السبت، 20 أبريل 2024

للصبر حدود

بقلم خلف أحمد الحبتور

© AP Images

 لقد قال وزير الخارجية في دولة الإمارات، #الشيخ_عبدالله_بن_زايد آل نهيان، الحقيقة عندما وضع ميليشيات "#الحشد_الشعبي" (فضلاً عن "#منظمة_بدر" و"#حزب_الله" و"#لواء_العباس" التي تقاتل في #سوريا)، في المعسكر الإرهابي نفسه مع تنظيم "الدولة الإسلامية (#داعش)" و"جبهة النصرة" المرتبطة بتنظيم "القاعدة".

جميع هذه الميليشيات تُحرِّكها مصالح مذهبية، فكلها سيّان في همجيتها وتعطّشها للدماء. إنها أنواع مختلفة من السرطان يجب القضاء عليها جميعها. الفارق هو أن الميليشيات الشيعية التي تعمل مع الجيش العراقي الضعيف، الذي يتلقّى النصائح والإرشادات من قبل الحرس الثوري الإيراني، تحظى بالشرعية من حكومة بلدٍ عربي – أو بالأحرى ما كان بلداً عربياً قبل أن يقع تحت هيمنة الأئمة عن طريق رؤساء حكومات ولاءهم إيراني.

قتلت ميلشيات "#الحشد_الشعبي"، كما تُسمّى، و"#منظمة_بدر" أعداداً كبيرة من المواطنين العراقيين ودمّرت منازلهم بعد تحرير الأراضي الخاضعة لسيطرة #داعش، لا لشيء سوى لأنهم من السنّة. هذا ما فعله أيضاً "#حزب_الله" و"لواء أبو فضل العباس" في #سوريا. تحوّلت المساجد ركاماً. وأُرغِم الناس على النزوح مع عوائلهم إلى مدن المخيمات أو سلوك الطريق المحفوف بالمخاطر نحو أوروباً بحثاً عن اللجوء. هؤلاء وتنظيم "الدولة الإسلامية" هما وجهان للعملة السيئة نفسها.

بدلاً من أن نمدّ أيدينا للميليشيات، علينا أن نحاربها. يحتاج #العراق، هذا القلب العربي النابض، إلى دعمنا للتحرّر من الاحتلال الفارسي كي يتمكّن هذا البلد المنكوب من الوقوف على قدمَيه من جديد. ما دام #العراق يخضع للتأثير الإيراني، لن ينعم أبداً بالسلام والازدهار.

علينا أن نبادر أولاً إلى إغلاق بعثاتنا الديبلوماسية في #العراق طالما يتصرّف كدولة معادية. إنما في الوقت نفسه، يجب ألا يتحمّل العراقيون الذين يعملون في بلدان #مجلس_التعاون_الخليجي عواقب الأخطاء التي ترتكبها حكومتهم المارقة وعصاباتها المسلّحة. لقد رحل معظمهم من وطنهم الأم أملاً في إعادة بناء حياتهم بعدما كانوا قد فقدوها.

ندرك، منذ وقت طويل جداً، الوضع المؤسف الذي آلت إليه الأمور، لكن إزاء النضالات التي يخوضها العراقيون من أجل أن تستعيد بلادهم توازنها بعد عشر سنوات من العقوبات القاسية، والاحتلال الأجنبي، والصراعات المذهبية والإرهاب، منحنا الحكومات العراقية فرصة لانتشال البلاد من مأزقها المعقّد – لكن تبيّن أن كل ذلك ذهب سدىً.

لقد استنفدت القيادة العراقية فرصها للإثبات أنها تقف إلى جانب العراقيين، جميع العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية او المذهبية، ولم تبذل مجهوداً يذكر لتعزيز مكانتها في العالم العربي.

لقد ولّى زمن التدليل والكلام الديبلوماسي. نحيّي #الشيخ_عبدالله_بن_زايد لأنه قال الأمور على حقيقتها. كفانا ادّعاءً في منطقة مضطربة يُهدّدها السعي الإيراني خلف النفوذ! يجب أن يدرك #العراق أن المواقف الملتسبة وغير الواضحة لم تعد مقبولة. يجب أن يخضع رئيس الوزراء العراقي #حيدر_العبادي للمُساءلة. هل يسير ببلاده في طريق يقودها إلى أن تصبح ولاية إيرانية بحكم الأمر الواقع أم هل سيحترم جذورها وهويتها العربية؟ على الأرجح أنه اتّخذ خياره.

لم يتوانَ العبادي عن الدفاع عن جيوشه المتشرذمة عبر قناة "السومرية" العراقية فيما اتّهم الإمارات العربية المتحدة بـ"التدخّل بطريقة سافرة في الشؤون العراقية". المفارقة هي أنه يطلب أيضاً من دول #مجلس_التعاون_الخليجي مؤازرة بغداد في مكافحة الإرهاب. من سابع المستحيلات أن تتم المجازفة بخيرة شبابنا وحياتهم من أجل دعم الأطماع الإيرانية!

جدّدت وزارة الخارجية العراقية، في بيان صادر عنها، التأكيد على أن #الحشد_الشعبي "إفراز من مكوّنات الشعب تمثَّل على شكل هيئة رسمية تعمل تحت مظلة الدولة وبإمرة القائد العام للقوات المسلحة". أود أن أسأل: ما هو عدد السنّة والمسيحيين والأكراد واليزيديين في تلك الميليشيات الخاضعة للحكومة؟ وأي حكومة هذه التي تعتمد على مسلّحين للدفاع عنها!

تلقّفت المحطات التلفزيونية العراقية بحماسة شديدة الرسالة التي وجّهها العبادي إلى الإمارات، فمن الواضح أن تلك المحطات حصلت على الضوء الأخضر لرشقنا بالإهانات والتهديدات. لكن نزعة الانتقام هذه التي تظهر لدى الحكومة ووسائل الإعلام لا يتشاركها الشعب؛ بل إنها من نتاج طهران التي تحرّك رئيس الوزراء العراقي وكأنه دمية في يدها.

يجب بتر الأوصال العراقية التي ضربها المرض الفارسي. لقد فتحنا قلوبنا للعراقيين. شعرتُ بغضب كبير عندما علمت أن 500000 طفل عراقي قضوا نحبهم بسبب العقوبات. وشاهدت بأسىً شديد ألسنة النيران ترتفع في سماء بغداد خلال عملية "الصدمة والترويع" التي شنّها #جورج_بوش_الإبن. وعندما انسحبت قوات التحالف، تضرّعت إلى الله كي ينهض #العراق من رماده متجدِّداً وشجاعاً.

لكنه تحوّل بدلاً من ذلك إلى جيب فارسي. لم يعد بإمكاننا أن نُعمي عيوننا عن الحقيقة. يجب أن يدرك #العراق أن الصبر الذي أظهرناه لم يكن ضعفاً بل تفهُّمٌ للخطوات التي تقوم بها دولة شقيقة تحاول الخروج من متاهة مليئة بالعقبات. لكننا لم نحصل في المقابل سوى على الإهانات!

لقد كان صدام حسين قومياً عربياً شديد الاعتزاز بإرث بلاده التي كانت "مهداً للحضارات"، وبمساهماتها في العصر الذهبي للإسلام. الأهم من ذلك، حافظ على هوية بلاده العربية التي بدأت تتأكّل وتتداعى منذ الاجتياح والاحتلال بقيادة الذي قادته الولايات المتحدة.

لقد تسبّب انحياز حكومة المالكي المذهبية وأساليبها القمعية بحق السنّة بصعود المجموعات الإرهابية، مثل تنظيم "القاعدة" و"تنظيم الدولة الإسلامية"، في حين أنه لم يكن لهذه التنظيمات وجود في البلاد من قبل. قيام المالكي بتطهير الجيش العراقي من الضباط السنّة المتمرّسين واستبدالهم بشيعة موالين لنظامه جعل هذا الجيش ضعيفاً، فقد فرّ هارباً تاركاً أسلحته وراءه عند المواجهة مع مجموعة صغيرة من مقاتلي #داعش في الموصل.

تعهّد #حيدر_العبادي الذي تسلّم رئاسة الوزراء خلفاً للمالكي، بالعمل من أجل مصلحة الجميع، لكن حتى الآن ليست هناك مؤشرات بأنه يختلف كثيراً عن سلفه. كل ما في الأمر أن دمغة "صُنِع في إيران" أقل وضوحاً للعيان في حالته.

غالب الظن أن الأيام السالفة عندما كان العراقيون من مختلف المذاهب والاعراق يعيشون معاً بانسجام، لن تعود من جديد، لأن الحكومات الشيعية المتعاقبة تدين في شكل أساسي بالولاء لقوة أجنبية. هذه هي ببساطة خلاصة الموضوع. لا بد من أن مئات آلاف العراقيين الذين استشهدوا خلال الحرب الإيرانية-العراقية التي استمرت ثماني سنوات، يتقلبون في قبورهم.

 

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم