الإثنين، 04 نوفمبر 2024

مصر تنطلق بزخم على الطريق السريع

بقلم خلف أحمد الحبتور

© Shutterstock

بما أنني أفكّر جدّياً في إمكانات #الاستثمار في #مصر، أبديت اهتماماً شديداً بمؤتمر دعم وتنمية #الاقتصاد المصري الذي عُقِد على امتداد ثلاثة أيام في منتجع شرم الشيخ. تكون مثل هذه الفعاليات عادةً مملّة وجافة ولا نكهة لها، لكن المؤتمر الأخير كان مختلفاً تماماً وعلى مستويات كثيرة. لقد بقيت مسمّراً في مقعدي أشاهد وقائع المؤتمر.

قال منظّم المؤتمر، ريتشارد أتياس، الذي تولّت شركته تنظيم عشرات المؤتمرات الكبرى في مختلف أنحاء العالم: "بوجود22 رئيس دولة و3500 مندوب، إنه المؤتمر الأكبر للرؤساء التنفيذيين والقادة العالميين التي شهدتها حتى الآن. لم أشهد مثيلاً لها من قبل؛ وقد كانت أكثر تركيزاً على النتائج من معظم قمم الأمم المتحدة أو مجموعة الثماني، التي تكثر من الكلام وقليلاً ما تبادر إلى الفعل – كما أنها مدفوعة بحسن النوايا إلى درجة أكبر بكثير".

لقد كان المؤتمر مفعماً بالإيجابية، التي صدرت في معظم الأحيان عن جهات غير متوقّعة، وتخلّلته مشاعر صادقة، وتصفيق حار وقوفاً وضحك من القلب، فشكّل انتصاراً هائلاً، أسفر عن توقيع عقود بقيمة 32.6 مليار دولار أمريكي، ومذكرات تفاهم بقيمة 90 مليار دولار، فضلاً عن منح واستثمارات من دول الخليج قدرها 12.5 مليار دولار.

أنا فخور جداً لأن قادتنا يرصّون صفوفهم من جديد لدعم #مصر، العمود الفقري للعالم العربي، التي يقودها الآن الرئيس عبد الفتاح #السيسي، هذا المواطن العربي الأصيل الذي لم يكسب احترام شعبه وحسب في واحد من أصعب الأزمنة التي تمر بها البلاد، إنما أيضاً حب المصريين الكبير. المضيفون الشباب الذين دعاهم للانضمام إليه على المنصة في مستهل الكلمة الملهِمة التي ألقاها في ختام المؤتمر، لم يستطيعوا أن يكبحوا عواطفهم الجيّاشة عند وقوفهم على هذه المسافة القريبة جداً من بطلهم، وذلك في عرض عفوي، وصاخب بعض الشيء، أظهروا من خلاله محبتهم لرئيسهم، ما أثار بهجة عارمة لدى جميع الحاضرين.

والمحطة البارزة الأخرى تمثّلت في الخطاب المؤثّر الذي ألقاه رئيس الوزراء المصري ابراهيم محلب الذي غمرته مشاعر السعادة والامتنان، لا سيما حيال قادة السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان، إلى درجة أنه سعى جاهداً كي يحبس دموعه، وقد بادر الوزراء في حكومته إلى معانقته لاحقاً. لقد عبّر محلب والرئيس #السيسي عن امتنانهما للعاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز لأنه هو من أطلق فكرة عقد المؤتمر.

من العوامل الأخرى التي أكسبت المؤتمر طابعه الاستثنائي في هذا الجزء من العالم، أنّ المنظّمين لم يحاولوا التملّق إلى القوى الغربية. في الواقع، قدّم ترتيب صعود المتحدّثين لإلقاء كلماتهم نموذجاً عن النظرة الاستشرافية المستقلّة للحكومة المصرية عبر إعطاء الأولوية لرؤساء الدول والمندوبين الذين تعتبرهم القاهرة أصدقاء وشركاء حقيقيين في الشرق الأوسط وأفريقيا.

ولم تبقَ لدى أحد أية شكوك بشأن الدعم الاقتصادي الذي يقدّمه هؤلاء الأصدقاء والشركاء لمصر، لا بل أيضاً مؤازرتهم لها على المستوى السياسي، واولهم ولي العهد السعودي مقرن بن عبد العزيز الذي ناشد العالم الاعتراف بأهمية #مصر التاريخية والثقافية، فيما حضّ المجتمع الدولي على التخلي عن ازدواجية المعايير في التعامل مع الحكومة المصرية.

وكذلك شدّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس وزراء دولة #الإمارات العربية المتحدة، وحاكم دبي، في الكلمة التي ألقاها، على العلاقة الوثيقة جداً بين #الإمارات ومصر، قائلاً: "#مصر موطن السلام، وقلب العروبة". أضاف أن وقوف #الإمارات إلى جانب #مصر "نابع ببساطة من عاطفتنا تجاه الشعب المصري... ليس موقفنا خدمةً لأحد بل واجبٌ، ولا نتوخّى منه تحقيق عائدات سريعة، بل إنه استثمار في مستقبل أمّتنا. ما نفعله في #مصر الآن هو استثمارٌ من أجل استقرار المنطقة الذي نسعى إلى أن يتحقّق في المستقبل القريب، إن شاء الله".

ومن جهته، أثنى أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، على الإصلاحات الاقتصادية الجديدة والتشريعات التي تنظّم #الاستثمار في #مصر واصفاً إياها بالإيجابية. فقوانين #الاستثمار المعدّلة التي أُقِرَّت قبل يوم واحد فقط من انطلاق المؤتمر بتوجيهٍ من الرئيس المصري، نصّت على خفض البيروقراطية الثقيلة لوطأة، ومنح غير المصريين حق تملّك أراضٍ وأبنية، والسماح بالعمالة الأجنبية، وتقديم محفّزات ضريبية – والأهم من ذلك، تضمن هذه القوانين أمن المستثمرين الأجانب. وقد أثنى صندوق النقد الدولي على خفض الدعم الحكومي للمحروقات وزيادة الضرائب، ودفعت هذه الإجراءات بوكالات التصنيف إلى تحسين تصنيفها لمصر ورفعه إلى درجة "مستقر".

بعد سنوات من الاضطرابات، تفتح #مصر الآن أبوابها من جديد لاستقبال الأعمال والشركات، كما أن الحكومة تتطلّع بثقة نحو المستقبل. يعزّز مشروع #قناة_السويس_الجديد والمناطق الصناعية ذات الصلة، القدرة على تحقيق التطلّعات بتحويل المجرى المائي إلى مركز لوجستي وتجاري وصناعي كبير بين أوروبا والمنطقة العربية، والذي يُتوقَّع أن يحقّق عائدات تبلغ ثلث حجم #الاقتصاد.
كما جرى الكشف خلال المؤتمر عن مشروع ضخم أكثر طموحاً يتمثّل في إنشاء عاصمة إدارية ومالية جديدة، بحجم سنغافورة تقريباً، على مساحة أكثر من 7000 كيلومتر مربع، على بعد 45 كيومتراً شرق القاهرة، ويُتوقَّع أن تُنجَز المرحلة الأولى من هذا المشروع في الرمال الصحراوية في غضون خمس إلى سبع سنوات. وسوف يكون لهذه المدينة مطار أكبر من مطار هيثرو في لندن ومتنزّه أكبر بأربع مرات من ديزني لاند.

وكذلك أمام المستثمرين فرصٌ لتوظيف أموالهم في مشاريع متنوّعة في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات والثروة المعدنية، هذا فضلاً عن الفرص الرائعة المتوافرة في قطاعَي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات السلكية واللاسلكية. علاوةً على ذلك، أعلنت وزارة السياحة عن تنفيذ مشاريع، منها فنادق وأماكن للترفيه، في مناطق واقعة على البحر الأحمر. ويُتوقَّع أن تشهد السياحة اندفاعةً مع توافد السياح الصينيين والروس والجزائريين؛ من المرتقب أن يزور نحو 1.5 مليون جزائري #مصر سنوياً بدءاً من العام الجاري.

وفيما يُتوقَّع أن يبلغ النمو 4 في المئة أو أكثر بحلول نهاية السنة المالية في يونيو المقبل، وأن تسجّل البورصة أرقاماً قياسية مع ثباتٍ في قيمة العملة الوطنية، يجب الإقرار بفضل الحكومة في هذا المجال. لكنني أودّ أن أحيي أيضاً رؤساء الدول في مجلس التعاون الخليجي، لا سيما صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة #الإمارات العربية المتحدة، والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأمير الكويت صباح الأحمد، وكذلك السلطان قابوس حاكم سلطنة عمان. أنا فخورٌ بكم لمساندتكم القوية للشعب المصري والرئيس #السيسي وعلى توجيهكم الاستثمارات والأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي نحو #مصر.

لقد تقرّر أن يصبح مؤتمر دعم وتنمية #الاقتصاد المصري محطة سنوية. أنتظر بفارغ الصبر كي أرى التقدّم الذي ستحققه #مصر، وما تخبئه الحكومة للمستثمرين في مثل هذا الوقت من العام المقبل!

عندما تكون #مصر قوية ومستقرة وآمنة، وبالتالي قادرة على إعادة الاضطلاع بدورها القيادي التقليدي بالاشتراك مع دول مجلس التعاون الخليجي، سوف يساهم ذلك في انتعاش نبض الأمة العربية بكاملها بعدما وُضِع قلبها في العناية الفائقة منذ سنوات طويلة. وأخيراً، ثمة أمل حقيقي بأن نتّحد معاً لمواجهة التهديدات المحدقة بنا. أهلاً بعودتك #مصر! لقد افتقدناك حقاً.

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم