السبت، 20 أبريل 2024

أوباما إرتكب خطأ تاريخياً يحمل تداعيات وخيمة

بقلم خلف أحمد الحبتور

© Shutterstock

قضي الأمر. لقد أكّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفاء #إيران بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ما يشكّل الأساس لرفع العقوبات عنها.

يتبادل النواب الإيرانيون التهاني، في حين أن معظم المشترعين الجمهوريين الأمريكيين تساورهم شكوك عالية، لا بل يشعرون بغضب شديد بسبب ما يعتبرونه صفقة مع الشيطان. وقد صرّح الرئيس الإيراني #حسن_روحاني أن #إيران "فتحت فصلاً جديداً" في علاقتها مع العالم مهلِّلاً لرفع العقوبات الذي رأى فيه "نصراً مجيداً".

من المؤكّد أنه انتصار لإيران، لا سيما وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن الطموحات الإيرانية لحيازة أسلحة نووية وُضِعت على الرف قبل تسع سنوات. لن تستعيد #إيران أصولها المجمّدة التي تبلغ قيمتها نحو مئة مليار دولار أمريكي وحسب، بل إن الشركات العالمية، ومنها شركات نفطية عملاقة، ستقف أيضاً في الصف للتفاوض على صفقات مربحة. علاوةً على ذلك، يُقال إن #إيران عمدت إلى تخزين النفط لإغراق السوق؛ ويأتي هذا في وقت تعاني فيه السوق من وفرة تسبّبت بانخفاض الأسعار.

لقد سعى الرئيس أوباما إلى إسكات منتقدي الاتفاق مؤكّداً أن تطبيق #إيران له "يشكّل تحوّلاً جوهرياً في الظروف المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني". وهذا ليس سوى مجرد ذر الرماد في العيون. دفع نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الخارجية جون كيري نحو تحقيق انفراج في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران قبل وقت طويل من تسلّمهما منصبهما.

في الواقع، لقد توقّعتُ قبل أعوام حلول هذا اليوم الأسود – الذي يُلحق ضرراً كبيراً بمصالح الدول العربية وأمنها. في الجوهر، لا علاقة للأمر بالأسلحة النووية، بل يتعلّق بتسهيل تحوّل #إيران قوة إقليمية بالتكافل والتضامن مع واشنطن بهدف السيطرة على الدول العربية، ولا سيما #السعودية ودول الخليج، وإعادة توازن النفوذ الإقليمي لصالح الولايات المتحدة.

حذّر الأكاديمي والمؤلف الأمريكي المولود في #إيران، والي نصر، من مواجهة وشيكة بين #إيران والسعودية في كتابه "الصحوة الشيعية"، مشيراً إلى أن قوة #إيران وتمدّدها المتناميَين يجعلانها شريكاً مفضّلاً للولايات المتحدة لأنها أقوى من أن تُدمَّر، ويجب تطويعها عن طريق الانخراط وليس المواجهة معها.

نُقِل عن تشاك هاغل، وزير الدفاع السابق في إدارة أوباما، قوله: "على الولايات المتحدة إيجاد استراتيجية ديبلوماسية إقليمية جديدة من أجل التعامل مع #إيران، على أن تشتمل على حلفاءنا الإقليميين، وقوتنا العسكرية، ونفوذنا الاقتصادي".

أنا على يقين من أن هذا الاتفاق الضيّق وغير الواضح ينطوي على أكثر بكثير مما يظهر للعيان. لقد عبّرت عن مخاوفي من "صفقة كبرى" محتملة في تقرير رفعته إلى القيادات الخليجية في يونيو 2013، وكذلك في العديد من المقالات التي كتبتها لاحقاً. إذا كنت قلقاً في ما مضى، فأنا أشعر بقلق أشدّ حالياً. وهذه المرة، أكره أن أكون على حق.

لكن تجاه هذا الأمر الواقع، ينبغي على الدول العربية أن توحّد صفوفها لتعزيز دفاعاتها. حمداً لله، تُتَّخذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه. لقد تنبّهت #السعودية للمخاطر حال بدء التدخّل الإيراني المباشر في شؤونها الداخلية، ناهيك عن استخدام #إيران لعملائها في سوريا والبحرين واليمن. أشعر بشيء من الارتياح لأن إنشاء قوة عربية مشتركة هو فكرة مطروحة حالياً، فضلاٍ عن أنه جرى تشكيل تحالف إسلامي مناهض للإرهاب بمشاركة 34 دولة ذات أكثرية مسلمة.

يؤسفني القول أن هناك دولاً شقيقة تقيم علاقات وثيقة وغير شفافة مع #إيران. نحن نعلم أن هذه الدول عملت على تعزيز المصالح الإيرانية خلف الكواليس خلال أعوام العزلة الإيرانية الافتراضية. أما الآن فلم تعد #إيران بحاجة إلى هذه الدول، إنها مسألة وقت فقط قبل أن تنقلب #إيران ضدها أيضاً. على مجلس #التعاون_الخليجي أن يوجّه تنبيهاً إلى هذه الدول، وفي حال واصلت سياساتها الموالية لإيران، ليس أمامنا من خيار سوى بناء جدار بيننا وبينها على غرار الجدار الذي اقترحه دونالد ترامب.

الأهم من ذلك، لم يعد بإمكان #السعودية ودول الخليج الاعتماد على تطمينات محض شفهية من حليفتها، الولايات المتحدة، التي تدّعي أنها تحمي هذه البلدان، في حين يحتفي الرئيس أوباما ووزير خارجيته بالإفراج عن مليارات الدولارات لمصلحة #إيران، الداعمة الأكبر للإرهاب في زماننا. لقد أقرّ أوباما بأنه ليس هناك ما يضمن أنه لن يتم تخصيص جزء من هذه المبالغ لتحقيق أهداف #إيران الأيديولوجية وأطماعها بالسيطرة على الأراضي في المنطقة.

سيواصل "حزب الله" الذي لم تتوانَ الولايات المتحدة عن شطبه عن لائحة الإرهاب الأميركية، القتل في سوريا والعراق، مع الإفلات من العقاب، وسوف تطلق له العنان لتحويل لبنان مقاطعة إيرانية. وسوف تساهم الودائع الإيرانية النقدية الطائلة المفرج عنها في تعزيز الجهود الإيرانية للسيطرة على اليمن، وعلى البحرين حيث تطالب #إيران بضم أراضٍ إليها. يدرك أوباما أن المال سيُنفَق على الإرهاب وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط والخليج، لكنه تجاهل مخاوف أصدقاء الولايات المتحدة في سياق تهافته من أجل إبرام اتفاق ضيّق لا يأخذ #إيران بعين الإعتبار.

حاول أوباما استرضاء دول مجلس #التعاون_الخليجي عبر توجيه دعوة إلى رؤسائها للقائه في كامب ديفيد. والأسبوع الماضي، اجتمع كيري بنظيره السعودي عادل الجبير لإقناعه بأنه ليس هناك ما يدعو للقلق، إلا أن الأخير لم يصدّق كلام كيري، بحسب ما أوردته التقارير الصحافية، وخصوصاً وأن إدارة أوباما أعربت عن "قلقها الشديد" إزاء إعدام الإرهابي المدان نمر النمر، في حين أنها بدت أقل قلقاً إزاء إشعال النيران في مقر سفارة المملكة العربية المتحدة وقنصليتها في #إيران على أيدي رعاع يُشتبَه في أنهم مأجورون لدى النظام الإيراني.

في الواقع، ينبغي على الولايات المتحدة أن تقرن القول بالفعل. فالكلام المعسول الذي يترافق مع عروض إضافية لبيعنا الأسلحة لن يسمح لنا بأن ننام قريري العين. المطلوب هو أن تحصل حكوماتنا على توضيح من أوباما حول ما إذا كانت الولايات المتحدة معنا أو مع #إيران. يجب أن نطالب البيت الأبيض بأن يثبت أنه يكترث فعلاً لمصالحنا عبر ممارسة ضغوط على طهران كي تمتثل بالإجراءات التالية:

• قطع علاقاتها رسمياً مع "حزب الله" الذي يحكم الخناق حول لبنان، والذي اختار الوقوف في الجهة الخطأ في كل من سوريا والعراق.

• التوقّف عن تسليح الحوثيين الشيعة في اليمن وعن تقديم الدعم المادّي إليهم.

• التزام المرشد الأعلى الإيراني تفكيك الخلايا الإرهابية داخل #دول_الخليج والتوقّف عن زرع الجواسيس في هذه الدول.

• موافقة طهران على التفاوض بشأن استقلال عربستان التي أُطلِق عليها اسم خوزستان بعد استيلاء #إيران عليها، كي يتمكّن عرب الأحواز الذين تحوّلوا مواطنين من الدرجة الثالثة، من الحصول على استقلالهم من الإحتلال الإيراني واستعادة مواردهم الطبيعية وكرامتهم.

• موافقة #إيران على إطلاق اسم "الخليج العربي" على الجسم المائي الذي تسمّيه "الخليج الفارسي"، نظراً إلى أن 85 في المئة من سكّان البلدان المحيطة بالخليج (بما في ذلك عرب الأحواز) هم من العرب.

لا بد لي من الإشارة إلى أنني لا أضمر أي عداء للشعب الإيراني بمختلف معتقداته الدينية أو مذاهبه. فجميع الإيرانيين يتعرّضون للقمع اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً منذ عام 1979 عندما ظهر آية الله الخميني وأراد إعادة البلاد إلى العصور الوسطى. على الرغم من الثروة التي تملكها #إيران في الوقت الراهن، يعيش 55 في المئة من أبناء المدن تحت خط الفقر. ويتملّك الخوف الناس في بلدٍ حيث تُرجَم النساء، وتُعلَّق مشانق الرجال على الرافعات في الأماكن العامة، وحتى الشعراء وكتّاب الأغاني يُسجَنون ويُجلَدون.

بما أن الولايات المتحدة التي بذلت جهوداً دؤوبة من أجل إبرام الاتفاق هي الآن الراعية الأساسية لإيران، على إدارة أوباما أن تجد طرقاً للتأكد من أن المليارات التي سيتم الإفراج عنها سوف تُستخدَم في بناء الاقتصاد وتحسين البنى التحتية واستحداث الوظائف، وعليها أن تربط أي تقارب في المستقبل بتحسين سجل #إيران السيئ جداً في مجال حقوق الإنسان.

وإنني أتطلّع إلى اليوم الذي سيرفض فيه الإيرانيون نظامهم المتشدد، ويستعيدون ما كانوا يتمتعون به من حريات وازدهار في عهد الشاه. عندئذٍ فقط يمكن الترحيب بإيران في المجتمع الدولي – وعندئذٍ سأحتفل أنا أيضاً بهذا الإنجاز. 

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم