Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور ابــن سينــــا كلمة رئيس مجلس الإدارة

الصفحـــة الـرئيسيــة

كلمــة رئيس مجـلس الإدارة

   دبــي 2003 على الأبــــواب

خـــــريطـــــة الــطــــــريـــــــق

متروبوليتان سيتي سنتر بيروت

قبــائــل الجــزائــر الغـامضــة

امراة متميزة ـ زبيدة بنت جعفر

الشيشة ... تلك العادة المعطرة

ابن سينا ... أمير الطب و شيخ الفلسفة

حصــــــــــون الإمـــــــــــارات

السلوقي , كلب الصحراْء العربية

بداية جديدة لسنوكر الإمارات

مجمع سينمات متروبلكس يعود بحلة جديدة

الحبتور الهندسية تساهم في بناء المستقبل

أخـبـــــــــــار الحــبــتـــــــــور

مـــــــــــــــن نحــــــــــــــــــــن

الأعـــداد المـاضيـــة

اتصلـــــوا بنـــــا

 

دأب المؤرخون على القول بأن ظهور المسيحية وضع حداً لتطور العلوم. وسواء كان ذلك صحيحاً أم لا, فإن الفضول العلمي عند الإغريق, ربما جرى اعتباره تهديداً للدين الناشئ حينها. وبغض النظر عما إذا كان ذلك محض صدفة أم لا, فقد تزامن انتشار المسيحية في أوروبا مع تراجع العلوم وبقائها محكومة بالجمود طوال ألف عام تقريباً.

لكن خلال حقبة الركود العلمي هذه في أوروبا, كانت الدولة الإسلامية الواسعة تحتضن العلوم وساهم علماؤها إلى حد كبير في تقدم العالم.

وأحد العلوم التي برع فيها العلماء العرب كان علم الأحياء, الذي بقي منذ القرن الثالث إلى القرن الحادي عشر علماً عربياً بشكل أساسي. كما كانت الكيمياء أيضاً علماً تبوأ العرب مكانة الريادة فيه. وفي الحقيقة فإن معظم علماء الكيمياء حينها إنما كانوا خيميائيين شغلوا أنفسهم بالسعي وراء حجر الفلاسفة, الذي افترضوا أنه قادر على تحويل المعادن الرخيصة إلى الذهب.

 

طبعاً لم يكتشف أحد منهم حجر الفلاسفة. غير أن الجهود التي بذلوها في السعي وراءه لم تذهب عبثاً. فالكثير من المواد الكيميائية تمت تسميتها وتحديد مواصفاتها, وبعضها تبين أن له قيمة طبية. والكثير من العقاقير المستخدمة اليوم كان قد اكتشفها العرب, مثلما اكتشفوا عمليتي التقطير والتصعيد.

ومن أهم العلماء العرب الذين ساهموا في التقدم العلمي أبو علي الحسين بن عبد الله ابن سينا, الذي أصبح واحداً من أكثر الفلاسفة تأثيراً, ليس في بلاد الإسلام فحسب، بل على المستوى العالمي كله.

ولد ابن سينا عام 980 في بخارى بإيران وتلقى تعليمه في سنوات تشكله الأولى على يد أبيه. كان والده أحد مشايخ الطائفة الإسماعيلية, وهي طائفة من المسلمين ترتكز أفكارها على نمط من الأفلاطونية الجديدة. ورغم أن ابن سينا لم يتبع أبداً معتقدات والده, إلا أنه استفاد جداً من حقيقة أن الكثير من العارفين حينها كانوا يجتمعون في البيت عند أبيه للحديث والمناظرة. ولما أصبح في عمر عشر سنوات, كان ابن سينا قد أصبح حافظاً للقرآن مثلما حفظ الكثير من القصائد العربية وغيرها من الأعمال الأدبية.

وسرعان ما أخذت هذه الاندفاعة المبكرة للمعرفة ابن سينا إلى أساتذة المنطق والغيبيات البارزين. وحين بلغ الثامنة عشرة من العمر أحس أنه لم يعد بحاجة لمعلميه هؤلاء فمضى يواصل دراسته بنفسه. وهكذا حصَّل معرفة معمقة في علوم الطب والشريعة والغيبيات.

ومما كان له أبلغ الأثر في تطوره الفكري تمكنه من الإطلاع على موجودات المكتبة الغنية في قصر السمنديين, وهم أول عائلة حاكمة كبيرة من أصول محلية ظهرت في فارس بعد الفتح العربي لها. وقد سمح لابن سينا بدخول تلك المكتبة العظيمة بعد نجاحه في علاج الأمير نوح بن منصور السمندي من مرض عجز كل أطباء عصره المشهورين عن علاجه.

في أول العشرينيات من عمره, أصبح ابن سينا الشاب طبيباً ذائع الصيت ويحظى باحترام بالغ. كما حظي أيضاً بوظيفة إدارية، وسرعان ما وضع أول كتبه. غير أن حياة الطبيب الشاب كانت على وشك أن تنقلب رأساً على عقب فجأة. فقد توفي أبوه وهزمت عائلة السمنديين ليبدأ حياة من الترحال والاضطراب صبغت ما تبقى له من عمر باستثناء بضع فترات استثنائية من الهدوء.

لقد أراد الله أن يعيش ابن سينا في أكثر الحقب اضطراباً في تاريخ فارس. غير أنه بموهبته الاستثنائية, استطاع أن يواصل حياته العلمية دون أن يؤثر عليها ما أحاط به من اضطرابات.

بعد فترة من الترحال في وسط فارس وعجزه عن الحصول على ما يكفيه من رعاية وطمأنينة لمواصلة دراساته, رحل إلى همذان في غرب وسط فارس حيث الحاكم شمس الدولة. وهناك عالج الحاكم من مرض القولون وأصبح طبيب البلاط ووزيراً. لكنه أثناء وجوده في البلاط, أدى تمرد قام به الجند ضده إلى طرده من الوزارة وسجنه, إلا أن معاودة ألم القولون لشمس الدولة, جعلته يطلق سراحه ويستعيده إلى البلاط مع اعتذار ووزارة جديدة.

 

كانت حياة ابن سينا العلمية في هذه الفترة شديدة النشاط. إذ كان يقضي نهاراته في القيام بوظائفه كطبيب ووزير, ومعظم لياليه في إلقاء المحاضرات وتدوين ملاحظاته لتأليف كتبه. واعتاد طلاب العلم على الاجتماع في بيته وقراءة أجزاء من كتابه الشهير "القانون في الطب" الذي كان قد بدأ في وضعه.

و"القانون في الطب" لا يزال حتى اليوم الكتاب الأكثر شهرة في تاريخ الطب في الشرق والغرب. وهو دراسة تحيط إحاطة شاملة ومنهجية بإنجازات الأطباء الإغريق إضافة لكامل المعارف الطبية المتوفرة في المصادر الإسلامية.

والكتاب ينقسم إلى خمسة مجلدات. الأول يشمل عرضاً عاماً لجسم الإنسان والأمراض والصحة والعلاجات العامة والأدوية. ويغطي المجلد الثاني طب الأعشاب وجزءاً عن التجارب العلمية الطبية. أما المجلد الثالث فمكرس كله لموضوع علم الأمراض الخاص. ويختص المجلد الرابع بتقديم دراسته الشهيرة عن الحُمِّيات ودراسة عن العلامات والأعراض والتشخيص والتكهن بتطور المرض والجراحات الصغرى والجروح والكسور واللدغات إضافة لفصل عن السموم. أما المجلد الخامس والأخير فهو موسوعة صيدلانية تضم أوصاف حوالي 760 مستحضر طبي.

وإلى جانب جمع الكتاب لكل المعارف الطبية المتوفرة حتى زمن تأليفه, فهو غني أيضاً بالاكتشافات التي توصل إليها المؤلف. وتتضمن قائمات الإسهامات المهمة التي قدمها ابن سينا لعلم الطب، اكتشافات من مثل التعرف على الطبيعة السمية للسل الرئوي والسل الدرني وانتشار الأمراض بواسطة الماء والتربة والعلاقة الضمنية بين الحالة النفسية والصحة البدنية. وقد أصبح "القانون في الطب", وهو أول عمل يَصِف التهاب السحايا ويحدث تطورات كبيرة في علم التشريح وطب النساء وصحة الطفل, عملاً كلاسيكياًَ شهيراً يدرس في الكثير من المدارس الطبية حتى وقت متأخر قريباً من عام 1650.

في عام 1022 توفي شمس الدولة ليجد ابن سينا نفسه وسط محيط غير مريح. وتسبب موت راعيه في مرحلة من المصاعب بلغت ذروتها بسجنه. ولحسن حظه, استطاع ابن سينا أن يهرب إلى أصفهان, 250 ميلاً جنوب طهران, مصحوباً برهط صغير من أعوانه وقرر أن يستقر فيها. وفعلاً قضى في أصفهان 14 عاماً في طمأنينة نسبية. وفيها أنهى كتابه ""القانون في الطب" كما أنهى أيضاً كتابه الشهير الآخر "كتاب الشفاء".

ربما يكون "كتاب الشفاء" هو أضخم عمل من نوعه وضعه كاتب واحد حشد فيه قدراً هائلاً من المعارف والخبرة الطبية. وقد قسم ابن سينا الفلسفة, التي قال إنها تمثل الاسم العام للمعرفة كلها, إلى قسمين اثنين رئيسين. الأول هو الفلسفة التأملية والثاني هو الفلسفة التجريبية. الفلسفة التأملية بدورها قسمها إلى أربعة فروع صنفها بطريقة مثيرة للاهتمام. وهذه الفروع هي الفيزياء, العلم الأدنى والرياضيات, العلم الأوسط, والغيبيات والدين وهما العلم الأعلى. أما الفلسفة التجريبية فقسمها إلى علوم الأخلاق والاقتصاد والسياسة. وهذه التقسيمات تكتسب أهمية جوهرية بالنظر لتأثيرها على ترتيب العلوم في المدارس حيث سبقت فلسفة ابن سينا زمنياً التعرف على أعمال أرسطو.

"كتاب الشفاء" هو أهم أعمال ابن سينا حين يتعلق الأمر بالرياضيات باعتبار أن أحد أجزاء الكتاب الأربعة مكرس كلياً لهذا العلم. ويقسم ابن سينا الرياضيات إلى علوم فرعية هي الهندسة والفلك والحساب والموسيقى والتي يعود ليصنف كلاً منها إلى فروع أخرى. فالرياضيات تنقسم عنده إلى الحساب الجغرافي والإحصاء والحركة والموائع والبصريات. أما الفلك فيقسمه إلى جداول فلكية وجغرافية والتقويم. ويجمع الحساب علوم الجبر والجمع والطرح الهنديين. أخيراً, يرى ابن سينا أن الموسيقى كل متكامل مكون من فروع مختلف الآلات الموسيقية.

خلال الحملات العسكرية كان المنتظر دوماً من ابن سينا أن يخرج برفقة راعيه, لكنه مع ذلك ظل يتابع كتاباته. وفي إحدى هذه الحملات عام 1037 تدهورت صحة ابن سينا. ورغم كل محاولاته لتطبيب نفسه, لم يتمكن من منع تطور مرضه ليلقى وجه ربه بعد فترة قصيرة.

وضع ابن سينا حوالي 450 مؤلفاً, لم يصلنا منها سوى 240 تقريباً. ومن بين أعماله المتوفرة لنا اليوم, هناك 150 في الفلسفة و40 في الطب وهما الميدانان العلميان اللذان قدم فيهما أكبر إنجازاته. كما وضع أعمالاً في علم النفس والجيولوجيا والرياضيات والفلك والمنطق.

وقد كتب كل مؤلفاته باللغة العربية باستثناء كتابين اثنين وضعهما بالفارسية وهي لغته الأم. أحد هذين الكتابين هو بعنوان "موسوعة العلوم الفلسفية" والثاني هو دراسة عن النبض أصبح ذائع الشهرة لاحقاً.

في القرن الثاني عشر الميلادي ترجم "كتاب الشفاء" جزئياً إلى اللغة اللاتينية. كما ظهر "القانون في الطب" كاملاً في أوروبا قريباً من ذلك الوقت. وهذه الترجمات نشرت أفكار ابن سينا إلى أقاصي الأرض. وأصبح "القانون في الطب" المرجع الذي لا يدانى في العلوم الطبية لعدة قرون, وهو ما أعطى ابن سينا شرفاً لم يحظ به سوى الطبيبين الإغريقيين القديمين أبوقراط وجالينوس. وبلغت شهرة الكتاب حداً جعل مؤلفه يعرف بلقب "أمير الأطباء" في الغرب.

كما أن ابن سينا الذي عرف بالشيخ الرئيس, وهو لقب أطلقه عليه تلامذته, قدم إسهامات طيبة في تقدم علم الفلك.

فقد قام بدراسات فلكية حينما كان في أصفهان ولاحقاً في همذان. وأثمرت هذه الدراسات عدداً من الاستدلالات التي ثبتت صحتها بعد قرون. وعلى سبيل المثال استطاع رصد كوكب الزهرة كبقعة على سطح الشمس واستنتج محقاً أن الزهرة لابد وأن يكون أقرب للأرض مما هو للشمس. كما ابتكر أيضاً جهازاً لرصد إحداثيات النجوم.

أما في الفيزياء فتشمل إنجازاته دراسة للأشكال المتباينة للطاقة من حرارة وضوء وطاقة ميكانيكية إضافة لمفاهيم فيزيائية مثل القوة والفراغ واللاتناهي. وتوصل ابن سينا لاكتشافه المهم القائل بأن إنتاج الضوء إذا كان ناجماً عن إطلاق شكل ما من الجزئيات الصغيرة من قبل المصدر المضيء, فلابد أن تكون سرعة الضوء متناهية. كما أشار إلى وجود علاقة ضمنية بين الزمن والحركة وقام بدراسات على الجاذبية المحددة واستخدم مقياس حرارة هوائياً.

ولابن سينا إسهاماته في الموسيقى، ويقال إنه كاتب رباعيات شعرية فارسية وقصائد قصيرة, منها:

       "من وسط الأرض نهضت للسماء السابعة

        وتربعت على عرش زحل

        حللت عقداً كثيرة في الطريق

        إلا العقدة الكبرى: قَدَر البشر"

وكانت دراسة ابن سينا عن الخامات المعدنية واحدة من أهم المصادر الجيولوجية في الموسوعات المسيحية في القرن الثالث عشر.

وتبقى إنجازات ابن سينا الأكبر هي في ميدان الفلسفة. فعلى الرغم من أنه وجد أن من الصعب جداً استيعاب المعارف التجريبية لتعاليم أرسطو, فقد وضع دراسات كثيرة جداً تناقش تعاليمه هذه. وتصوغ فلسفة ابن سينا بنظرية الفرضية والنقيض إرث أرسطو والتأثيرات الأفلاطونية الجديدة والدين الإسلامي. وقد كان لأعماله هذه كبير أثر على الكثير من فلاسفة الغرب بعد ترجمتها إلى اللاتينية وخصوصاً توماس أكويناس.

 

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289