ليست منى عيسى القرق بحاجة إلى تعريف، فهي عضو لجنة التحكيم في البرنامج التلفزيوني الإماراتي "المبادِر" (The Entrepreneur)، كما أنها رئيسة مجلس إدارة منظمة القيادات العربية الشابة، ومديرة قسم التجزئة في شركتها العائلية التي أصبحت اسماً ذائع الصيت. أليس جونسون أجرت مقابلة مع سيدة الأعمال المعروفة...
منى عيسى القرق سيدة إماراتية رائدة تلقي باستمرار محاضرات ومداخلات عن المسؤولية الاجتماعية للشركات، والمرأة ، والقيادة، وتطوير الشباب في الإمارات، كما أنها عضو في مجلس إدارة العديد من المنظمات غير الربحية.
تعتبر خرّيجة إدارة الأعمال أن مجال ريادة الأعمال ينمو في الإمارات، فهي تقول في هذا الإطار "بصراحة، نحن الآن في المرحلة الأولى... هناك أفكار مميّزة جداً، [لكن]... علينا أن نقطع مراحل كثيرة قبل أن تكتسب ريادة الأعمال مستوى عالمياً".
وأضافت للشندغة "ألمس الكثير من الطموح لدى عدد كبير من الشباب الإماراتيين. وأرى بعض القصص الناجحة التي تحوّلت نماذج تحتذى، وشركات جديدة ناجحة باتت قدوة للآخرين".
تنمية المواهب
دعا برنامج "المبادر" (The Entrepreneur) في دورته الأولى الذي أطلقته شركة دو في وقت سابق من هذا العام، روّاد الأعمال المبتدئين من مختلف أنحاء الإمارات إلى عرض أفكارهم أمام لجنة تحكيم مؤلّفة من قادة بارزين في مجال الأعمال. وقد نال الفائز الذي نجح في إقناع الخبراء بفكرته، استثماراً بقيمة مليون درهم إماراتي (272000 دولار أمريكي).
تقول منى القرق "كان هذا البرنامج الذي أطلقته دبي فكرة إيجابية جداً... إنهم يحاولون صقل المواهب الشابة. وقد شاركت في البرنامج لهذه الأسباب بالتحديد. أشعر بأن هناك الكثير من الأفكار، لكن يجب توفير منصّة لها كي تنمو وتتطوّر. لا يكفي فقط أن يكون هناك رأسماليون يستثمرون أموالهم".
وختمت قائلة "لا يقتصر الأمر على الدعم المالي فقط، فهناك التوجيه وأمور من هذا القبيل. ولذلك كان البرنامج بداية جيدة لتشجيع مزيد من الأفكار الريادية على التطور والنمو".
تحدّيات الشركات الصغيرة والمتوسطة
إحدى المشاكل الأساسية التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الجديدة في الإمارات ومختلف أنحاء العالم، هي عدم القدرة على الوصول إلى القروض الخاصة بالأعمال التجارية وصناديق رأس المال. لكن منى تواصل أن التمويل ليس بالضرورة الجانب الأكثر أهمية: "بصراحة، يكتسب التوجيه أهمية شديدة؛ رواد الأعمال يملكون فكرة، وقد يتمكّنون من الحصول على القليل من الدعم المالي... لكنني أعتقد أن إيجاد شخص يقدّم لهم النصح والإرشادات ويستفيدون من خبرته، يمكن أن يحدث فارقاً كبيراً في مسيرتهم المهنية".
عُرِض برنامج "المبادر" على قناة دبي الأولى، وقدّم أيضاً للفائز دعماً وخدمات مهنية تفوق قيمتها 500000 د.أ. (136000 دولار)، بما في ذلك مكتب، وعلاقات عامة، واستشارات، وسواها من خدمات الدعم.
تلمس منى القرق، بصفتها رئيسة مجلس إدارة منظمة القيادات العربية الشابة، بريق العبقرية والريادة في الأعمال لدى أعضاء المنظمة وتعمل على تمكينهم من خلال حصولهم على التعليم المناسب، فضلاً عن تعزيز ثقافة ريادة الأعمال. ومن أبرز اهتمامات المنظمة النظر إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة ومعالجة مشاكل التوظيف.
تقول القرق "البطالة مشكلة كبيرة في العالم العربي... وهكذا نركّز في الإمارات على ريادة الأعمال والتعليم من أجل إحداث تغيير كبير في مجال التوظيف. لقد انخرطنا في العديد من البرامج التوجيهية... من المهم بثّ أفكار لدى الشباب".
الروابط العائلية
صحيح أن منى كانت تعي منذ البداية أنها ستتسلّم ذات يوم دوراً في الشركة العائلية الناجحة، لكن خبرتها الأولى اكتسبتها من العمل في مجال التسويق والإعلانات في شركة "ساتشي أند ساتشي". تروي "في تلك المرحلة من حياتي، أردت أن أفعل كل شيء بمفردي. أذكر أنني ذهبت إلى هناك ولم أرد المساعدة من أحد. حاولت الحصول على فترة تدريبية في وكالة إعلانات جيدة، وانقضت ستّة أشهر من دون أن أتلقّى أي جواب لأنه لم تكن لديّ خبرة".
على الرغم من جدول مواعيدها الحافل بالانشغالات، لا تزال منى تجد الوقت للأعمال الخيرية والإنسانية، بما في ذلك من خلال عضويتها في مجلس إدارة مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية التي بنت مؤخراً مدرسة تستوعب 300 طفل محروم في زنجبار، وقد زارتها منى شخصياً.
تقول "إذا كان لديك شغف حقيقي في مجال المنظمات غير الربحية مثلاً، فعليك أن تمارسه".
شغلت منى مقعداً في مسرح دبي الاجتماعي ومركز الفنون لمدّة سبع سنوات، وقد وجدت متعة كبيرة في المساعدة على نقل المشاريع من مرحلة الفكرة على الورق إلى التنفيذ. لكنها لم تنم على أمجادها، وهي الآن عضو في مجلس إدارة منظمةHub Dubai التي تشجّع الأفكار الاجتماعية الريادية وتقول عنها إنها "الوجهة المناسبة للمستثمرين أو لمن يسعون إلى الاستثمار في مشروع" .
وتستمتع منى في شكل خاص بمشاطرة معارفها وخبراتها في العمل الخيري الذي تقوم به، وهكذا تدعم بعض المؤسّسات من خلال مساعدتها مادّياً أو تكريس وقت لها، أو الأمرين معاً.
لا شك في أن سيدة الإعمال الإماراتية هي قدوة لجميع النساء في الإمارات. وهي تلفت إلى أن المرأة الإماراتية طوّرت حياتها العملية ومكانتها الاجتماعية في الأعوام الأخيرة.
قوة صاعدة
تقول منى القرق "حدث مؤخراً تغيير كبير في عمل المرأة في السياسة. لقد انخرط عدد كبير من النساء في السلك الدبلوماسي. وأصبحت لدينا نساء سفيرات، وسُجِّلت زيادة في نسبة النساء في المجلس الوطني الاتحادي. أتوقّع أن تنضم مزيد من النساء إلى القطاع الدبلوماسي في المستقبل".
وتتابع بحماسة "وأرى أيضاً أن أعداد النساء تتزايد في مجال الرياضة، وهذه نقطة اختلاف عن الماضي. في السبعينات، كانت المرأة تنخرط في شكل أساسي في مجال التعليم. وكانت هناك أسباب اجتماعية لذلك ، ففي قطاع التعليم... لا تختلط المرأة بالرجال، لكن الأمور تتغيّر الآن. فعلى سبيل المثال، دخلت المرأة مجال سباق السيارات".
تقصد منى النادي الرياضي من وقت لآخر للحفاظ على صحّتها ولياقتها البدنية؛ ومع أنها ليست لديها أي نية في الوقت الحاضر بالمشاركة في سباق السيارات، إلا أن نصيحتها للمرأة الإماراتية هي التالية "ركّزي على الهدف الذي تصبين إليه".
تقول "أحياناً تتعرّضين للسخرية بسبب أفكارك أو إذا رغبت في القيام بأمر مختلف... لا تصغي إلى الضجيج وركّزي على الهدف الذي تصبين إليه وما تريدين إنجازه. إذا لم تتمكّني من إرساء توازن بين الأمور، عليك أن تنكفئي قليلاً وتركّزي على الأسباب التي تدفعك إلى القيام بما تقومين به".
وتختم بالقول "كوني متفانية في كل ما تفعلينه، وقومي بما تحبّينه وتستمتعين به، لأنك سوف تتفوقين في كل ما تفعلينه. أما إذا لم تستمتعي بما تفعلينه، فتأكّدي من أنك لست في المجال المناسب لك".