الخميس، 03 أكتوبر 2024

إياكم والرأفة بالإرهابيين:رسالة إلى مصر

بقلم خلف أحمد الحبتور

خلف أحمد الحبتور

في الأسابيع الأخيرة، أفلت إرهابيون على صلة بجماعة "#الإخوان_المسلمين" من عقالهم في مختلف أنحاء #مصر، فقتلوا عناصر من القوى الأمنية، وزرعوا عبوات ناسفة تسبّبت بمقتل عدد من المارة، وأشعلوا النيران في قطارات وترامات ومحال تجارية. وتشاء الصدفة - أو ربما ليست صدفة - أن نشهد على هذه الفورة في النشاط الإرهابي بعد أيام من عقد وزارة الخارجية الأمريكية اجتماعاتٍ وُصِفت بـ"المثمرة" مع وفدٍ من أعضاء للإخوان المسلمين في واشنطن. فبعد يومَين من تلك الزيارة، دعا الإخوان أنصارهم إلى إعلان جهاد ضد السلطات المصرية والاستشهاد على حدّ وصفهم.

تناقلت وسائل الإعلام الإميركية، ومنها فوكس نيوز، عن لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية جينيفر بساكي، أن جامعة جورج تاون قامت بتنظيم الزيارة، ما نفته الجامعة بشدّة. والأن، قامت قناة "رابعة" التابعة للإخوان المسلمين التي تبث من تركيا، بتحذير الرعايا الأجانب إلى وجوب مغادرة البلاد قبل 11 فبراير الجاري وإلا يتحمّلون العواقب.

المثير للصدمة أنه فيما تتعرّض #مصر لهجوم من الداخل، أصدرت #الأمم_المتحدة والاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية البريطانية، إلى جانب مجموعة من منظمات حقوق الإنسان، بيانات أدانت فيها سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان. وقبل أيام، ناشد وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، الدولة المصرية إطلاق سراح "#السجناء_السياسيين" وهو يدرك تماماً أن المحتجزين إما ينتطرون محاكمتهم في جرائم قد ارتكبوها وإما صدرت أحكام بحقّهم. وقد طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، سواءً بهدف الاستجابة للانتقادات أو لأسباب أخرى، من قادة الشرطة والجيش "مراعاة حقوق الإنسان"، ما قد يؤدّي إلى تكبيل أيديهم.

القتلة الذين يدّعون أنهم مسلمون ليسوا أفضل من الزومبي الذين يأكلون لحم البشر في أفلام الرعب الرهيبة مثل مسلسل "الموتى السائرون" The Walking Dead. إنهم كائنات دون البشر لا يملكون ذرّة من الإنسانية، ولذلك لا يستحقّون أن يتمتعوا بحقوق الإنسان. فيما لا يزال العالم تحت وقع الصدمة التي أحدثتها المشاهد المقززة لحرق الطيار الأردني الشاب والمسلم الورع، معاذ الكساسبة، حياً داخل قفص معدني على أيدي عصابة من الوحوش، وأنتهز هذه الفرصة لأحيّي الأردن على ردّه السريع انتقاماً لمقتل الكساسبة.

ففي غضون ساعات من نشر مقطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أعدمت الحكومة الأردنية الإرهابيَّين العراقيين، ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي، اللذين صدر بحقهما حكمٌ بالإعدام عام 2005 وعام 2008 على التوالي. إنه لأمر مؤسف أنه سُمِح لهما بالتنفّس وتناول الطعام والتكلّم على حساب دافعي الضرائب طوال هذه الفترة. توقّف الأردن عن تنفيذ حكم الإعدام طيلة سنوات، لكن يسود مزاج مختلف جداً الآن في هذا البلد العربي المفجوع. لا شك في أن ناشطي حقوق الإنسان سيظهرون قريباً عبر موقعَي "تويتر" و"فايسبوك" لينتحبوا على مصير الإرهابيَّين المثيرين للاشمئزاز.

متى ستدرك #مصر أنه يجب التعامل بقبضة من حديد مع أعداء الدولة الذين لا يتردّدون في إطلاق النار والتفجير والحرق تحقيقاً لمآربهم؟ يدين المجتمع الدولي القضاء المصري بسبب إصداره أحكاماً بالإعدام الجماعي، لكن قلة من تلك الأحكام تدخل حيّز التنفيذ.

في المقام الأول، يقتضي تطبيق هذه الأحكام، بحكم العرف، الحصول على موافقة مفتي الجمهورية - وهو حالياً الدكتور شوقي عبدالكريم علام - الذي أظهر في حالات كثيرة تردداً في الموافقة. وثانياً، تعمد محاكم الاستئناف بصورة منتظمة إلى خفض هذه الأحكام إلى السجن المؤبّد. ونادراً ما تتخطى عقوبة السجن المؤبد في #مصر 20 عاماً، كما أن عدداً كبيراً ممن حُكِم عليهم بالسجن المؤبد في الماضي إما خُفِّضَت عقوباتهم وإما نالوا عفواً رئاسياً.

ليس منطقياً أن يتطلّب حكم الإعدام موافقة مفتي الجمهوريّة. يجب تغيير القانون لمنع الإرهابيين المدانين أو من يعملون لإسقاط الدولة من اللجوء إلى محاكم الاستئناف. لا بل أفضل من ذلك، يجب اقتيادهم أمام المحاكم العسكرية وإدانتهم والتعجيل في إصدار أحكام بحقهم تماماً مثل سجناء غوانتانامو. إذا كانت هذه المنظومة مناسبة للولايات المتحدة، فلا بد من أنها مناسبة أيضاً لجميع الدول العربية المصابة بهذه الآفة الخبيثة.

إذاً النتيجة المحققة هي أن عقوبة الإعدام لم تعد تشكّل رادعاً للإخوان المسلمين وأتباعهم في شمال سيناء، وبدأت #مصر تبدو متساهلة في تعاملها مع الإرهاب. إذا تجذّر هذا الانطباع في النفوس، فإن الجهود التي تبذلها الحكومة لتعزيز الاقتصاد من أجل المساهمة في تحسين حياة 90 مليون مواطن مصري يعيش 40 في المئة منهم دون خط الفقر، ستذهب هباءً.

العنف وعدم الإستقرار هما بمثابة ناقوس الموت الذي قد يقضي على الاستثمارات الأجنبية التي تُعتبَر #مصر بأمس الحاجة إليها. حان الوقت كي تبادر السلطات القائمة إلى التحرّك؛ عليها أن تثبت للمصريين الذين نزلوا إلى الشوارع بالملايين لمبايعة المشير السيسي ومنحه السلطة المطلقة كي يتّخذ كل الخطوات الضرورية للقضاء على الإرهابيين الخونة، بأن أمنهم وسلامتهم وازدهارهم تأتي في صدارة الأولويات الحكومية.

أتفهّم أن الرئيس وفريقه حريصون على بناء علاقات جيدة مع الدول الأخرى ويريدان أن يُثبتا للعالم أن #مصر تسلك طريق الديمقراطية من خلال الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في مارس المقبل، لكن عليهما تصويب أولوياتهما. فاستئصال الإرهاب يجب أن يحتل صدارة الاهتمامات بدلاً من التزلّف الدبلوماسي للدول الغربية التي تتسبّب فعلياً بعرقلة العملية الانتقالية في البلاد منذ الإطاحة بمحمد مرسي في يوليو 2013. فالولايات المتحدة وحلفاؤها يحتضنون "#الإخوان_المسلمين" فيما يضربون عرض الحائط بإرادة الشعب المصري وآماله وتطلعاته.

لطالما شهرت تلك البلدان ورقة حقوق الإنسان واستخدمتها سيفاً مصلتاً فوق رأس الحكومة المصرية، غير عابئةٍ بسجلها الخاص المزري في مجال حقوق الإنسان والحافل بالحروب غير المشروعة، وعمليات الترحيل غير القانونية، والتجسّس غير القانوني على المواطنين... وهذا ليس سوى غيض من فيض. إنه لأمر مثير للسخرية أن تلك البلدان المسؤولة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، عن مقتل أكثر من مليون عراقي، تنتقد القاهرة على خلفية توقيفها ثلاثة صحافيين من قناة "الجزيرة"، في حين أنها لا تحرّك ساكناً في موضوع الصحافيين الذين يقبعون في السجون التركية. إنها الدعاية في أسوأ تجلّياتها!

باختصار، الرسالة التي أودّ أن أوجّهها إلى السلطات المصرية هي كالتالي: قوموا بما يلزم! ضعوا ما يُسمّى حقوق الإنسان والحريات المدنية جانباً. المهم هو حقوق 90 مليون شخص يعوّلون عليكم للحفاظ على الأمان في الشوارع، وتحسين الخدمات، وتوفير فرص العمل. عليكم أن تصونوا حقوق المواطنين الشرفاء لا حقوق القتلة الذين يفجّرون البشر ويحرقونهم. لا تعيروا آذاناً صاغية لكلام المنافقين في الخارج الذين لن يتردّدوا في شن حملات قمع شديدة باسم الأمن القومي في حال تعرّضت بلدانهم لهجوم. يحتاج العالم العربي إلى أن تكون #مصر قوية وموحّدة. رجاءً لا تخذلونا!

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم