغالطات التي تتسبّب بتنامي الإسلاموفوبيا. النص خالٍ من اللغة الصدامية. إنه مقتضب وواضح ومنصف. يتعامل بهدوء وصدق مع #الإسلام. لم نكن نحاول استقطاب أشخاص جدد لاعتناق #الإسلام. كنا نعلن الحقيقة وحسب.

وقد حافظ النص على قيمته على الرغم من مرور الزمن. فعلى امتداد السنوات، وزّعتُ شخصياً مئات النسخ. وغالباً ما كانت هذه اللقاءات تحفّز نقاشاً متمدّناً، لا سيما مع الأشخاص الذين كانوا يشاركون في المؤتمرات ومآدب العشاء والمحاضرات حيث كنت أتكلم عن رهاب #الإسلام.

وفي الأعوام الخمسة اللاحقة، خصّصت الجزء الأكبر من وقتي لإجراء البحوث وتأليف كتاب عن المسلمين الأمريكيين بعنوان "#كفى_صمتاً: مواجهة الصور الخاطئة عن #الإسلام في الولايات المتحدة". يتحدّث الكتاب عن رجال ونساء مسلمين أمريكيين لامعين في الأعمال والتعليم والعلوم والحكومة والرياضة – وعن دورهم في التاريخ الأمريكي. ويتطرق بالتفصيل إلى انخراط المسلمين الناجح في السياسة الأمريكية قبل أحداث 11 سبتمبر. وقد أدرجت نص الرسالة الودية في أحد الملاحق في الكتاب.

يجب بذل مزيد من الجهود. يعاني المسلمون في هذه الأيام، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون بسلام نسبي في أمريكا الوسطى، من القلق والألم الشديدَين. تعيش مذاهب إسلامية متعددة بوئام هنا، لكنها تتألم بشدّة إزاء الأخبار التي تصلنا عن أعمال العنف الرهيبة التي تقع بين المسلمين في الشرق الأوسط الذي يشهد نزاعات وحروباً. يبدو وكأن السنّة والشيعة مصممون على التقاتل في ما بينهم. لم ألمس شيئاً من هذا الشغف بسفك الدماء عندما زرت الشرق الأوسط لأول مرة قبل 25 عاماً.

تسيء المؤسسات الإعلامية الكبرى في الغرب توصيف أعمال الحقد والكراهية التي تصنّفها بأنها ممارسات "إسلامية"، فتولّد بذلك انطباعاً بأن هذه الأعمال تحظى بموافقة السلطات الإسلامية. وغالباً ما يخلط المحللون بين المسلمين والإسلاميين المتشددين.

#الإسلام الحقيقي يرفض العنف والتطرف والانتحار وقتل الأبرياء. وهكذا فإن تنظيم "داعش" الذي يُعتبَر من التنظيمات المتطرفة الأساسية في النزاعات الدائرة في الشرق الأوسط، والذي يقطع رؤوس الأبرياء، لا يمت بأي صلة إلى الدين الإسلامي.

أشعر بقلق شديد. كانت الأفكار الخاطئة عن #الإسلام منتشرة على نطاق واسع في الولايات المتحدة قبل ستة أعوام من فظائع 11 سبتمبر عندما وُجِّهت إلى أشخاص يدّعون أنهم مسلمون تهمة قتل ثلاثة آلاف شخص بريء من الركّاب الذين كانوا على متن الطائرات التي تحطّمت، والأشخاص الذين كانوا متواجدين في مركز التجارة العالمي في منهاتن.

يحتمي المسلمون الأمريكيون خلف موقف دفاعي منذ ذلك الوقت، إذ تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن أكثر من نصف المواطنين الأمريكيين يعانون من رهاب #الإسلام.

على الرغم من أن "الرسالة الودّية" كُتِبت قبل 20 عاماً، تبدو وكأنها وُضِعت خصيصاً للمرحلة العصيبة التي نمر بها اليوم. يحتاج الجميع إلى تذكيرهم بالتعاليم والمبادئ الكثيرة التي يتشاركها #الإسلام مع المسيحية واليهودية.

إنه الوقت الأنسب لإطلاع الجمهور على "الرسالة الودّية" التي تتألف من صفحتين. منذ مغادرتي الكونغرس، وضعت أربع كتب يبلغ عدد صفحاتها مجتمعة 1242 صفحة. لا أجد هدية أفضل لمناسبة رأس السنة من إيصال "الرسالة الودية" إلى كل بيت في الولايات المتحدة.

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم