الأحد، 13 أكتوبر 2024

نحو العالمية

بقلم أليس جونسون

تتقن رشا الظنحاني كل عمل تقوم به. عام 2009، افتتحت أول مقهى "باباروتي كافيه" في دبي مول. واليوم تدير 400 فرع للمقهى في سبعة بلدان في مختلف أنحاء المنطقة. تقر رئيسة مجلس إدارة "باباروتي" بأن افتتاح المقهى الأول "كان صعباً بعض الشيء، لأنه حدث خلال الركود... لكنني استفدت من ذلك"، إدراكاً منها أن الأزمة المالية العالمية قد تحول دون دخول العلامات التجارية الأخرى إلى السوق. تضيف: "كان أيضاً تحدّياً أن نرى إذا كان الناس سيحبونه أم لا"، في إشارة إلى كعك "باباروتي"، لأنها كانت علامة تجارية جديدة بالكامل بالنسبة إلى الإمارات العربية المتحدة. ليس هذا وحسب، بل إن الحصول على فرصة افتتاح المقهى في المركز التجاري الأكبر في دبي كان تحدّياً في ذاته - لا سيما بالنسبة إلى مفهوم جديد، كما تقول: "إنها علامة تجارية ذائعة الصيت، ولذلك كان إدخالها دبي مول تحدّياً".

تقول الظنحاني إنه في البداية، لم يكن المستهلكون واثقين من ماهية المنتج: "اعتقدوا أن الكعك شبيه بالخبز العادي - لذلك كان علينا أن نشرح لهم أكثر عنه، وعن مذاقه". كعك "باباروتي" الحلو المذاق مغلَّف بالكراميل، ويُخبَز في الفرن حتى تتكوّن طبقة مقرمشة من الخارج، وتضاف إليه نكهات مختلفة، كما أن وسطه طري ومذاب. تروي عن اختبارات المذاق التي أجروها لدى افتتاح المقهى: "سمعت الجميع يردّدون لدى تذوّقه: ‘إنه لذيذ’. فأدركت أنني اتخذت القرار الصائب".

رأت الظنحاني الكعك لأول مرة في ماليزيا عام 2009، وتوقّعت أن يلقى نجاحاً كبيراً لدى الجمهور الإماراتي. وقد توسّعت العلامة التجارية شيئاً فشيئاً إنما بخطى واثقة ليصل عدد الفروع إلى نحو 60 مقهى في مختلف أنحاء دولة الإمارات. عام 2010، اتخذت الظنحاني القرار بإنشاء سلسلة مقاهٍ، فافتتحت ما لا يقل عن ثلاثة فروع في كل واحد من البلدان الجديدة التي دخلت إليها من خلال "باباروتي". لكنها كانت تواجه مجموعة جديدة من التحديات في كل بلد. تعلّق: "ليس صعباً التوسّع في المنطقة، لكن الصعوبة تكمن في الإجراءات والمعاملات الروتينية. بعض البلدان تطلب أوراقاً وشهادات مختلفة، ولذلك يمكن أن تتطلب هذه الإجراءات وقتاً أطول". تضيف: "لكل بلد قوانينه وتنظيماته الخاصة، وكلما انتقلت إلى منطقة مختلفة، عليك اتباع هذه القوانين والتنظيمات". لاقى الكعك رواجاً في الشرق الأقصى، في بلدان مثل الفيليبين والصين وكوريا وتايلند. للكعكة وصفة موحّدة في مختلف أنحاء العالم، ولم تكن هناك أية حاجة إلى مطابقتها مع الطابع المحلي، وهذه سمة غير معهودة. إلا أنه أُدخِلت إليها بعض النكهات المفضّلة في الإمارات، مثل اللاتيه بالزعفران، والكعكة المغطّاة بالـ"نوتيلا"؛ ويتم تحضير وصفات جديدة في الأعياد والمناسبات مثل رمضان وعيد الفطر.

درست الظنحاني إدارة الأعمال العامة في كلية دبي للطالبات، وتعتبر أنه ينبغي على النساء الإماراتيات المجازفة والسعي إلى العمل في مجالات منوّعة: "يجب البحث عن العلامة التجارية المناسبة. يخوض عدد كبير من النساء الإماراتيات مجال الموضة أو صالونات التجميل والمنتجعات. يجب أن يبتعدن عن هذه المجالات ويخضن ميادين غير معهودة". تضيف أن أفضل الخبرات تُكتسَب من العمل على الأرض: "يقول بعض الأشخاص، ‘أنت امرأة، فكيف يمكنك العمل في هذا المجال؟’ لكنني أجيب دائماً أنه يمكن التعلم عن أي مجالٍ من خلال الخبرة الميدانية - بإمكان المرأة أن تنجح، لكن ما ينقصها هو الإبداع. من المهم القيام بشيء جديد أو إدخال علامة تجارية جديدة [إلى السوق]".

لكن المسألة لا تقتصر على إيجاد الفكرة على الرغم من أهميتها. فمن الضروري إجراء أبحاث عن السوق. تقول الظنحاني: "تخطر لبعض الأشخاص فكرة رائعة، لكنهم يفشلون في منتصف الطريق، لأنهم لم يدرسوا جيداً المنتج أو العلامة التجارية". وهذا ليس كل شيء، فاختيار المكان أساسي جداً في تأسيس عمل وتحقيق النجاح: "إنها النقطة الأهم في الأعمال".

وقد لفت نجاحها انتباه المعنيين في الدولة الإمارات. فقد فازت الظنحاني بجائزة "أفضل رائدة أعمال" في حفل توزيع "جوائز المرأة العربية" لعام 2013 في دولة الإمارات، فضلاً عن جائزتَين للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في دبي تسلّمتهما من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. وقد نالت الجائزة الأولى عن إدارتها لشركة صغيرة أو متوسطة الحجم، في حين أن الجائزة الثانية كانت جائزة "أفضل سيدة أعمال لعام 2012". وقد منحتها هذه الجوائز حافزاً، وشجّعتها على المضي قدماً وتحقيق المزيد. تقول: "كلما ربحت جائزة، تشعر بأنك تبلي جيداً، وبأنك تنجح. ثم تشعر بأنه عليك أن تحقق مزيداً من النجاح وتفوز بجوائز إضافية"

لكن إدارة هذا العدد لكبير من فروع "باباروتي كافيه" في الإمارات والمنطقة، لم يمنع سيدة الأعمال الإماراتية من إطلاق مشاريع أخرى. فقد أنشأت شركة BrandNoise للتسويق التي تمثّل الآن عدداً من العلامات التجارية العالمية في الإمارات - من خلال خدمات الإعلان والتصميم وبناء العلامة التجارية، والخدمات الرقمية والعلاقات العامة - كما أنها تتولّى التسويق لمقاهي "باباروتي". وتدير الظنحاني أيضاً مؤسسة الرشا للاستثمار التي تجمع تحت مظلتها مختلف أعمالها وشركاتها الأخرى.

وعلى غرار رواد الأعمال الحقيقيين، الظنحاني في بحث دائم عن علامات تجارية وفرص جديدة: "أبحث دائماً عن علامات تجارية ومفاهيم جديدة. أحب الانخراط في أنواع مختلفة من الأعمال. نحاول التوسع نحو مجالات مختلفة - منها قطاع المأكولات والمشروبات".

إذاً هل من نصيحة تسديها سيدة الأعمال الناجحة إلى رائدات الأعمال الأخريات في دولة الإمارات؟ تقول: "الالتقاء معاً بداية، والاستمرار معاً تقدّم، والعمل معاً نجاح".

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم