Al Shindagah
English Version
أخبار الحبتور أم عــمـــــــــــــارة كلمة رئيس مجلس الإدارة

    

 الصفـحـة الــرئيسيـة

 كلمة رئيـس مجلــس الإدارة

 مهـرجان دبي الـسيـنـمــائـي

 الـــمـهــــنــة الـــخـــــطــــرة

 ســـوريـة تــحـت الــحـصــار

 الــــبــتـــراء وتــد مـــــــــــر

 مـنـزل فـريـد عـائـم في دبـي

 معــرض دبـــي لــلــطــيـران

 الإدريـــســــــــــــي

 أم عــمـــــــــــــارة

 جـــبــــــــل حـفـيــت

 رحلة مشــــوقة فـي تــاريخ..

 بـطـولة الـحـبـتــورالـدولـيـة..

  لحبتـــــــــور للـــمشــاريــــع

 اخبـــار الحبتـــور

 مـــــــن نحــــــن

 لأعـداد المـاضيـة

 اتصلـوا بنـا

شهد ديسمبر الماضي اغتيال جبران تويني عضو البرلمان اللبناني والناقد السياسي الشهير الذي كان من أقوى الأصوات المناوئة لسوريا في لبنان. وفي غضون ساعات من انفجار السيارة التي أودت بحياته خرج الزعيم السياسي الدرزي وليد جنبلاط الذي يقال بأن والده قد قتل على يد السوريين أيضاً ليوجه الاتهام إلى النظام السوري. لم يكن جنبلاط بحاجة لأي دليل لتحديد المسؤول عن الجريمة الشنيعة. وكل ما كان يهم جنبلاط في الموضوع هو اغتنام الفرصة لتسديد كرة قوية في المرمى السوري.  

ومع أن سوريا قد أنكرت كل الاتهامات الموجهة إلى كبار مسؤوليها فقد التزمت بالتعاون مع التحقيقات التي تجريها الأمم المتحدة.  

وفي الوقت نفسه فإن المحقق الدولي الخاص ديتلف ميليس المكلف بكشف أسرار اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير الماضي قد قال لمجلس الأمن الدولي بأن التوصل إلى نتيجة يحتاج على الأقل ستة شهور أخرى ولكنه في المقابل كان يقول للصحافة بأن سوريا هي التي تقف وراء تدبير الاغتيال ويعبر عن رأيه بأن حادثتي الاغتيال لا يمكن فصلهما عن بعضهما.  

لم يكن سلوك ميليس مهنياً منذ البداية وعامل شهادات قدمها شهود لا يتمتعون بالمصداقية وكأنها بيانات مقدسة كما قدم لمجلس الأمن الدولي تقريرين مشوشين ملؤهما التناقضات والانحياز المباشر ضد سوريا. وبعد أن جوبه بانتقادات عالمية واسعة تخلى ميليس عن مواصلة التحقيق وأتى بدلاً منه قاض بلجيكي في محكمة لاهاي هو سيرج براميرتس.

أيام كان يعمل قاضي تحقيق في ألمانيا عمل ميليس على التحقيق في تفجير ملهى في ألمانيا عام 1986 وبنى النتائج التي توصل إليها حينها على مراسلات تم اعتراضها بين ليبيين موجودين في ألمانيا ووطنهم.  

غير أن مراسلات الإدانة هذه قد تبين لاحقاً بأنها عارية عن الصحة حيث أكد عميل الموساد المنشق فيكتور أوستروفيسكي بأن الجهاز الذي يعمل له هو الذي لفقها. وكان التقرير الخاطئ الذي قدمه ميليس يومها ووصف بأنه "دليل قاطع" على التورط الليبي في الهجوم هو الذي اعتمدته إدارة الرئيس رونالد ريغن لتبرر به القصف الجوي على ليبيا والذي أودى بحياة ابنة الرئيس الليبي معمر القذافي.  

واليوم نجد أن التهمة الموجهة ضد سوريا أوهى من تلك فاليوم يبني ميليس نتائجه في الوجه الأكبر منها على شهادة تقدم بها رجل مارق عاد وتراجع عن شهادته على التلفزيون السوري. كما لا يوجد سوى القليل، هذا إن وجد أصلاً، من الأدلة الجنائية.  

زهير محمد سعيد الصديق هارب من الخدمة ومختلس قدمه إلى ميليس رفعت الأسد عم الرئيس السوري الذي يعرف عنه تدبير المؤامرات ضد القيادة السورية بنفسه.  

وقد كشفت مجلة ديرشبيغل الألمانية عن حقيقة الصدّيق حيث قالت أيضاً بأن الصدّيق قد اتصل بأخيه في باريس قائلاً: "أخبار طيبة! لقد أصبحت مليونيراً".  

خلال هذه المرحلة من التحقيق لا يمكن لأحد أن يؤكد أو ينفي تورط الحكومة السورية في اغتيال رفيق الحريري أو جبران تويني، والشيء المؤكد هو أننا يجب أن لا نقفز باستخلاص النتائج قبل اختتام التحقيق. غير أن هذا هو بالضبط ما يحاول ميليس أن يقوم به عبر بياناته التي تقدم "الغمز واللمز" أمام الإعلام.  

اسمحوا لي أن أفترض لنفسي جدلاً القيام بدور "محامي الشيطان" لأجل التقدم في الحوار وأن أعرض بضع أسباب تنفي احتمال أن تورط سوريا نفسها بقتل شخصيات لبنانية مهمة بهذا الحجم باستخدام وسائل شديدة الفجاجة كالتي قتلوا فيها.  

نظراً للمعارضة السورية القوية لغزو العراق أصبحت سوريا على مرمى الاستهداف الأمريكي. وقد اتهم الرئيس جورج بوش سوريا بأنها "عقبة أمام السلام وعقبة أمام التغيير". كما اتهمت سوريا بفتح حدودها لعبور المقاومة العراقية وإيواء عناصر القاعدة وإخفاء أسلحة الدمار الشامل الأسطورية العراقية وإرسال الأسلحة إلى المقاومة العراقية وإيواء مجموعات المقاومة الفلسطينية والتدخل في السياسات الداخلية اللبنانية.  

أما سوريا فتقول أن حدودها مع العراق طويلة جداً ويسهل عبورها وطلبت من الأمريكيين تقديم المساعدة لها من أجل إغلاق الحدود لكن بدون جدوى.  وحتى وقت قريب كانت سوريا تتعاون مع الولايات المتحدة في "الحرب على الإرهاب" وكانت هي التي سلمت أمريكا أحد أكثر المطلوبين لها وهو أخو صدام حسين. كما تؤكد سوريا على الدوام بأنها قد أغلقت مكاتب الجماعات الفلسطينية في دمشق.  

وأخذ البعض يشير إلى سوريا بأنها "ثمرة ناضجة وسهلة القطف" جاهزة للغزو كما أن الإسرائيليين والبريطانيين والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة طويلاً ما أشاروا في بعض وثائقهم إلى ضرورة الإطاحة بالنظام البعثي فيها. ولنأخذ مثلاً مايلي:  

من أجل تسهيل مهمة قوات التحرير وتقليص قدرة النظام السوري على تنظيم وتوجيه عملياته العسكرية وتخفيض حجم الخسائر والدمار إلى أقل قدر ممكن وتحقيق النتائج المطلوبة في أقصر وقت ممكن، يجب بذل جهود خاصة لتصفية أفراد بعينهم. ويجب إنجاز مهمة التخلص منهم في وقت مبكر مسيرة الثورة والتدخل. ولهذا يجب أن نجعل دمشق تبدو وكأنها راعية المؤامرات والتخريب والعنف الموجه ضد الحكومات المجاورة."  

وعلى السي آي ايه ونظيرتها البريطانية "استخدام قدراتهما على الصعيدين النفسي والعملي لزيادة التوتر" فيما تتطلب الإطاحة بالنظام تمويل لجنة من أجل سوريا الحرة وتسليح فصائل سياسية مختلفة من أجل إعطاءهم قدرات عسكرية لشن حرب عصابات.  

تعود هذه الوثيقة التي تم الكشف عنها مؤخراً إلى عام 1957 وكان قد صادق عليها حينها كل من الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور ورئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان.  

وفي عام 1982 طالبت وثيقة تم إعدادها لصالح المجلس الصهيوني العالمي بعنوان "استراتيجيا لإسرائيل" بالإطاحة بالبعثيين ورفض مبدأ الأرض مقابل السلام.  

ثم تم عام 1996 إعداد دراسة بعنوان "الاختراق الناجح: استراتيجيا لضمان أمن المملكة"  بيد مجموعة من أبرز المحافظين الجدد في الولايات المتحدة لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو زعيم حزب الليكود حينها. وتلك الدراسة تدعو أيضاً إلى إضعاف سوريا وهي الفكرة نفسها التي دعت إليها دراسة أخرى أعدها عام 2000 "مركز المشروع لقرن أمريكي جديد".  

تدرك الحكومة السورية أنها بالكاد مقبولة بعيون القوة العظمى منذ عقد من الزمان وهي القوة التي تتحرك لوضع أقدامها على بوابات دمشق، فما الذي يجعل سوريا مستعدة لجعل نفسها هدفاً للانتقاد عبر قتل شخصية سياسية واقتصادية كبيرة وهي على وشك الرحيل عن لبنان؟ ما هو الدافع المحتمل؟  

ومع ذلك دعونا نفترض جدلاً أن لسوريا دافعها فما الذي سيجعل عملاؤها بحاجة إلى استخدام قنبلة لقتل الحريري وهو الأمر الذي يتطلب قدراً كبيراً من التخطيط والتنسيق فيما يمكن لرصاصة قناص أن تتكفل بالمهمة؟  

تبعاً لتقرير ميليس الأول، فقد كانت الاستخبارات اللبنانية والسورية ترصد كل تحركات الحريري وتتنصت على مكالماته الهاتفية. وفي هذه الحالة كان بمقدور قناص في موقع جيد أن يقوم بمهمته بكل نجاح دون الحاجة لتوظيف كل هذا الحجم من المعدات والبشر في الميدان. 

طيب، لنفترض أن اغتيال الحريري كان مهمة قام بها مجموعة رعناء من عملاء النظام كانوا يحسون بأنهم محصنون من المحاسبة ولا يهتمون بالتالي بتوجيه الاتهام لهم. وفي هذه الحالة ما الذي يمكن له أن يجعلهم يكررون نفس الخطأ حين قتل تويني بالنظر إلى الضغوط العاصفة التي كانت تواجهها سوريا؟  

هناك بالتأكيد الكثير مما يحتاج إلى تفسير لتبرير هذه النظرية، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة شديدة الحرص على إثبات أن سوريا كانت وراء هذه الاغتيالات وغيرها مادام هذا السيناريو يتلاءم تماماً مع أجندتها المعادية لسوريا.  

وفي سياق ذلك اجتاحت موجة من الغضب قطاعاً كبيراً من الشعب اللبناني. ويمكن تفهم المشاعر القوية التي تنتاب اللبنانيين بعد سنوات من الاحتلال السوري الذي جعلهم يشعرون بأنهم غرباء في بلدهم. غير أن اللبنانيين أيضاً، وبدون شعور منهم، يساهمون في دعم مخططات المحافظين الجدد، فيما الطابور الخامس الإسرائيلي الأمريكي في كل أنحاء لبنان يورون نار الفتنة عامدين. 

وتتحدث تريش شوه في تحقيق له في كاونتربانش عن كيف أن أيدي التدخل الأجنبي يصبون الزيت على نيران العداء اللبناني لسوريا.  

وتقول شوه في مقالة بعنوان "تلفيق الدعوى ضد سوريا" إنها قابلت مؤسس أحد مؤسسي خيمة ساحة الشهداء وسألته عن الرعاية الإسرائيلية الأمريكية لما سمي "انتفاضة الاستقلال". 

تقول :"أكد لي الجندي ميشيل سويدان من حزب القوات اللبنانية وهو محاط بالأعلام اللبنانية البيضاء والحمراء بأنه لبناني مسيحي. وقال لي ’إننا نحب إسرائيل. إسرائيل تساعدنا. إسرائيل هي مثل الأم لنا‘." 

وقبل سنوات طويلة من دورها الذي لعبته فيما سمي ثورة الأرز- وهو العبارة الذي ابتدعته وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية باولا دوبرينسكي التي كانت بين الموقعين على المشروع لقرن أمريكي جديد- كانت إسرائيل تمنح الجنسية الإسرائيلية وعشرة آلاف دولار لجنود جيش لبنان الجنوبي من عملاء الجيش الإسرائيلي أيام الحرب الأهلية اللبنانية...، كما تقول شوه. 

بل إن صحيفة نيويورك بوست قد كشفت أن بأن السي آي أيه وأجهزة استخبارية أوروبية عديدة كانت ولا تزال تمول منظمي المظاهرات اللبنانية المناوئة لسوريا لممارسة الضغوط على بشار الأسد. 

كما تبحث شوه في النفوذ السري الذي تمارسه الولايات المتحدة في لبنان عبر زياد عبد النور، ابن البرلماني الثري اللبناني خليل عبد النور. وزياد عبد النور رئيس اللجنة الأمريكية لتحرير لبنان وقد عمل على توأمة منظمته هذه مع معهد أمريكان إنتربرايز الذي يعمل على تنظيم المؤتمرات لكبرى المنظمات وجماعت الضغط اليهودية الأمريكية كما تقول. 

ولعبد النور علاقات مع المنظمة اللبنانية العالمية التي تنادي بعودة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، كما تقول الكاتبة التي تحدثت مع رئيس اللجنة الأمريكية لتحرير لبنان هاتفياً. 

حين سألته شوه عبد النور في نوفمبر الماضي عن الأزمة السورية قال بدون مواربة: "لست آسفاً لها. لست آسفاً لها. نظام بشار الأسد وغميل لحود هذا في سبيله ليذهب سواء كانت الاتهامات صحيحة أم لا. حين ذهبنا إلى العراق بغض النظر عما إذا كانت هناك أسلحة دمار شامل أم لا، كان الأمر المهم هو أننا انتصرنا. وصدام ذهب. كل مانريده سيحدث. 

"وإيران؟ لن نسمح لإيران بأن تصبح قوة نووية. سنجد طريقة لفعل ذلك... سنجد ذريعة للتخلص من إيران. ولا يهمني ما تكون هذه الذريعة. ليس هناك مكان للدول المارقة في هذا العالم. وسواء كذبنا أو لفقنا شيئاً ما أو لم نفعل، ليس هذا ما يهمني. الغاية تبرر الوسيلة." 

وتقول شوه إن عبد النور يفخر بعلاقاته مع الاستخبارات الأمريكية ويقول: "اسمعي، أستطيع الحصول على أكثر المعلومات سرية لدى السي آي أيه من كل أنحاء العالم. إنهم يتصلون بي. زأنا أقدم لهم المشورة. أنا أعلم مالذي يجير، وهذا الأمر سيحدث." 

ثم سألته شوه عما إذا كانت خطته هي مجرد استبدال النفوذ السوري بنفوذ أمريكي أو إسرائيلي، قال: "أنا... نحن... ليست لدينا أي مشكلة مطلقاً في وجود تدخل أمريكي مكثف في لبنان... على المستوى الاقتصادي أو العسكري أو السياسي أو الأمني... أياً كان. إسرائيل هي الولاية 51 في الولايات المتحدة. فليكن لبنان هو الولاية 52 وإن لم يعجب ذلك العرب فهذا شأنهم." 

إن لإسرائيل سجل معروف في تنفيذ ما يعرف بأنه عمليات "الراية المزيفة" والاغتيالات وبالتالي ليس من المستبعد تورط الموساد الإسرائيلي في إلهاب مشاعر العداء لسوريا عبر توريط سوريا في اتهامات زائفة. 

وعلى سبيل المثال كرمت إسرائيل مؤخراً يهود مصريي المولد كانوا المنفذين لما عرف لاحقاً بفضيحة لافون حين تم تفخيخ أماكن بريطانية وأمريكية داخل مصر في الخمسينيات وتفجيرها على امل أن توجه الولايات المتحدة الاتهام للحكومة المصرية وتأخذ الجانب الإسرائيلي ضد جمال عبد الناصر.  

بعدها قامت إسرائيل بقصف السفينة الحربية الأمريكية إس إس ليبرتي عام 1967 والهدف من ذلك كان اتهام مصر بهذه الفعلة، ولكن الذي حدث لسوء حظ الإسرائيليين هو أن سفينة مصرية كانت قريبة من السفينة الأمريكية وساهمت في إنقاذ بحارتها الذين أصبحوا اليوم شهوداً غير مرحب بهم على الهجوم اليوم. 

وهناك أدلة أيضاً على أن الأمريكيين قد استخدموا هذا التكتيك في خليج تونكين لإشعال شرارة حرب فيتنام ويمكن للقارئ أن يقوم ببحث بسيط على الإنترنت للحصول على معلومات عن عملية نورثوودز الفاشلة التي خططت فيها الولايات المتحدة حسب جيمس بامفورد في كتابه "Body of Secrets" لتنفيذ هجمات ملفقة على مواطنين أمريكيين من أجل حشد مواطنيها وراء حرب ضد كوبا. 

دعوني أكرر القول إني لا أريد بذلك الإيحاء بأن أمريكا أو إسرائيل هي التي كانت وراء اغتيال رفيق الحريري ولكن الإشارة إلى أن للآثنتين دوافع لتحريك الشارع اللبناني ضد سوريا وحشد الرأي العام العالمي ضد دمشق. 

كما أن المحامين السوريين يسألون عن سبب عرض قضية اغتيال الحريري أمام مجلس الأمن الدولي في حين أن الاغتيال هو قضية تخص لبنان وسوريا. 

الساسة يتعرضون للقتل في كل أنحاء العالم منذ قرون غير أن تلك الجرائم تخضع للتحقيق الداخلي ولا تحال إلى المجتمع الدولي. 

وعلى سبيل المثال لم تتدخل الأمم المتحدة في اغتيال الرئيس سلفادور أليندي أو الرئيس أنور السادات أو زعيم حماي المقعد الشيخ أحمد ياسين أو تسمسم الرئيس فيكتور يوشينكو. 

كما أن البيت الأبيض لم يشغل نفسه بالوفاة الغامضة للرئيس ياسر عرفات كما لا نزال بعد كل هذه السنين بانتظار معرفة قاتل الرئيس جون كينيدي. إذاً لماذا تحقق الأمم المتحدة مع سوريا وتهدد دولة ذات سيادة بفرض عقوبات دولية وربما ما هو أسوأ من ذلك؟ 

وفيما كان أصحاب المصلحة محتارين من عدم توفر أي شاهد ذي مصداقية، خرج نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام من قصره الباريسي حيث يعيش في منفاه المترف ليحرك الموضوع من جديد. 

وأعلن خدام في لقاء مع تلفزيون العربية في 30 ديسمبر أن بشار الأسد هدد الحريري قبل اغتياله. وقال إن الأسد يحتكر السلطة وإنه الحاكم الوحيد وإنه ليس هناك من قانون في سوريا إلا المصالح الشخصية. 

غير أن دوافع خدام هي محل شكوك خطيرة كما تشير صحيفة نيويورك تايمز في 1 يناير: "إن أقوال خدام يمكن النظر إليها أيضاً على أنها صفعة أخيرة للأسد الذي كان على خلاف مع خدام وغيره ممن يسمون بالحرس القديم ممن أحاطوا بحافظ الأسد حتى وفاته في 2000. وينظر لخدام على نطاق واسع بأنه كان مهندس السياسة السورية في لبنان غير أنه أخذ مع الوقت يزيد من انتقاداته للكثير من سياسات الرئيس الشاب الذي أجبره على الاستقالة من منصبه نائباً للرئيس الصيف الماضي." 

وقد كان رد البرلمان السوري قوياً على أقوال خدام وطالب بمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى. ويقول الكثير من المراقبين إن خدام هو أحمد الجلبي وإياد علاوي السوريين وأنه يريد العودة إلى السلطة على دبابة أمريكية. 

إذا ما كانت عناصر سورية هي المدبرة لقتل رفيق الحريري وجبران تويني بالفعل فإن هذا عمل مدان و تجب محاكمة المدبرين. فالضحيتان كانا رجلين طيبين عملا بجد لتحسين أوضاع بلدهما ولا يستحقان مثل هذه النهاية المؤلمة. 

ولكن إن نظرنا إلى ما هو أبعد من قتل هذين الرجلين الطيبين على نحو مأساوي لوجدنا سيناريو أكبر بكثير آخذ بالحدوث وهو السيناريو الذي إن سمحنا له بالتقدم دون ضبطه فإنه سيزعزع استقرار المنطقة ويرمي بالفتنة بين العرب. 

وهذا هو بالضبط جوهر خطة المحافظين الجدد. هم يريدون مواجهات بين العرب. آخر ما يتمنون حدوثه هو موقف موحد للعرب لأن العالم العربي إن اتخذ موقفاً موحداً فلن يتمكنوا من السيطرة على الموارد الطبيعية في المنطقة وسيؤدي ذلك إلى إضعاف إسرائيل. 

هذه هي الحقيقة. سوريا ولبنان جاران. اقتصاداهما مرتبطان ببعضهما بشكل وثيق شأن ثقافتيهما وتراثيهما. الكثير من العائلات الكبيرة موزعة بين سوريا ولبنان وأي من هذين البلدين لن يختفي. الحدود الواحدة ستجمعهما دوماً. وبالتالي ألن يكون من الأفضل للبلدين إنهاء الأحقاد القديمة والشروع في عملية عفو ومصالحة على النموذج الجنوب إفريقي مثلاً؟ 

لكن مهما كانت عليه حال العلاقات اللبنانية السورية، فإن النفوذين الأمريكي والإسرائيلي مؤكد بأنهما سيدفعانها نحو الأسوأ بغض النظر عن الشكل الذي يأخذه هذا النفوذ والكلمات الودية الذي يوصف به.  

إن عزل سوريا واستعداءها تطور خطير بالنسبة للمنطقة. فالأسد منهمك الآن في حشد ماتلديه من أصدقاء أقوياء في حال تعرضت سوريا لهجوم. ويعتقد برلمانيون روس إن روسيا ستأخذ جانب سوريا في حال حدوث مواجهة مع الولايات المتحدة. 

يقول شامل سلطانوف: "إذا ما تعين على روسيا الاختيار بين حليفيها الاستراتيجيين فستأخذ جانب سوريا بالتأكيد." ويقول نيقولاي ليونوف إن من مصلحة الولايات المتحدة اتهام سوريا بقتل الحريري: "سوريا معبر ممتاز للنفط وذات موانئ عميقة على المتوسط. كما أن هذا يوفر ذريعة جيدة للفت أنظار العالم بعيداً عن مجريات العراق." 

ولنتذكر هذا! ليست الديمقراضية هي ماتريد أمريكا وإسرائيل تحقيقه في لبنان وإنما دعم مصالحهما وهيمنتهما على الشرق الأوسط. وما ميليس وتقريره إلى ذر للرماد في العيون ضمن خطة خبيثة. وإن سارت الأمور حسبما هو مخطط له فلن يكون هناك من فائز إلا الولايات المتحدة وعميلتها إسرائيل. فهل ستذرف الاثنتان الدموع إذا ما تشظى لبنان وسوريا واجتاحتهما الفوضى؟ ماذا تظنون؟

أعلى | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور

الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289