الخميس، 18 أبريل 2024

الفن الإسلامي في اللوفر أبو ظبي، لكن باريس أولاً

بقلم فيليب ويس

Musée du Louvre ©
Musée du Louvre ©
Musée du Louvre ©
Musée du Louvre ©

لم يُبذَل مجهود يُذكَر لتعزيز الفن الإسلامي في الأعوام الأخيرة، لكن هذا الواقع يتغيّر بسرعة مع افتتاح جناح مخصّص للفن الإسلامي في متحف اللوفر في باريس، والعمل على إنشاء فرع للمتحف في أبو ظبي.

طوال سنوات، لم يحظَ الفن الإسلامي بالكثير من الاهتمام، لكنه يكتسب فجأة شعبية ورواجاً، ليس فقط في العالم العربي إنما أيضاً في أوروبا. فسوف يعرض جناح جديد في متحف اللوفر في باريس من المقرّر افتتاحه هذا الصيف، فنوناً تعود إلى الحقبة الإسلامية.

ليست الآنية المعدنية القديمة، والأكواب والصحون الخزفية، والقطع الأثرية المصنوعة من النحاس الأصفر والسجاد ذو التصاميم العربية، سوى جزء من المعروضات التي سيتضمّنها الجناح الجديد في المتحف الأشهر في فرنسا ويصل عددها إلى 18500 قطعة. وسوف تُعرَض في مساحة بنيت خصّيصاً لها، وتتميّز بهندستها المعمارية اللافتة.

ليست هذه المرّة الأولى التي يمزج فيها المتحف الذي يعود إلى القرن الثاني عشر، بين فن العمارة الحديث والقديم. فقد جمع بينهما قبل عشرين عاماً عندما بنى المهندس المعماري الأمريكي أي إم بي الهرم الزجاجي المثير للجدل بطلب من الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا ميتران.

جرى التنقيب والحفر حتى عمق 12 متراً لبناء الجناح العصري جداً المصنوع من الزجاج والفولاذ ويتّخذ سقفه شكل وشاح حريري مذهَّب ومتموِّج. يقع داخل باحة فيسكونتي من دون أن يحجب واجهتها التي تعود إلى 800 عام. يبدو الجناح الزجاجي المتموّج وكأنّه معلّق في الهواء، وتدعمه أنابيب رفيعة بدلاً من أعمدة.

وقد نفّذه المهندسان المعماريان الإيطاليان ماريو بليني ورودي ريتشيوتي. يشرح ريتشيوتي “لم أرد صنع سقف مسطّح شبيه بسقف السوبرماركت” مضيفاً أن المنطقة الجديدة سوف تُغطّى بسقف يشبه “غيمة قزحيّة اللون” مما يُبرِز الضوء الطبيعي ويبثّ وهجاً دافئاً في مختلف أرجاء المكان.

بعد عشرة أعوام على انطلاق المشروع الذي تبلغ كلفته 98.5 مليون يورو، لم يحصل بعد على التمويل الكامل ولا يزال يحتاج إلى عشرة ملايين يورو. لكنه يستحقّ كلفته. تقول صوفي مكاريو، رئيسة قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر، إنه سيضمّ بعضاً من قطع الفن الإسلامي الأغلى قيمة في العالم. صحيح أن عدداً كبيراً منها مأخوذ من المجموعة الحالية في اللوفر، لكن أضيفت إليها مئات القطع الأخرى.

تقول مكاريو “يملك اللوفر على سبيل المثال أفضل مجموعة في العالم من الأواني المعدنية المرصّعة الفاخرة التي صُنِعت في سوريا خلال القرن الثالث عشر أي في الحقبة الأيوبية. كما يضمّ الجرن الأشهر الذي صُنِع في حقبة المماليك (1250-1517) ويُعرَف بـ‘جرن معمودية القديس لويس’”. وتضيف “لم يُبذَل مجهود يُذكَر حتى الآن للحفاظ على الفن الإسلامي أو حتى تعزيزه. لكن تم إحراز تقدّم كبير [في الأعوام الأخيرة]...”.

من الأشياء التي حصل عليها المتحف مؤخراً سجادة نادرة للصلاة من الحقبة الصفوية سوف تُعرَض في الجناح الجديد في اللوفر. لكن وُضِعت تحف أخرى جانباً لعرضها حصراً في متحف اللوفر في أبو ظبي.

تقول مكاريو “بعض القطع سوف تُعرَض على سبيل الإعارة، ولدينا... فرصة الاحتفاظ ببعض القطع المهمة للمتحف في أبو ظبي”. يقع متحف اللوفر-أبو ظبي في جزيرة السعديات، وقد أرجئ افتتاحه إلى سنة 2015 بعدما كان مقرّراً أن يفتح أبوابه خلال العام الجاري.

المشروع هو جزء من خطة ثقافية كبرى لبناء منطقة في الجزيرة سوف تضمّ أيضاً فرعاً لمتحف غوغنهايم الذي من المقرّر أن يتم افتتاحه في سنة 2017. ويُتوقَّع أيضاً أن يُفتتَح متحف وطني يحمل اسم الشيخ زايد، أول رئيس للإمارات العربية المتحدة، في سنة 2016، بحسب شركة التطوير والاستثمار السياحي التي تتعهّد المشروع. وثمة خطط أيضاً لإنشاء متحف بحري ومركز عصري جداً للفنون الأداء المسرحية.

يشرح شون أوكونور، كبير المسؤولين الماليين في شركة التطوير والاستثمار السياحي، التغييرات التي طرأت على الجدول الزمني لإطلاق متحف اللوفر في أبو ظبي “كانت الاستراتيجية الأساسية افتتاح المتاحف الثلاثة في الوقت نفسه في سنة 2014، لكن الجدول الجديد يتيح إطلاق كل متحف في موعد مختلف”.

ويضيف “إذاً طوال سنة سيكون اللوفر في أبو ظبي المتحف الوحيد الذي يفتتح أبوابه أمام الزوّار. وهذا يتيح لنا استقطاب السيّاح ويمنح المتحف فرصة للانطلاق كما يجب قبل افتتاح متحف الشيخ زايد الوطني الذي سيحظى بالمدّة الزمنية نفسها عند افتتاحه ، ثم يتبعه متحف غوغنهايم”.

ويتابع أوكونور “يعني هذا أنه بإمكاننا استقطاب السياح أنفسهم إلى المنطقة في ثلاث مناسبات مختلفة. بموجب الخطة الأولى، كان يكفي أن يأتي السائح مرة واحدة، وبالنسبة إلى القادمين بداعي السياحة الثقافية، لم يكن هناك ما يدفعهم للعودة ثانيةً في المدى المنظور”.

لقد جرى حتى الآن حفر 500000 متر مكعّب في التربة لبناء قاعدة المتحف. سيكون اللوفر في أبو ظبي أول متحف عالمي في العالم العربي يعرض أغراضاً وتحفاً فنية وفقاً للتسلسل الزمني ويستكشف الروابط بين الحضارات والثقافات المختلفة والتي تبدو متباعدة في الظاهر.

سوف تتركّز المعروضات في الجزء الوسطي من المتحف، فيما تُعرَض أعمال ملهِمة على طول الطريق الأساسي الفريد الذي سوف يستخدمه الزوّار للتنقّل عبر المتحف الذي سيتضمّن معروضات تعود إلى أربع حقبات تاريخية أساسية: فن العمارة وولادة الحضارة؛ والقرون الوسطى وبداية عصر الإسلام؛ والحقبة الكلاسيكية من الحركة الإنسانية إلى التنوير؛ والحقبة الجديدة والمعاصرة بدءاً من نهاية القرن الثامن عشر.

وقد حصل المتحف على لوحتين إيطاليتين من عصر النهضة ضمّهما بالفعل إلى مجموعته الدائمة، وهما: “السيدة العذراء والطفل” لجيوفاني بيلّيني التي رُسمِت بين 1480 و1500، و”رحلة يعقوب” لجاكوبو باسانو التي رُسِمَت بين 1565 و1570.

ومن القطع الأخرى التي ضمّها المتحف إلى معروضاته مجموعات من المنحوتات البوذية، وقطع أثرية جنائزية من مصر الفرعونية، وتحف فنّية من البلاطات الملَكية في العالم الإسلامي وجميعها تقدم لمحة عن الثقافة الفنية الغنية التي كانت دائما موجودة في الشرق الأوسط

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم