Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور نــخــيـــــــــــل... كلمة رئيس مجلس الإدارة

الصفـحـة الــرئيسيــة

كلمة رئيـس مجلـــس الإدارة

نــخــيـــــــــــل...

هــــــوغـــــــو تـشــــــافــيـــــز

هــــل نشعـــــــل الحـــــروب...

نـمــــط جــــديــــــــــد مـــن ...

فـــــــــي أجـــــواء الـــعـــيــن

الـفـــــيــــنــــيــــــقــــيــــــــون

أسفـــــار ومغــــــامـــــرات ...

أسلـحــة الحــروب الـقـديــمــة

ابـــــــن رشــــــــــــــــــــــــــــد

نســــــــــاءخـــــــالـــــــــــدات

عــــــــادات الـــطعـــام فــي ...

انتشار المستحــــــاثـــــــات...

بـطـولـة دبــي لـــلتـــنــــــــس

الحبتـــور لـــلـــمــشـــــــاريــع

كـيـــف نمنـــــــع تــكـــــرار...

رســـالــة مفـتــوحـــة مـن ...

خبـــار الحبتــــور

يعتقد المؤرخون الذين درسوا تاريخ الحضارات الأقدم عهداً بأن القبائل البدوية في غرب آسيا والأراضي العربية كانوا بين أوائل من سكن سوريا التي أسسوا فيها مدينة دمشق العظيمة والعريقة. وكان بين هؤلاء أقوام رأوا أن دمشق لا توفر لهم سعة الأفق التي يرغبون بها لتطورهم ونموهم ولهذا عبروا جبال لبنان واستقروا على الأراضي الساحلية الضيقة شمال فلسطين

بلغ الشريط الساحلي الذي استوطنه هؤلاء قرابة مئة وعشرين ميلاً طولاً وأكثر أو أقل من 20 ميلاً عرضاً بين جبال لبنان وشواطئ المتوسط. الذين بقوا مستقرين حول دمشق أصبحوا يعرفون باس الآراميين أما أولئك الذين تابعوا مسيرتهم نحو الشريط الساحلي الضيق وراء جبال لبنان فأصبحوا يعرفون بالفينيقيين. 

وسرعان ما وجد هؤلاء أن الأرض الجديدة التي استقروا فيها لم تكن قادرة على دعم ازدهار زراعي بالاعتماد على التقنيات التي كانت متوفرة في ذلك الوقت، وبالتالي كانوا مضطرين للالتفات نحو التجارة من أجل البقاء، الآراميون براً والفينيقيون بحراً.

ومع أن القدرة على الخروج بالتجارة عبر الطرق البرية كانت مقصورة على الآراميين، وفر البحر فرصاً ليس لها حدود للفينيقيين. ويعزى للآراميين، الذين كانوا يعبرون طرق التجارة البرية حاملين معهم بضائعهم، بالفضل في نشر استخدام الأبجدية بين شعوب الشرق الأدنى إضافة لنشرهم اللغة المحكية الآرامية التي أصبحت لاحقاً لغة موحدة في الشرق واللغة التي تحدث بها المسيح عليه السلام. 

ومع ذلك، لم يترك هؤلاء كبير أثر على حياة الشعوب التي احتكوا بها، ولكن الأمر يختلف بالنسبة للفينيقيين. المؤرخون القدامى كانوا يسمونهم بالكنعانيين. أما الإغريق فسموهم الفينيقيين وتعني بلغتهم "الناس الحمر".

وكان الفينيقيون الذين علموا الأبجدية للآراميين قد جعلوا الكتابة الهيروغليفية التي تطورت لدى حضارة وادي النيل والكتابة المسمارية التي طورتها شعوب ما بين النهرين أكثر بساطة وطوروا لغة تمكن كتابتها وقراءتها ونشروها بين الحضارات القديمة في الجزء الأكبر من المشرق.   

بعد أن اكتشفوا مبكراً أن وطنهم الجديد ليس بالمكان المناسب للزراعة نتيجة لتضاريسه الجبلية، وجه الفينيقيون وجههم نحو البحر. غير أن المياه التي يعيشون على سواحلها لم تكن هادئة ولا وادعة. وكان عليهم أن يعتمدوا على قواربهم البدائية للخروج في رحلات بحرية تجريبية واستكشافية في أعالي البحار.  

تلك البحار العاصفة دفعتهم بطريق التجربة والخطأ لتطوير وتحسين قواربهم ليصبحوا بمرور الوقت من أكثر البحارة خبرة في تلك الأيام. وخشب الأرز الذي يكثر في جبال لبنان وفر للفينيقيين الأخشاب المناسبة لبناء قوارب بحرية صلبة كما أن وفرته في المنطقة أيضاً جعلته مادة للتصدير للبلاد الأخرى. 

منذ العصور القديمة كان المصريون يفضلون خشب الأرز لبناء معابدهم وبيوتهم ولهذا كانوا قد أسسوا مواقع تجارية لهم على الساحل الفينيقي لنقل خشب الأرز إلى مصر قبل أن تأتي تلك القبائل وتستوطن المنطقة وتبدأ باحتكار هذه التجارة.

العنصر المهم الآخر الذي ساهم في نمو ثروات الفينيقيين هو وفرة المحار على السواحل والذي تمكنوا أن يستخلصوا منه صباغاً قرمزياً للأقمشة وهو الذي كان يلقي رواجاً شديداً في دول الشرق.

ومع توفر هاتين السلعتين الرائجتين، بدأت الحركة التجارية الفينيقية على نطاق ضخم بالانطلاق وبحلول 1700 قبل الميلاد كانوا قد أصبحوا رواد التجارة البحرية ويقصدون أصقاعاً نائية من العالم ويتقنون الملاحة بتحديد الجهات عبر نجم الشمال. وتمتع الفينيقيون بهذه المكانة التجارية حتى غزوات الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد. 

وأقام الفينيقيون مدناً تجارية قوية على امتداد الساحل اللبناني، لكل منها حكومتها المستقلة والتي تتعاون مع المدن الأخرى في أوقات الأزمات. ولم يكن الفينيقيون يفضلون وجود حكومة مركزية أو ملكية تحكم وتدير هذه المدن التي كانت تترك لتصريف شؤونها بنفسها بدون الرجوع إلى سلطة مركزية.

ثروات الفينيقيين دفعت بالفراعنة إلى غزو واحتلال مدنهم بحلول 1500 قبل الميلاد، ثم أتى بعدهم غزاة آخرون كان أولهم الآشوريين ثم الكلدانيون فالفرس وأخيراً الرومان. غير أن هؤلاء سرعان ما كانوا يجدون أن من مصلحتهم السماح للفينيقيين مواصلة تجارتهم بحرية وهكذا تابعوا تحقيق حياة الرخاء رغم هيمنة الدول الأجنبية على أرضهم. 

كان الفينيقيون تجاراً نشطين ومغامرين، وهي سمات ما كان بمقدور الشعوب التي احتلت مدنهم أن تضاهيهم فيها. وقد أقاموا الموانئ في مدن صور وصيدا وجبيل ومنها كانوا ينطلقون بسفنهم إلى كل مكان يجدون فيه تجارة مربحة. 

لقد استطاعوا أن يحولوا هذه المدن إلى مراكز تجارية للعالم كله تأتيها البضائع من كل أرجائه ومنها تشحن البضائع الخام والمصنعة. وهيمنوا على التجارة في قبرص وكريت وبقية جزر بحر إيجة إضافة لموانئ البحر الأسود وسردينيا ومرسيليا وكورنول وقرطاجة. 

كما وضعوا حاميات عسكرية لهم في مالطا وصقلية وكورسيكا. ومن إسبانيا كانوا يأتون بالفضة والرصاص والزنك ومن كورنول بالقصدير المهم جداً لإنتاج السبائك. وكانت إفريقيا مصدر الذهب وريش النعام فيما يشترون من الهند العاج والتوابل والمنتجات القطنية.

وكانت الجزيرة العربية مصدر البخور والتوابل الغالية والعطور. كما كانوا يشترون من سوريا أفضل أنواع الخمور التي يعرفها العالم. اليونان كانت مصدر تجارتهم بالأواني المعدنية الثمينة والمزينة بالزجاج التي كانوا يستوردونها منها. في خضم هذه الشبكة التجارية، كان الفينيقيون يقومون بدور الوسيط الذي يقدم لكل بلاد ما ليس عندها ويحقق أرباحاً كبيرة في مشاريعه التجارية.

وحالما أتقن الفينيقيون المهنة، أخذوا يفتتحون في مدنهم ورش تصنيع بالاعتماد على الخبرات التي اكتسبوها من الشعوب الأخرى وسرعان ما بدؤوا ينتجون سجاداً متميزاً وأقمشة قرمزية جميلة. وأصبح حرفيوهم خبراء في زخرفة المشغولات البرونزية والفضية والزجاجية التي كانت مطلوبة جداً في مختلف الأسواق.  

ومن الطبيعي أن الطلب على بضائعهم في أسواق العالم أعطاهم الغنى والرخاء وجعل المدن الفينيقية مراكز تجارية نشطة جداً ومدنهم لا تهدأ على الدوام. وقد وجد علماء الآثار الذين اكتشفوا ألواح تل العمارنة في مصر بأن ميناء صور كان شهيراً جداً في القرن الخامس عشر قبل الميلاد بحجم التجارة فيه وأنه واصل ازدهاره في عهد الملك سليمان الحكيم. 

لاحقاً، اضطر الفينيقيون لهجر مينائي صور وصيدا بسبب الظروف السياسية بعد حصار ضربه عليهم البابليون دام 13 عاماً. ولهذا تحول الفينيقيون إلى مدينة قرطاجة على الساحل التونسي وجعلوها المركز الرئيسي لأعمالهم التجارية. وبلغ تعداد سكان المدينة في القرن السادس قبل الميلاد 750 ألف نسمة. 

ثروات قرطاجة ودفاعاتها القوية التي لا تخرق جعلت من المدينة قوة جبارة في البحر المتوسط. وسريعاً توصل الرومان الساعين وراء بسط سيادتهم على البحر المتوسط كله لقناعة بأنهم لن يكونوا أسياد المنطقة ما لم يسحقوا القوة الفينيقية ومركزها قرطاجة. 

ولم تتمكن روما من تحقيق حلمها هذا إلا بعد قرن من القتال الضروس مع الفينيقيين في ثلاث حروب امتدت بين عامي 246 و146 قبل الميلاد، ذلك أن الفينيقيين مع الزمن أصبحوا محاربين أشداء وقوة بحرية ضاربة قادرة على خوض المعارك في البحر وهو ما شكل الأساس لبناء تلك السفن الحربية القوية التي أصبحنا نعرفه في الترسانات العسكرية للعالم المعاصر.

ورغم أن القائد القرطاجي هانيبعل أصبح في إحدى مراحل هذه الحرب على وشك فتح العاصمة روما نفسها، غير أن الرومان اصطدموا به بعد ذلك عام 202 قبل الميلاد قرب العاصمة قرطاجة وكانت الغلبة لهم. ثم تمكن الرومان من فتح قرطاجة عام 146 قبل الميلاد فاستباحوا المدينة وحرقوها حتى سووها بالتراب.

ربما كانت أعظم انجازات الفينيقيين هو ما كانوا يقومون به من دور الناقل  للثقافات من أرجاء الأرض والموصل لمعارفه وعاداته وطريقة حياته للآخرين. لقد اكتسب الفينيقيون الكثير من المعارف عن البلاد والثقافات الجديدة وهي المعارف التي نقلوها إلى الشعوب من حولهم وكانوا بذلك صلة وصل ثقافي بين الشرق والغرب. وبفضلهم انتشرت النشاطات الاقتصادية إلى بلاد أخرى مثلما تطورت عندهم وذلك حينما كانوا يشترون السلع المصنعة من مختلف البلدان وبالتالي شجعوا الناس فيها على تصنيع البضائع ما دام هناك مشتر لها. 

ومن بين الانجازات الكثيرة للفينيقيين يبرز أحدها على نحو خاص ألا وهو تطوير الأبجدية عبر تبسيط نظام الكتابة الهيروغليفية وترتيب رموزها من جديد على نحو يجعل من تعلمها وكتابتها أمراً سهلاً. وعنهم أخذ الإغريق الأبجدية كما أنهم غيروا من شكل استخدام اللغة في المراكز التجارية القديمة في الهند. ثم تعلمت شعوب أخرى لاحقاً استخدام الأبجدية من الإغريق. والفينيقيون هم اللذين عرفوا مختلف أنحاء أوروبا على البردي والرقاع واستخدام الريشة والحبر للكتابة. 

كما كان الفينيقيون أول من عرف العالم على قياس البضائع المعروضة للبيع حيث علموا الشعوب استخدام الأوزان والمقاييس عند الاتجار ببضائعهم. بل إن كلمة إنجيل باللغات اللاتينية مأخوذة من اسم مدينة جبيل التي كان يسميها الإغريق "بيبلوس" التي كانت تصدر البردي والرقاع التي كان يستخدمها اليهود والنصارى لكتابة توراتهم وأناجيلهم. 

وعلى النحو نفسه، فإن الفينيقيين الذين أتقنوا فنون بناء السفن الحربية والتجارية الضخمة قد نشروا هذه الفنون أيضاً في الدول البلدان المطلة على البحر المتوسط. كما أن بحرية الفينيقيين هي التي أبقت جيوش روما المرعبة تحت السيطرة قرابة مئة عام قبل أن يتقن الرومان بناء السفن ويحققوا الهيمنة على البحر المتوسط.  

ويتحدث هيرودوت عن عبقرية الفينيقيين وعن "براعتهم التي يبدونها في كل عمل يقومون به." وفي الحرب اعتمد مهندسوهم الطريقة الآشورية في حصار المدن. وقد كانت مدنهم شهيرة بتحصيناتها المحكمة.  

ولتجنب مشكلو شح المياه العذبة أيام الحصار، كانوا يستجرون مياه الينابيع العذبة الموجودة في قاع البحر. ولتحقيق ذلك، ابتكروا قمعاً مقلوباً يطب فوق فم النبع ويتصل بخرطوم جلدي ليقود الماء العذب نحو المدينة.

بناة السفن الفينيقيون كانوا أكثر تطوراً بأشواط مما كان عليه أقرانهم المعاصرون لهم في المدنيات الأخرى. السفن الفرعونية المبكرة لم تكن أكثر من قوارب كانو كبيرة، أما بناة السفن الفينيقيون فعرفوا أن سفنهم ستحقق سرعات أكبر بالتجذيف إذا ما كان وجه المجذفين للخلف وهو ما كان أفضل من الدفع بالدواسات كان يفعل الفراعنة.  

السفن التي بناها الفينيقيون كانت تنقسم إلى نوعين: الحربية ذات البدن الطويل النحيل والمجاذيف الكثيرة والشراع الصغير والتجارية ذات البدن القصير المنتفخ  وقليل المجاذيف والشراع الكبير. كل السفن كانت بشراع واحد مستطيل. السفينة الحربية كانت بحاجة للكثير من المجذفين لتتمكن من المناورة بسرعة وتتفادى القذائف الموجهة إليها من جانب سفن العدو. وفي المقابل كان من المهم في السفن التجارية الاستفادة من المساحة لشحن بضائعهم المهمة والثمينة بدلاً من شغلها بالمجذفين. يذكر أن معظم المجذفين على السفن الفينيقية كانوا عمالاً من الأحرار الذين يتقاضون أجوراً طيبة على عملهم هذا.

وفي القرن الذي تلا تأسيس الفينيقيين لمدينة قرطاجة استطاعوا أن يطوروا سفينة حربية خارقة ذات مهدة مستدقة عند مستوى الماء وكانت مشدودة بحيث تتحمل الاصطدامات مع سفن العدو. ولهذه السفن سطح ثان ثابت فوق المجذفين لحمل قوة مقاتلة صغيرة.

وكان المجذفون في هذه السفن مرتبين في صفين على كل جانب مما يعطيها المزيد من القوة والسرعة للمناورة في المعركة البحرية. ويعزى للفينيقيين أيضاً المهدات البرية لتكون آلات حرب حيث كانت تعلق بالسلاسل من سطح هيكل محمول على دواليب. وكانت تسمى "المهدة السلحفاة". وكانت المهدة السلحفاة تستخدم في المعارك البرية للهجوم على أبواب التحصينات وخلعها.

نحن لا نعرف عن تاريخ الفينيقيين اليوم إلا معلومات مجزأة تتوفر لنا أساساً من مصادر كانت على صف أعدائهم. لم يكن الفينيقيون يهتمون بالاحتفاظ بسجلات عن الأحداث المعاصرة أو عن حياتهم كما لم يستأجروا خدمات أهل الكتابة والأدب لتوثيق حضارتهم الساحرة.

ومن المحتمل أيضاً أن تراثهم المسجل ربما انتهى مع دمار مدنهم. فمدينة صيدا انتهت على يد الفرس عام 345 قبل الميلاد وصور على يد الإسكندر عام 332 قبل الميلاد وقرطاجة على يد الرومان في 146 قبل الميلاد وبيروت على يد الملك الفارسي تريفون في 140 قبل الميلاد.

رغم أن الفينيقيين لم يكن يعرف عنهم أنهم قوم من هواة الحرب، فقد كانوا تجاراً وليس محاربين، فقد دافعوا عن مدنهم بضراوة وعناد بالغين حين تتعرض للمخاطر الخارجية. وتذكر بعض المصادر أن العائلات الفينيقية في صيدا قررت حرق نفسها بدلاً من الاستسلام للفرس. ومن الطبيعي أن تكون السجلات التي توثق التاريخ سواء لديهم أو لدى غيرهم قد احترقت مع أصحابها.         

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289