الأحد، 13 أكتوبر 2024

الإماراتيون الذين يزورون بريطانيا يستحقون معاملة أفضل

بقلم خلف أحمد الحبتور

© Shutterstock

لطالما كان لديّ احترام كبير للشعب البريطاني. ومنذ امتلكت منزلاً في #الريف_الإنجليزي الذي ينعم بالجمال والهدوء عندما كنت لا أزال شاباً أكافح لتأسيس شركتي الخاصة، اعتبرت #إنجلترا بمثابة موطني الثاني العزيز على قلبي. وأنا على يقين من أن عدداً كبيراً من أبناء وطني يشاركونني الشعور نفسه، لا سيما على ضوء العلاقة الطويلة والمثمرة التي تجمع #الإمارات_العربية_المتحدة (وقبل تأسيسها، الإمارات المتصالحة) بالمملكة المتحدة منذ أكثر من قرن. ببساطة، إن كان هناك من حليف غربي نثق به لتأمين مصالحنا، فهو بريطانيا. لكنني أخشى الآن أن الثقة بيننا هي في اتّجاه واحد.

لطالما استُقبِل البريطانيون بحفاوة شديدة في #الإمارات_العربية_المتحدة، وقد كانوا على امتداد عقود المواطنين الأجانب الوحيدين الذين يحق لهم الحصول على تأشيرة سياحية لدى وصولهم إلى الإمارات، بغض النظر عن مكانتهم المهنية. يقيم نحو 120000 #بريطاني حالياً في #الإمارات_العربية_المتحدة، وإسهاماتهم موضع تقدير كبير. لكن لسوء الحظ، وعلى الرغم من المعاملة المميّزة التي لطالما خصّصنا بها ضيوفنا البريطانيين، لم تردّ الحكومة البريطانية بالمثل، وما يزيد الطين بلة أنها تفرض على الإماراتيين مزيداً من القيود في سفرهم إلى #المملكة_المتحدة.

فعلى النقيض من البريطانيين الذين يقصدون الإمارات، يطلب من الإماراتيون منذ سنوات طويلة، الحصول على تأشيرات قبل التوجّه إلى #المملكة_المتحدة، وكانت هذه المسألة موضع خلاف خصوصاً وأن أبوابنا مفتوحة دائماً أمام المواطنين البريطانيين.

العام الماضي، جرى الإعلان عن إطلاق نظام إلكتروني للإعفاء من التأشيرة يتيح للمواطنين الإماراتيين الإقامة لمدة ستة أشهر في بريطانيا. صحيح أن هذا الإجراء خطوة نحو الأمام، لكنه ليس كافياً في الوقت الذي تستقبل فيه باقي الدول الأوروبية الإماراتيين من دون الحاجة لتأشيرة ومنها البلدان التي لا تربطنا بها علاقات تاريخية، أو علاقات مميّزة كتلك التي تجمعنا ببريطانيا منذ وقت طويل. تمنح الولايات المتحدة الإماراتيين تأشيرات لمدة عشر سنوات، فضلاً عن إمكانية إعفائهم من الحصول على تأشيرة. #المملكة_المتحدة التي تُعتبَر الدولة الأقرب إلينا في الغرب، هي الدولة الوحيدة التي تفرض علينا استخدام النظام الإلكتروني للإعفاء من التأشيرة. ثمة خطبٌ ما.

وما يزيد الطين بلة أن السلطات البريطانية فرضت قيوداً جديدة على دخول خدم المنازل الأجانب الذين باتوا يُمنَعون من دخول #المملكة_المتحدة من دون أن يرافقهم أرباب عملهم الإماراتيون. يتسبّب هذا الإجراء بعرقلة غير مقبولة ليس لي وحسب، إنما أيضاً لعدد كبير من المواطنين الإماراتيين الذين يملكون مصالح تجارية في بريطانيا أو الذين يقصدون #المملكة_المتحدة لتمضية العطلة مع عائلاتهم لأسابيع أو أشهر عدّة سنوياً.

ليس هناك من منطق خلف هذا الإجراء العشوائي الذي لا شك في أنه من بنات أفكار موظّف حكومي يسعى إلى إثبات جدارته. فخادمات المنازل أو الحاضنات أو السائقون الذين غالباً ما يُعتبَرون جزءاً من العائلة، لا يشكّلون تهديداً أمنياً. بصراحة، لماذا تضع الحكومة البريطانية معوّقات أمام عمال المنازل ومستخدميهم، في حين أن بريطانيا تحوّلت، تحت راية الديمقراطية وحرية التعبير، معقلاً للمتشدّدين الإسلاميين الذين يتنقّلون بحرية تامة لتجنيد الجهاديين في الشوارع ويرشقون عناصر الشرطة بالإهانات؟

لا شك في أن هذا القرار سيؤثّر سلباً في مشاريع السفر التي أنوي القيام بها مستقبلاً. أتردّد باستمرار إلى أوروبا في رحلات عمل، وأمضي عادةً بعض الوقت في منزلي في #المملكة_المتحدة في نهاية الرحلة. وكنت دائماً أرسل موظّفيّ إلى بريطانيا قبل وصولي لتحضير المنزل، أما الآن فسوف يُضطرون إلى مرافقتي في كل محطة من الرحلة. إنهم أشخاص موثوقون وأصحاب ضمير حي؛ وبعضهم يعملون معي منذ عشرات السنين. أثق بهم كثيراً، ولا يحتاجون إلي كي أرعاهم في بريطانيا أو أي مكان آخر.

إلى جانب هذه العوائق العملية، يؤلمني أن البلد الوحيد الذي فرض مثل هذا الإجراء غير المنطقي، بين البلدان المدرجة على قائمة أسفاري المنتظمة، هو البلد الأعز على قلبي بعد وطني الأم الذي لا يميّز بين زائر وآخر من #المملكة_المتحدة، سواءً كان طبيباً أم محامياً أم مهندساً أم موظف مبيعات أم سائقاً - أم عاملاً منزلياً.

بما أن الإجراء الأخير يندرج في إطار سلسلة طويلة من القيود التي لا تتناسب مع العلاقات الودّية بين بلدَينا، لا يسعني سوى الاستنتاج بأن بريطانيا ليست حريصة على استقطاب المستثمرين الإماراتيين؛ فلو كانت حريصة على ذلك، لما تصرّفت بهذه الطريقة. تملك #الإمارات_العربية_المتحدة استثمارات ضخمة في بريطانيا، وتُعتبَر أكبر سوق للصادرات البريطانية في الخليج. فقد نقلت صحيفة "ذا ناشونال" عن عمدة لندن بوريس جونسون قوله قبل بضع سنوات بأن العاصمة البريطانية هي "الإمارة الثامنة" في #الإمارات_العربية_المتحدة. إنه توصيف جميل، لكنه يبقى مجرد كلام إذا لم تقرن السلطات البريطانية القول بالفعل.

حان الوقت كي تعيد الحكومة البريطانية النظر في سياساتها ومواقفها. لم تعد بلادي محميّة بريطانية، ويجب أن تُعامَل بالاحترام نفسه الذي لطالما تعاملنا به مع البريطانيين. نحن شعب أبيٌّ مخلص لأبناء وطنه وللأصدقاء. يجب أن تكون العلاقة مع بريطانيا قائمة على قدم من المساواة؛ لكن بدلاً من ذلك، تحوّلنا شركاء ثانويين، وهو ما أعتبره غير مقبول، لا سيما وأنه ليست لهذه القيود أية علاقة بالأمن. بل إن #الإمارات_العربية_المتحدة التي تتميّز بانخفاض معدلات الإجرام والتي لا تفرش السجاد الأحمر للمتطرفين، أثبتت أنها أكثر أماناً إلى حد كبير من #المملكة_المتحدة.

أناشد المسؤولين الإماراتيين إثارة هذه القضية مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي يجب الضغط عليه من أجل إلغاء هذه القيود المجحفة التي ليست سوى مصادر إزعاج تسيء إلى دفء المشاعر الذي لطالما تشاركه الإماراتيون والبريطانيون. لست أطلب المستحيل. كل ما أطلبه ببساطة هو المعاملة بالمثل من الجانب البريطاني كي أتمكّن من جديد، خلال وجودي في #إنجلترا، من أن أشعر حقاً بأنني في دياري بكل ما للكلمة من معنى.

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم