واجهت دبي شأن كل بقاع العالم نصيبها من المصاعب التي أوجدتها الأزمة الاقتصادية العالمية وهي مصاعب قطعت دبي شوطاً كبيراً على طريق حلها. واليوم، على الرغم من كل تنبؤات الويل والثبور التي يروجها تجار الخوف، لا توجد مدينة أخرى في الخليج وفي المنطقة كلها قادرة على منافسة دبي.

منذ بداية التسعينيات واصلت دبي سعيها لتكون الأفضل وتفخر بقصب السبق الذي أحرزته على الكثير من الأصعدة. كانت دبي أول إمارة في الخليج تملك لوحدها بالكامل خطوطها الجوية وفوراً بدأ الآخرون باللحاق بها. وكانت الأولى التي تؤسس ملاعب غولف عالمية المستوى ومنحدراً للتزلج على الثلج يكمله ثلج يهطل عليها وكانت الأولى التي تبني جزراً صناعية على شكل خريطة العالم. كما كانت الأولى التي تستنسخ جملاً.

قائمة "السبق" أطول من أن نذكرها هنا ولكن إن اعتبرنا أن التقليد هو أخلص أشكال التملق، فيحق لدبي إذاً أن تفخر بالإنجازات الضخمة التي حققتها حتى الآن.

في هذه المدينة يوجد أطول فندق وعلى مبنى وأكبر مركز تسوق وأطول نظام قطار آلي بالكامل في العالم. وقلة من جيران دبي حاولت أن تكرر استراتيجيات دبي التي وضعتها على الخريطة العالمية كما أصبح العالم يعتبرها نموذجاً للدول العربية.

ولا غرابة إذاً أن دبي بالإضافة إلى الكثير من التقدير الذي حصلت عله فقد جذبت أيضاً حسد الآخرين على ما حققته من نهضة رائعة. ولهذا فلم يكن الأمر مستغرباً كثيراً أن رأينا أناساً يتلذذون نوعاً ما بكل ذلك القدر من سهام النقد التي وجهت إلى دبي العام الماضي.

كان هنالك سذج بما يكفي ليقعوا ضحية التنبؤات السخيفة التي أطلقتها أبواق الإعلام ممن قالوا إن مصير دبي هو العودة إلى الرمال فداعبت مخيلاتهم فكرة أن بلدانهم ربما تكون في مكانة مناسبة لترث الريادة على صعيد السياحة والتجارة. يؤسفني أن يخيب فألهم، ولكن هذا لن يحدث.

يكفي لتبيان ذلك أن ما تملكه دبي من بنية أساسية وأنظمة مواصلات وطرقات وأنفاق ومراكز تسوق وأبراج تجارية وسكنية وفنادق أصبحت موجودة على أرض الواقع بالفعل. ودبي وضعت تصاميم هذه البنية الأساسية وبنتها في وقت كان فيه المال وفيراً والتمويل رخيص نسبياً. أما اليوم فإن المصارف تحجم عن الإقراض عقب وصول النظام المصرفي لحافة الانهيار واحتاجت لتنقذها الحكومات.

وقد قال أحد الخبراء الماليين مؤخراً: "لا أرى في المستقبل القريب أي مدينة مؤهلة لأن تأخذ مكانة دبي. دبي بنت بنيتها الأساسية حينما كان التمويل رخيص التكلفة وكانت المصارف مستعدة للإقراض. هناك دول راغبة في البناء وتأمل في أن تتطور، غير أنها لا تجد دعماً من المؤسسات المالية. دبي فريدة لأنها بنت بالفعل، أقصد القطار والمطارات والطرقات ومركز دبي المالي العالمي..."
إن من يريد أن يكرر تجربة دبي يحتاج على أقل تقدير عشرة سنوات ليصل إلى ما هي عليه اليوم غير أن دبي في ذلك الوقت ربما تكون في موقع آخر غير الذي هي عليه الآن، موقع ما يزال بعيداً عن أن يصله الآخرون. هذا إن واصلت دبي استثمار موقعها الاستراتيجي في قلب المنطقة وطورت مكانتها على صعيد سياسة الأبواب المفتوحة والاقتصاد الخالي من الضرائب عملياً وأقل قدر من الروتين والخدمات الكفوءة والفاعلة والبيئة الداعمة للأعمال. ومن الضروري للإمارة أيضاً أن تواصل إبداء الثقة بالنفس وتستمر في خطط التوسع.

ومثلما تضررت دبي من التراجع الاقتصادي العالمي فإنها ستستفيد أيضاً من الانتعاش العالمي. وقد ذكر المعهد الدولي للتمويل هذا الشهر بأن اقتصاد الإمارات على طريق التعافي وينتظر أن يحقق نمواً يبلغ 2 في المئة هذا العام. كما يتوقع أن تعود دبي إلى تحقيق النمو في 2011 ونوه لضرورة النظر إلى صعوبات إعادة هيكلة ديون دبي في سياق الأزمة المالية العالمية.
وفي غضون ذلك، أوشكت الأزمة على بلوغ نهايتها ما لم تحدث صدمة شديدة للأسواق. المصارف أعادت تنظيم نفسها وعادت إلى الاستقرار ووضعت أنظمة مراقبة جديدة موضع التطبيق كما عادت مؤشرات كبريات الأسواق المالية العالمية مثل داو وفاينانشيال تايمز إلى النهوض على الرغم من أنها ما تزال غير مستقرة. وبدأت دول الخليج المصدرة للنفط تستفيد بالفعل من حالة التفاؤل التي عادت للأسواق مع ارتفاع أسعار النفط التي تكاد تتضاعف منذ العام الماضي.

أما في دبي فإن مفتاح الانتعاش الآن هو في أيدي المصارف التي يجب أن تخرج أموالها من محابسها وتعاود الإقراض من جديد. وهذه المصارف تمثل شريان الحياة للشركات الجديدة أو الموجودة التي تريد التوسع. وينبغي على الحكومة أن تطلب من المصارف بكلمات واضحة أن تتوقف عن سياسات التحفظ المتشددة هذه.

وللختام، فإن دبي صاحبة السبق في الكثير من المجالات توفر أيضاً أكثر من ذلك. دبي توفر الحرية الاقتصادية للمستثمرين وباباً مفتوحاً نحو الأسواق العالمية للشركات الصناعية والتجارية العالمية كما توفر إمكانيات متقدمة على صعيد التعليم وقبل كل شيء تقدم أسلوب حياة يحسد عليه كل من يسعده الحظ ليعيش فيها. باختصار، دبي دانة لا يدانيها مكان آخر.


 | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق حبتور | دياموندليس | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2010 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور
الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289