Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور ابــن سينــــا كلمة رئيس مجلس الإدارة

الصفحـــة الـرئيسيــة

كلمــة رئيس مجـلس الإدارة

   دبــي 2003 على الأبــــواب

خـــــريطـــــة الــطــــــريـــــــق

متروبوليتان سيتي سنتر بيروت

قبــائــل الجــزائــر الغـامضــة

امراة متميزة ـ زبيدة بنت جعفر

الشيشة ... تلك العادة المعطرة

ابن سينا ... أمير الطب و شيخ الفلسفة

حصــــــــــون الإمـــــــــــارات

السلوقي , كلب الصحراْء العربية

بداية جديدة لسنوكر الإمارات

مجمع سينمات متروبلكس يعود بحلة جديدة

الحبتور الهندسية تساهم في بناء المستقبل

أخـبـــــــــــار الحــبــتـــــــــور

مـــــــــــــــن نحــــــــــــــــــــن

الأعـــداد المـاضيـــة

اتصلـــــوا بنـــــا

 

كان لي الحظ بالتعرف عن كثب على كلب صحراوي عربي من نوع السلوقي، وإن كان ذلك لوقت قصير. رأيته آتياً إلى حديقة منزلي من الصحراء وحبل مقطوع معضوض ما زال يلتف حول عنقه. كان هزيلاً بشكل غير عادي، حتى بالقياس للنوع النحيف الذي ينحدر منه. وأنا واثقة الآن أن طبعه اللطيف هو الذي أتاح له أن يحظى بالقبول لدى كلبيَّ الآخرين دون أدنى احتجاج. بل لعله من الملاحظ بأن هذا الطبع اللطيف كان وراء تقبل قطي الهرم له أيضاً رغم كراهيته المعتادة للمتطفلين. أما أنا، فعلى الرغم من احترامي لهذا الكلب منذ اللحظة الأولى، إلا أنني كنت بحاجة إلى مزيد من الوقت كي أعتاده وأتقرب منه. فلقد منحني الشعور لأول وهلة بأنه انعزالي، قبل أن أعلم بأن هذه إحدى خصائص ذلك النوع من الكلاب. وللحق، فإن "أدريان"، وهذا هو الاسم الذي أطلقته عليه، كان يمثل أنموذجاً أصلياً لفصيلته.

كان "أدريان"، بصدره العميق الضيق، يرتفع نصف متر عن الأرض على سيقانه الضامرة. رقبته مديدة ً ورأسه طويل وغير عريض. وعندما قدم إلينا من الصحراء كان ذيله أشبه بالحبل، ولكن الطعام الجيد والعناية المكثفة جعلا ذيله يكتسي بخصلة من شعر طويل في طرفه. وجعلا ساقيه تكتسيان بالوبر، والشعر الطويل على أذنيه يمتد أكثر كي يبدو وكأنه يعتمر غطاء رأس. وكان أول ما أثار إعجابي به في البداية ذاك النبل واللطف في تعابيره. أما عيناه فكانتا واسعتين بيضاويتين لونهما عسلي.

والسلوقي الصحراوي هو أقدم الكلاب التي دجّنها الإنسان. رافق الإنسان منذ حوالي 7000 سنة. والصورة الأقدم التي عثرنا له عليها وجدناها على لوحة طينية في "وادي حلفا" في شمال العراق، ويعود رسمها إلى الفترة بين 5300 – 4300 ق.م.

وقد ظهرت صور أخرى للسلوقي على رسومات القبور في مصر القديمة، وعلى المباني السومرية وعلى الهياكل الآشورية. أما الأحافير فكان أولها العثور على جمجمة في موقع للآثار بجانب الموصل في العراق يعود تاريخها إلى الفترة بين 4400-3800 ق.م.. ولقد تم العثور على عدد من الكلاب السلوقية في قبر في "رككمارا"(راس شمرا؟ 144 ق.م.)، وهناك رسم آخر لهذا الكلب وجد على لوح في قبر الفرعون "أنتيفي الثاني" في مصر، فلقد كان هذا الكلب عند الفراعنة يحنط ويدفن مع صاحبه. وبالإجمال، تم العثور على آثار هذه الكلاب في مساحة تغطي إيران والعراق وتركيا والجزيرة العربية ومصر وشمال أفريقيا.

إن تشريعات الطهارة في الإسلام لا تشمل السلوقي. فهو لا يعتبر ضمن فصيلة الكلاب، ولقد استثناه الحديث من ذلك.

يعتبر البدوي السلوقي هدية من الله عز وجل.ولذا فإنه لا يبيع كلبه أبداً، ولكنه قد يهبه هدية فريدة ثمينة. وتربط السلوقي بصاحبه علاقة مميزة خاصة، قد تجعل الكلب يذوب ضعفاً وهزالاً لو أبعد عن صاحبه.

والسلوقي ليس رفيقاً مخلصاً فحسب، ولكنه حيوان متعدد المواهب والفوائد أيضاً. فباستطاعته اصطياد الغزلان والأرانب البرية والثعالب وأبناء آوى وبعض أنواع الحمير المتوحشة.

ويميز البدوي السلوقي النجيب بعدة صفات وخصائص؛ فعلى أنفه أن يمتاز بالسواد أو أن يكون بنياً داكناً، أي أن الأنف المبقع ليس علامة جيدة. وأسنان السلوقي يجب أن تكون "ضاحكة" تنم عن فك قوي. وهناك بقع تشير إلى تميز الكلب ونجابته، منها بقعة من شعر أبيض في وسط مقدمة الرأس تدعى "قبلة الله"، وأخرى مشابهة في جوانب الرقبة يدعونها "بصمة الله".

البياض في طرف الذيل يعني بأن الكلب صياد ماهر. أما البياض الممتد على الرقبة فإنه يعني بأنه سريع العدو. وعلى الأذنين اللينتين أن تبلغا زاوية الفم. أما الوبر بين أصابع القدمين ولبد القدم فإنه يقيه حرارة الرمل الساخن، وأحياناً، تتم معالجة قدم السلوقي بالحناء التي تزوده بمناعة أكبر ضد الحر. أما الصفة المسلية في السلوقي فهي الرائحة العطرة التي تنبعث منه، وذلك لوجود غدة في مؤخرة رأسه تنتجها. وهذه الصفة تشكل سبباً آخر لإعزاز البدوي لهذا الحيوان.

وخصر الكلب يجب أن يكون من الضمور بحيث تستطيع أن تطوقه بكلتي يديك. وذنبه، المريش في الأسفل، يجب أن يكون منثنياً إلا في حال المطاردة.

مشية السلوقي هي ما نسميه "القفزة الازدواجية المعتقلة أو المعلقة" وهي تعني بأن الأقدام الأربعة تعلو الأرض في حالتي الشد والإرخاء. ويستطيع السلوقي أن يحافظ على سرعة 35 – 45 ميلاً في الساعة على مدى خمسة أميال.

وعندما يهرول السلوقي فإنه يتبختر كأنه يعوم. إنها حركة جميلة جداً دون عناء. وحركة "قفزة الجاسوس" مثيرة جداً، فهي قفزة عمودية تصل إلى 7 أقدام، يقوم بها الكلب وقت المطاردة بحيث يتسنى له رصد وجهة طريدته. إنها إحدى خصائص الصيد المميزة.

هناك آراء متعددة بشأن علاقة السلوقي بأجداده القدماء. ولعل أكثر هذه الآراء وجاهة هو ذاك الرأي الذي يربط السلوقي بكلب الصيد من نوع "الكيب". فهذان الكلبان يشتركان في عادة "بدائية" تقوم بموجبها الإناث بمضغ الطعام ثم إلقامه للجراء.

لقد أصبح السلوقي سلالة كلاب مفضلة عند شعوب أخرى غير البدو. وهو كلب يصعب الاحتفاظ به في البيت، لأنه بحاجة لكمية هائلة من التمارين، ويضجر بسرعة لو انقطع عنها.

إن الكلاب السلوقية ذكية، ولقد رصدت وهي تفكر بمشكلات وتأتي لها بالحلول. وكان لي أن أراقب مرة "أدريان" في الحقل وهو يطارد أرنباً بريا. حتى ذلك الوقت كنت أحسب بأن الأرنب البري قادر على النجاة بنفسه مهما كان، لأنه قادر على العدو بأسرع من الكلب لو كانت لدية فسحة من الوقت. ولكني في يوم من الأيام، كنت أجلس في موقع عال في سيارتي ذات الدفع الرباعي عندما شعر "أدريان" بأرنب بري قريب منا. قام "أدريان" متبختراً خلف الأرنب بقفزات طويلة هادئة ثم باغت الحيوان الصغير على حين غرة بسهولة ويسر، ولكنه لم يمسك به بل تجاوزه ببعض القفزات القليلة، كي يعود إليه ويجفله بحيث أجبره على قفزة جانبية غيرت طريقه كلياً. عندها تبعه "أدريان" واستمر في مواصلة المطاردة  المسلية بالنسبة له (إلا إذا حسب الأرنب شيئاً آخر). لقد رأيت "أدريان" يعيد نفس الحركة مرتين بعد ذلك، قبل أن يترك الأرنب البري ينجو بجلده، "فأدريان" يعي جيداً بأن هذا الأرنب لن يشكل طعامه ولا طعامي.

هناك مركز لاستيلاد الكلاب السلوقية في الإمارات العربية المتحدة يقع في ساحات مستشفى الصقور التابعة لوكالة أبحاث التطوير البيئي للحياة البرية بجانب مطار أبو ظبي. وقد أسس هذا المركز ويديره السيد "حمد الغانم"، أحد المتحمسين للكلاب السلوقية، والمركز يستولد الكلاب السلوقية الصحراوية الصريحة ويدربها على الصيد.

ويجدر بالذكر أنه ليس لكل الكلاب السلوقية أرجل وأذناب وآذان مريشّة، فهناك سلالة معدلة، والمركز يحترم كلتا السلالتين. وليس من السهل أن يتم ترويض هذه الكلاب، فهي تتبع طبائعها كثيراً. كما أن إخلاصها لا يرتبط بالطاعة العمياء. ولكنها، في المركز، تدرب على أن تمسك بالأرنب البري دون أن تقتله، وهذا يمثل إنجازاًَ مسلياً لحيوان مفترس.

هناك الكثير من نوادي الكلاب السلوقية في أوروبا وأمريكا، حيث يتم تدريب هذه الكلاب على الجري وعلى القبول بالحياة المنزلية.

إن من أتيح لهم مثلي التعرف على السلوقي عن كثب، سوف يقعون في حب هذه السلالة من الكلاب. ولقد سمعت السيد "حمد" يصف كلبه المفضل، وكان هو الوصف بعينه للذي أود أن أعطيه لكلبي "أدريان"، قال: جميل، بهيج، حساس، مخلص، يحمي، ذكي، أنيق، مرح ونبيل.

في القرن العاشر الميلادي، قال أبو نواس:

أنعت كلباً أهله من كدّه

قد سعدت جدودهم بجدّه

وكل خير عندهم من عنده

يظل مولاه له كعبده

يبيت أدنى صاحب من مهده

وإن عري جلله ببرده ....

يا لك من كلب نسيج وحده

أوافق الشاعر على كل كلمة !

انتهت علاقتي الخاصة "بأدريان" بعد 18 شهرا. فلقد كان يعدو في الصحراء عندما أطلق عليه أحدهم النار، وكنت في غاية الأسى عندما رأيت ما تبقى منه.

يرقد "أدريان" اليوم في موقع خاص بجانب الكثبان التي أحبها، تاركاً لي أثمن ذكرياتي وأجملها خلال إقامتي في الجزيرة العربية.

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289